اَلْـوَدَاعُ النِّـهَـائِـيّ

69 8 0
                                    

استيقظ إيزوكو، و اِستكشف مرآه ببطء. كانت الغرفة مليئة بضوء ساطع انساب عبر النافذة، واستحم كل شيء في توهج ذهبي دافئ. كان يحدق للحظة، لكن عينيه سرعان ما تأقلت. وبينما كان ينظر حوله، لاحظ أن كل شيء كان هادئًا جدًا. كان هناك خللٌ ما.

دادزاوا...

اِستقام فجأةً، وألقى الأغطية على عجل. استدار إلى الباب، وشعر بقلبه يغرق في صدره. كان يعلم. كان يعرف حتى قبل أن ينظر.

فتح إيزوكو الباب، واندفع إلى الردهة. كان دادزاوا في المستشفى منذ أسابيع، ويعاني من مرضٍ غامضٍ لا يبدو أن أي قَدْرٍ من العلاج قادر على علاجه. زادت مخاوفه فقط مع مرور كل يوم، لكنه لم يتخيل أبدًا أن الأمر سيصل إلى هذا الحد.

كان صدره ضيقًا وكان أنفاسه قصيرة، حيث ركض إيزوكو في القاعة إلى غرفة دادزاوا. عندما وصل إلى الباب وفتحه، كانت الصورة أمامه صورة الألم والخسارة. كان يرى جثة دادزاوا مستلقية على سرير المستشفى، وجلده شاحب ولا يزال. للحظة، وقف إيزوكو متجمدًا، وشعر بانهيار عالمه أمام عينيه.

هزّ رأسه في حالة عدم تصديق، وببطء، وبشكل مؤلم، اقترب من السرير. نظر إلى وجه دادزاوا، وهو يحدق باهتمام. لم يكن هناك أحد آخر يودعه، ولا أحد آخر يمكنه مشاركة هذه اللحظة معه. وإذا لم يستطع أن يقول وداعًا، فماذا سيحدث لكل الأشياء التي لم يقلها ؟ كلمات الامتنان، الوعد بمواصلة عمل البطل، الحب الذي شعر به تجاهه..

أحنى إيزوكو رأسه، ومسح أصابعه على خد دادزاوا للحظة. أراد أن يعانقه، وأن يحمل الأب الوحيد الذي كان يعرفه عن قرب وأن يأخذ رائحته، لكنه كان يعلم أنه لا يستطيع ذلك. ذهب دادزاوا الآن، لكن ما تركه وراءه كان شيئًا لن ينساه إيزوكو أبدًا. الابتسامة اللطيفة، التعاطف والتفاهم، الحب..








كُلُّ ذلـكَ صار مِن الماضي الآن.. و لا يشهد على ذلك سِوى تلكَ الذّكريــات الّتي ستغمره، حين يلتمس طيف الرّاحِل.. في أشياءٍ عابرة، و في كُلِّ مكانٍ كانا فيه مــعاً، في جَنـبات هذه المدينة، و في حَنايا كُلِّ جزءٍ مِن البيت... لن يَنسَ أيّاً مِن تلك اللّحظات الّتي جمعتهما، في السّرّاء و الضّرّاء، و قد دَعَـما بعضهما البعض دائماً في مِحَنِهما.. و الآن، كان عليه الاِستناد بنفسه و وحده فحسب، لدعم نفسه، في هذه المحنة.. و في هذا الألــم.

الـنَّـجـم الَّذي تَكُونُــه..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن