عودة

119 5 2
                                    

تجلس ليلى على مقعد طاولة الطعام الخشبي ضامة ارجلها الى صدرها ترتدى بنطال قماشي اسود وحمالة صدر زيتية اللون ، تعانق اصابعها عقب سيجارة أوشكت على الانتهاء واليد الاخرى تحمل بها قهوتها السوداء.

تخرج امها فجأة من غرفتها ، تتوجه إليها بثقل وتتحدث بصوت اشبه بالفحيح : اخبرتك ان لا تجلسي فى وسط البيت عارية هكذا ألا نستطيع ان نفتح النوافذ ليدخل الهواء والشمس كباقى خلق الله !
نظرت الى أمها فى ملل تستنشق اخر نفس من مخلصتها تتبعه برشفة من القهوة ومن ثم تتثاؤب وتشد جسمها الى الامام وتختفى بعدها من وجه امها الى غرفتها.

تدخل غرفتها وتلتقط كنزة سوداء تضعها على جسدها وتفتح شرفتها لتقف بها وتشغل سيجارة اخرى وتكمل احتساء قهوتها فى شرود.

تأتى اختها لتقف بجانبها تنظر الى فقرات ظهرها الظاهرة من تحت كنزتها وتتبع بنظرها باقى عظام جسدها لتشعر وكأنها تنظر الى هيكل عظمى وليس جسد اختها الحى، ترفع نظرها الى وجهها وتتأمل بحزن فى هالات أعينها السوداء الناعسة ، انفها الحاد وذقنها الحاد وشعرها اسود قصير مقصوص بعشوائية وبطريقة حادة حادة للغاية ، رفعت يدها ووضعهتا فوق كتف اختها لتقول ببطئ: ليلى
تنظر لها ليلى وهى تحك فكها بإبهام كفها الذي يعانق السيجارة لتكمل اختها وهى تنظر الى مابين اصبعيها : الم اطلب منكِ مرارا ان تتخلصي من هذه العادة ؟
ترفع حاجبيها ليلى وتجيبها : واخبرتك اني سأفعل ياعزيزتى لا تقلقي علي .
  - إذا متى!؟.. الا ترين وجهك فى المرآة كيف ان عظام وجنتيك بارزتين ، شفاهك جافة ومتشققة للغاية ووجهك شاحب طوال الوقت. قالت اختها بإنفعال
نظرت اليها ليلى وصدمة بسيطة تعتريها ، ومن ثم نظرت الى السيجارة فى يدها ، تتركها لتقع وتتحدث ببطئ : اسفة لجعلك تقلقين ، سأقلل منها من الآن فصاعدا.. اعدك.    قالت بإبتسامة
هزت اختها رأسها وقالت : حسنا ، مارأيك أن نخرج قليلا لتغيرين جو البيت .
اومئت لها ليلى وهى ترتشف قهوتها ، فأشارات إليها اختها وهى تقول باسمة: وهذه ايضا ، فلتقللى منها .
  - انتِ تأمرين أمرًا ، ردت عاليها ضاحكة وأكملت : هل ارمى بالكوب ايضا .
  - لترد اختها بضحك ايضا : لا لا ليس عليكِ ذلك اصدقك ... سأغير ملابسي وانتظرك لا تتأخرى علي.
اومئت لها ليلى فى صمت للتركها اختها وتذهب

أثناء سيرهما كانت ليلى تسبق اختها بخطوة او اثنين ورغم محاولاتها باللحاق بها الا انها لم تستطع نظرا لطول ليلى واتساع خطواتها ، بدأت ليلى بالحديث: رزان إلى اين تأخذيننا؟
  - بهذا المعدل انتى من ستأخذينى ياليلى ، هلا هدأتى من سرعتك قليلا!
  - حسنا .. حسنا.
  - والآن اريد ان نتناول الافطار سويا ارجوكى.
  - صدقيني ليست لدى الشهية لأي شئ.
  - لا بأس مارأيك ان نجلس فى الحديقة قليلا.
  همهمت ليلى كردٍ وهى تومئ رأسها

قضيا اوقاتهم فى تأمل صامت تقطعه بعض احاديث رازان فقالت: لمَ لا تتركين العمل واعمل انا بدلا منكِ
  - كيف تعملين وانتِ تدرسين يارازان بالله عليكِ ، ثم ان العمل يقلل من حدة فراغى .
  - اجل ولكنك ترهقين نفسك ياعزيزتى ، كما انكِ لطالما عملتي وانتِ تدرسين مالمشكلة ان افعل هذا الآن.
  - المشكلة أنني اريدكِ ان تكوني في مكان افضل من الذى انا فيه .
  تصمت رزان لا تعلم بمَ تجيب ، تفكر وتفكر ، تريد ان تسأل اختها من جديد وماعيب المكان الذي انتِ به ياليلى ؟
تعملين فى مكان تحبينه لديك شخص يحبك يضحي بنفسه من اجلك ، لديك صديقة وفية لم تلحق بكِ اذى يوما ، ماذا بكِ يا اختى ؟ ارجوكى اعلمينى ، ولكنها تبتلع كلماتها كما غصة حلقها وهى تنظر الى اختها التى اشعلت ثالث سيجارة لها أثناء جلستهم هذه رغم وعدها الذي لم يمر عليه الكثير .
تقوم لتقف وهى تقول لليلى : علينا ان نعود ، امنا لابد انها قد قلقت علينا خاصة ونحن لم نعلمها اننا سنخرج
  - تقصدين قلقت عليكِ .. اجل ... هى فلنعود
  ترد عليها رازان باسمة : هيا لا تكونى هكذا انها امك ايضا وتقلق عليكي كثيرا ، ليس هناك من ام تكره ولدها ياليلى!
تومئ لها ليلى باسمة.

شراع ممزقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن