الفصل الثاني : ضوء الشمس

18 0 0
                                    

" بينما تحترق النجوم لتعطي ضوءًا لامعا، تنمو زهرة جميلة بدفء أشعتها، لتتبع ضوءها وتتطلع اليه اذا ما حل المساء، حتى وإن انحنيت يا زهرتي، فإن طلوع الصباح لن يتأخر، وسترفع زهرة تباع الشمس رأسها قريبا..."

لن ينكر جاي بأنه وجد كلماتها القليلة لطيفة، مشجعة كما رسالتها السابقة، وملهمة... ثم احمر خجلا عندما لاحظ تفاصيل رسالتها الصغيرة.
نادته ب " زهرتي" للمرة الاولى، هل كان حقا الزهرة في نظرها؟ ربما كان تلاعبا بالكلام فقط، دون ان تقصده بالنداء، لكنه لم يمنع نفسه من الابتسام ببلاهة من هذه الكلمة الصغيرة.
كانت رسائل المعجبين تصله كثيرا، حتى انه يتكاسل في مرحلة ما من قراءتها بأسرها، كلمات محبتهم تتكرر دائما باسلوب مشابه ونبرة مشابهة، الا أن صوت هذه الرسالة كان مختلفا.

كان لها صوت متلألئ، صوت قوي، ويكاد يسمع صوت الكاتب من خلاله، القى نظرة سريعة من حوله ليتأكد بأن احدا لم يره يخجل لقراءة رسالة، ثم دسها في جيبه ليتابع نهاره بابتسامة بلهاء.

واتجه نحو غرفة تدريبه ليعرض على سبينسر شراء كأس قهوة مثلجة ثالث لهذا اليوم.

☆☆☆
-" كأسان من القهوة المثلجة جاهزان "

وأخذهما شاب ممشوق القامة، بعدما شكر صاحبة المقهى بابتسامة، لتتجه هي بفورها لإعداد الطلب التالي.

كانت اشعة الظهيرة تنعكس على اسطح واسقف المقهى، مخلفة مكانها بصمة جميلة، لتترك قبلة بين أجنبه، بينما تصدح اصوات ترنيمات هادئة، وشيء من اطراف الحديث الذي تبادله الزائرون، قبل ان يحصلوا على طلباتهم ويغادروا...

عبق برتقال ملأ المقهى، وفاح عبيره في كل زواياه، طلبه يكاد يجهز، رائحة تهدء اعصابه، ويكاد يشعر بها دافئة عبر النسيم، كان قد حضر الى المقهى ليرتاح قليلا من ضغوطات تزداد وتتكتل يوما بعد يوم، وربما يكون كأس الشاي مهربه من ضجيج العالم.

شيئا فشيئا اخذ يختلي المقهى من زبائنه الذين غادروا لأعمالهم، وبقي هو جالسا بصبر، بينما دخل زبونان جديدان ليقلبا جو المقهى رأسا على عقب، على الرغم من انهما ضحكا عند دخولهما، فلم تكن ضحكاتهما الا ضحكات مستهزئه، وسرعان ما تبدلت الى كلمات وقحة، وانطلقت الشتائم من أفواههما نحو الآنسة صاحبة الشعر الطويل، والتي استقبلتهما بابتسامة لتعد طلبهما. 

لم يصل الى سمع ويني كلماتهما بوضوح، لكن لم يستصعب استوضاح الأجواء المشحونة، وسماع نبراتهما المنزعجة، توقع ان يصمتا بعض الحصول على طلباتهما، الا أن وقاحتهما تعدت حدود الطاولة امامهما، وامتدت يداهما ليضايقا الحسناء.

كاد يتحرك من مكانه ليساعدها، وقبل أن يعتدل في استقامته ويتوجه لمساندتها، عثرت هي بنفسها على طريقة لتلقينهما درسا لا ينسيانه، فبحركة سريعة من يدها كانت القهوة تملأ ثياب اثنيهما، وتقطر على الأرض من بعدها، بينما دفعته بيدها الأخرى ليصطف الزبون الى جانب بقعة القهوة أرضا. 
كادت تهاجمه بقبضتها قبل ان تحضر صاحبة المحل وتسيطر على عصبيتها، ويخرج الشابان بينما لم يتوقفا عن تهديد الانسة التي رمقتهما بازدراء.

وقف ويني مدهوشا، وقبل ان يعتدل في جلسته كانت صاحبة المحل قد احضرت طلبه، كأس الشاي الذي احتاجه في مثل هذا اليوم، وبرفقتها قطعة من كعك البرتقال الذي يتميز به المقهى.

- " عذرا، اظن انكن اخطأتن الطلب"

- " الكعكة عربون شكر وامتنان، لاحظنا استعدادك للمساعدة."

ثم عادت الى مكانها، بينما احتسى ويني فنجانه بهدوء، وعقله معلّق بصاحبة الشعر الطويل، واسترق النظرات بصمت في مكانه، محرجا من أن يسألها حتى عن اسمها.



☆☆☆

☆ :  روح الكاتب تتمنى لك ميلادا سعيدا يا انسة البرتقال 3>

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 20 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الى حقل من زهور تباع الشمس 🌻حيث تعيش القصص. اكتشف الآن