الفصل الثالث:-
" يمام ... يمااام انظر للصورة حبيبي... حبيب ماما .. واحد ... اثنان.... اووووف"
منذ نصف ساعة تحاول امل جاهدة التقاط صورة واحدة له وهو يبتسم على الأقل ... لكنها تفشل عند كل محاولة يائسة منها....
فتتساءل بعجب كيف لطفل صغير بعمره أن يكره التقاط الصور .. بينما ابناء جيله يدمنون على التصوّر ويفعلون أشكالا عجيبة بوجههم !!نظرت امل ناحية روفان التي كانت ترفع رأس أخيها عنوة وتأمره بغضب طفولي الا يخفضهً الا انه كان يقاوم رافضا ...
اطرق يمام براسه ... عابسا ... !أسئلة كثيرة ومقارنات عديدة ... تشغل بال امل مؤخرا... !
تأخر يمام بالنطق مكتفيا بمقاطع مبهمة.... وقد أتم الثلاث سنوات
بينما روفان عندما أتمت عامها الأول كانت تقول
" ماما .. بابا ... هات .. لا ... نعم"
و تبدي تعلقا بها ان لمحتها ...
اقتربت امل من يمام ... الذي دفع روفان وقد ضجر من احاطتها به ،
انخفضت امل على عاقبيها و أمسكته من يديه برفق
ثم قالت له وهي تحرك شفتيها بوضوح " قل ..ماما.. ماااامااا"
لكن صرخة حادة ما صدر منه ....
أعادت تكرار كلماتها ببطء
" ما ..ما ... ماما! "
لكنها لم تلقى اي نتيجة مرجوة ...
زفرة متعبة انسلت من شفتيها....
لكنها لم تيأس وقد وجدت الحل بأن تجعل روفان هي من تتحدث معه ...عل الصغير يفهم على أخته..
تبدلت الادوار...
وقفت روفان أمام أخيها قائلة بنباهة وهي تحرك شفتيها الصغيرتين
" يمام هيا .. قل بابا...."
" بابا..." ..بابا"
كانت تكرر مرارا دون توقف ..
لكن النتيجة كانت افضل والرد كان بمقطع جديد
" بو..."
و ركض مبتعدا .... متملصا من احاطتهما به ، يحلق كالفراشة ويقفز على رؤوس اصابعه مرفرفا بيديه..." بووو... بووو" ....
كانت سعادة امل مشوبة بالإحباط وهو يردد ما سمعه بشكل غير صحيح....
فتقول بسرها أن تربية الأولاد أصعب من البنات !
و يبدو أن طفلها عنيد جدا .... يرفض الإصغاء إليها&&
منذ بدأ الاجازة
قررت أن تستغل الوقت في تعديل المنزل ...
روفان الصغيرة تساعدها بما تقدر عليه طاقتها الصغيرة ...
و تصر على معاونتها ...
ويمام يجلس ساكنًا أمام شاشة التلفاز....
مرت ساعتين وهي منهمكة بالتعزيل ... للحظة شعرت امل بشيء يقلق راحتها...تركت عملها و ذهبت للاطمئنان عليهما
نظرت لغرفة الصغيرة فوجدت روفان تلون بدفتر الرسم
بينما يمام كان مختفيا ... تاركا غرفة المعيشة.. والتلفاز مضاء على المحطة التلفزيونية التي يحبها ...
بدأت تبحث عنه بجنون ...
تكاد ان تفقد عقلها اين أختفى رغم إقفال باب المنزل ؟؟.....
طرفت عينها ناحية غرفة الغسيل...
وجدته يحدق بالالتفاف الرتيب لحوض الغسالة ..
وقفت امل تتأمله بدقة متناهية...
كيف يقرب وجهه من الباب ثم يضحك سعيدا كلما عادت للدوران .....
متمسكا بترديد المقطع نفسه
" بوو..."
كفه تطرق على باب الغسالة التي انتهت من مرحلة الغسل .. يطالب مزمجرًا بإعادة تشغيلها .. ثم يبسطها فوق صدره بحركة غريبة يمسد صدره بسرعة للأعلى وللأسفل....
همست امل بحنان تخصه به
" يمام.. "
طرفت عينه ناحية المكان الذي تقف به ...
لكنه اشاح بصره الزائغ عنها و كأنه تجاهل رؤيتها.... او لم يرها حتى!