الفصل الأول : فراشات صفراء

28 3 5
                                    

تروي حكايتكم روح الكاتب، مجهولة الهوية التي وجدت في الكون هواية جديدة، رواية حكاية نجم صغير، يشع في كون مليء بالعتمة... صدف أن هذا النجم لم يكن سوى متدرب يحمل حلمًا بأن يصبح مغنيً ناجحًا...

كانت بداية الربيع، فصل جديد، صدف أنه كان بداية فصل جديد في حياة جاي أيضا، بعدما كان رهاب المسرح يلاحقه مطولا، ذلك الفشل عند أقرب نقطة للنجاح كان مدمرا لما تبقى من ثقته، إلا أنه جمع شتات نفسه، كان عليه أن يشكر المعجبين الذين قامو بدعمه، كانت تلك نقطة عودته الى المسرح...

بقلب مثقل بهموم كثيرة، لم يغب عن فكره التخلي عن حلمه الصغير بأن يصبح مغنيا لامعا، هل كانت دموعه في المساء وتعاسته الدائمة لتحفزه للاستمرار؟ هزّ رأسه ليخرج الافكار السوداوية من رأسه، وصعد على مسرحه ليقابل تلك الوجوه المبتسمة.

كيف لاحظ أنها مبتسمة؟
لم يفعل، لكنه تصورها كذلك، لم تكن تفاصيل أي من تلك الوجوه بارزة، أضواء المسرح تعمي بصره الضعيف، الا ان ذلك الشعور المميز بابتسامات المشاهدين كان يصله بكل وضوح.

كان وقتا ممتعا في معظمه، يتخلله دموع أكثر مما تصور جاي، كان شاكرا لكل وجوههم المبتسمة، الا انه عاهد نفسه بأن لا يعود للمسارح مجددا، كرر ذلك في نفسه مرارا بينما يغادره، وعلى وجهه ابتسامة زائفة تمنى ان أحدا لم يلاحظها.

كان على وشك مغادرته حينما لمح بأطراف عينه رسالة، أغلب الظن أن احد المعجبين قد اسندها الى المسرح، كانت مقصوصة بحذر في شكل فراشة صفراء، مال ارضا ليلتقكها، وفتحها على الملأ ليلقي نظرة خاطفة، دون أن يدرك ان هذه الفراشة غيرت فيه كل قرارته المتراكمة.

طرف ابتسامته ارتفع في امتنان، لم تكن كلماتها كثيرة، لكنها تحمل كل ما رغب في سماعه يوما، قربها من صدره في شكر، ورفعها ليوضح لكاتبها بأنها قد وصلته، وصلته الفراشة الاولى في السرب، وبداية داعمة من قلب محب.

على الرغم من انه توقع ارتفاع صوت احدهم اثر رؤية رسالته، لم يزد انفعال الجمهور المتواضع، اثار هذا التصرف تعجب جاي، الا انه احتفظ بالرسالة الى جانبه بينما يغادر.

بينما خرج بين المعجبين متوجها الى السيارة التي تنتظره، سمع صوتا هامسا بين الجماهير الضاجة، صوت لم يتوقع أن يسمعه بين الصخب، لكنه ادرك أنها صاحبة الرسالة.
"آمل أن هديتي الاولى أعجبتك"

التفت سريعا نحو مصدر الصوت، ثيابها الصفراء دلت عليها، لكنها كانت تغادر، لم يتمكن سوى من رؤية شعرها الطويل منسدلل على كتفيها ليغطي شيئا من ثيابها الأنيقة.

لا يزال لغز الفراشة الاولى وصاحبة الرسالة غير محلول، لكنها كانت بداية لجدار الفراشات التي علقها بحرص في غرفته، رسائل تتراكم بحذر، جميعا كتبت بكل حب، لأجل دعمه، ورسالة أولى تقول كلماتها المنقوشة على الفراشة بكل امتنان:
" شكرا لكونك السبب لبداية فصل جديد"

ولم تدرك صاحبتها الا متأخرا بأن هذه الكلمات كانت السبب الذي اقنع جاي ببدء فصل جديد، ومحاولة جديدة لتحقيق حلمه.

كان النهوض في صباح اليوم التالي أكثر سهولة، لديه سبب للنهوض في هذا اليوم، كانت فراشته وحلمه المتجدد سببا في نهوضه مجددا.
لأوضح سوء الفهم، كان اكثر سهولة فقط، لم يمنعه ذلك من العبوس لنهوضه مبكرا، او يثنه من الحصول على خمسة دقائق اضافية من النوم، لكنه نهض بطريقة ما، وجمع شعره في قبعة سريعا عوضا عن تصفيفه.

حاول التذكر مرارا اذا ما كان قد تناول فطوره، لكن اندفاع الادرينالين كان غالبا السبب الرئيسي في توجهه الى الشركة مباشرة بمعدة خالية.

ليبدأ يوما طويلا من التدريب، توجه نحو غرفة تدريبه، هناك حيث يحتفظ باحلامه الكثيرة، واماله المعلقة، لكن صوتا مميزا استوقفه في طريقه، لم يكن قد سمع صوتا انثويا يغني في هذا المبنى الكئيب من قبل، لا سيم مغنية بارعة، لم يحاول ايقاف رغبته بالتطفل، كان يرغب برؤية صاحبة الصوت القوي، لكن من اوقفه كان مدير اعماله، الذي بدا انه حظي ببداية نهار سيئة.

قال سبينسر بينما يبدو عليها الضجر من تصرفات جاي : "ما الذي تحاول فعله الان ؟ "

- " احاول ان اشبع القليل من هذا الفضول"

ثم حاول ان يلقي نظرة مجددا قبل ان يمسك به سبينسر من يده ليجره نحو غرفة التدريب.

-"فلتشبع فضولك لاحقا، هيا لا وقت للتكاسل"

-" من تكون اذا؟ لم اسمع صوتا قويا مثله منذ فترة"

- " تدعى ايف على ما اذكر، مديرتنا لا تصدق بانها تمكنت من ان تحظى بصوت مثلها في شركة وضيعة كهذه"

لم يكن سبينسر يكذب، لكن كلماته لم تكن تكفي لتقنع جاي، فاستغل الاخير الدقائق القليلة من انشغال سبينسر للتوجه نحو تلك الغرفة.

كانت ايف قد انهت تدريبها الغنائي بالفعل، واستوقفها ذلك الشاب المتلهف لمعرفتها خارج الغرفة، ابتسمت محرجة امامه، دون ان تدرك الطريق الطويلة التي عبرها لكي يتمكن من القاءء هذه النظرة السريعة، وقبل ان يغادر المكان مجددا من لقائهما القصير، اوقفته ايف قليلا.

-" اعتقد ان هذه تعود لك "
وعادت نحو الغرفة لتحضر بيدها شيئا عثرت عليه صباحا، اصفر بأجنحة ورقية مميزة...
رسالة جديدة...

الى حقل من زهور تباع الشمس 🌻حيث تعيش القصص. اكتشف الآن