رحلة

24 3 0
                                    

" يؤلم ، يجعلني اشعر بنبضات داخل عقلي ،،
انه كالنشوة لكن داخل صدرى "

نظراتي مترنحة بين الخضرة من شباك القطار وزرقة عينيها، كيف لها أن تكون بهذا الهدوء ، ألا تعي المصيبة التي نحن بها الآن ؟
كيف لي ان أجر نفسي إلى مثل هذه المسئلة الشائكة ؟ آن ايتها الحمقاء كيف يكون لكي كل هذا التأثير على نفسي !
حتى اني تركت أختي تخرج من المدرسة وحدها اليوم ، وهذا ما لم أفعله اطلاقا فى حياتي ، كنت أخبرتها فى إستراحة الغداء أني لن اذهب للمنزل معها وأني سأذهب إلي أبي وليس عليها إخبار أمي بشئ ، كان حمقا مني أن أعلمها وأن أتركها ، وكان حمقا مني أنجرف وراء رغباتي .
  - إهدئي . ( قالت آن فجأة)
  - كيف أهدأ ، أخاف أن تتأذى رازان من ورائي.
  - لا تقلقي ، سيكون كل شئ بخير.
  - انتِ لا تعلمين هذا.
  - ولكني اثق بحدسي.
  ادرت عيناي عنها فى ملل ، لا جدوى من النقاش مع شخص متفائل وخصوصاً إن كان هى.

بعد أن نزلنا من القطار كانت تمشي بثقة وكأنها تعلم الطريق جيداً رغم انها أول مرة لها تسافر بالقطار كما أخبرتني ، فضلت الصمت على أن اسئلها تفاصيل الطريق ، كان بالي مشغول كل الشغل على رزان ، اخاف ان تؤذيها أمي ، كان كل همى فى ذلك الوقت أن أسمع صوتها ، أما آن فلم تثرثر كعادتها فضلت أن تصمت وكأنها تحترم المعركة الثائرة داخل عقلى ، فقط تسألنى كل حين إن كنت بخير ، تحمل عنى حقيبتى وكأنها تحمل معها اوزار قلبى .

وصلنا حي قديم أول مادخلناه أخبرتني أننا اقتربنا من بيت عمها ، سنمكث به الليلة وصباحا نذهب إلى أبي كما الخطة
  - وكيف سنصل الى هناك، أخبرتك اني لا أعرف سوى اسم الحي الذي يسكن به؟
  - لا بأس سيجيبنا عمي.
  - ألن يستغرب الأمر... اعنى ، كيف إني لا أعلم كيف اصل لبيت أبي.
  - عمي شخص رائع ستفهمين ذلك عندما ترينه ، فقط لا تقلقي ، اتفقنا؟
  امئت إليها فى صمت ، كنا عند السلم وقد صعدت ببطئ وتبعتها ورجفة باردة تعتريني ، افكاري تحاصرني وصوت شيطاني يسخر من إنجرافي وراء الفتاة الجديدة والتي لم تكن منذ فترة ليست ببعيدة سوى غريبة عني!

طرقتْ الباب وفُتح اول ماطرق ، ليخرج منه رجل طويل يبعث عرضه الرهبة فى الأنفس
صرخت هى فجأة "ملاك" وارتمت فى أحضانه ليحملها هو ويدور في الشقة بها ، من ثم خرجت إليهم امرأة يحمل وجهها بشاشة تعادل الدفء الذى أبدته وهي تحتضنها امامي ، كان المشاهد لا يناسب الصليب المعلق على الحائط ولا صور القسسين التى تملئ الشقة ، فدائما ماكان الأمر على هذا النحو " لاتشربى من هنا إنه صنبور المسيحيين ، لاتأخذى طعام من مسيحي ، هشش ألا ترين الصليب المرتسم على معصمها !! "

زادت آن من ربكتي عندما نظرت إلي وفجأة اصبحت كل العيون علي
  - أدخلي يا ابنتي ، نعتذر على تركك عند الباب (قالت عمتها)
  - تفضلي ياعزيزتى (قال عمها والبسمة تملأ فاهه)
 
قدمتنى آن إليهم وقدمتهم إلي ، كانت تناديهم بأسماءهم ولم ادرى لماذا ، "ملاك ، ومريم" ، ومن ثم أخذتني لنغير ملابسنا بأخرى جهزها لها عمها
  - لم اعلم أنك مسيحية (قلت)
  - لست كذلك... ولست مسلمة أيضا ، اخبرتك من قبل أن ابوايا فضلا أن يجوبا العالم على الاستقرار في بلد واحد ، لعل هذا احد اسباب قرارهم هذا ، يقولان انهما يبحثان عن المعنى أو شئ من هذا القبيل ، المهم أنهما قررا ترك اعتناقي لأي دين لي انا ، مسؤليتي... اتفهميني؟
همهمت بأن نعم ولكني لم أفهم حقا من أي عالم قد أتت ؟
الدين يُفرض كاللباس هنا ، القواعد تسن على الجنين قبل أن يولد هنا ؛ إن لم يكن ذكر فهى دون المستوى مسلوبة الإرادة والحرية والقرار .
من أين أتت وفي أي بيئة تعيش؟

شراع ممزقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن