فصل 3 ضباب الذكريات

12 2 0
                                    

إيلان يغادر الغرفة المهجورة بخطواتٍ هادئة، يجري عقله بين حيرة الواقع وتداخل الأحداث. الهواء المشحون برائحة الغبار والرطوبة يلفّ حوله، مبنى المستشفى المهجور يخفي أسراره في كل زاوية. يراقب إيلان الجدران المتهالكة والنوافذ المكسورة التي تسمح لضوء الشمس المتسرب من بين السحب بالدخول.صوت خطواته يتردد في القاعات الفارغة، يشعر وكأنه ضائع في متاهة من الذكريات المتشتتة والأفكار الملتبسة. يصل إلى ممرٍ مظلم يبدو كممرات المشافي، وبينما يتجول في هذا المكان الشبه مهجور، تنفتح أفكار جديدة في عقله.تتبدل الألوان من الرمادي إلى الألوان الزاهية والأنوار الساطعة، ويجد نفسه وسط مجموعة من الأجهزة الطبية المتهالكة، كأنها تذكير بشيء ما من ماضيه الغامض. يتوقف للحظة متسائلاً عن الصدفة التي أوصلته إلى هذا المكان الذي يبدو مألوفًا بشكل مريب."هل تذكر شيئًا؟" يتساءل مع نفسه، لكن لا يأتي إجابة.
 يتجول بين الأجهزة القديمة، يحاول استرجاع ذاكرته دون جدوى. صدى صوت خطاه يملأ الممرات الخالية، وأصوات الزجاج المكسور والحجارة النازلة على الأرض تصطدم بأذنيه كوحش ينبش في مكانٍ قديم للبحث عن أي دليل.بينما يتجول في المكان الذي يشعر بالغموض والتشويش، يبحث إيلان عن مخرج من هذه الغمرة التي يجدها فيها.

إيلان يجد نفسه خارجًا، يستقبله نور الشمس بحدة، ووجهه الشاحب يعكس ضوء النهار الساطع. يضع يده كدرعٍ لحماية عينيه من حرارة الشمس المفرطة ويتجول في المكان. يستنشق الهواء بعمق، لكن المكان المحيط به يبدو غريبًا ومخيفًا.صرخة متوجعة تنبعث من عمق حنجرته، ودموعه تنهمر بلا توقف. "ماذا فعلت؟" يصرخ إيلان بينما تتدحرج دموعه على وجهه، "لا تعذبني بهذا العذاب! ما هي خطيئتي في هذه الحياة الظالمة؟"الصدى يعود بصدى صوته، لكن الصمت الذي يلف المكان يجعل صرخاته تبدو أكثر وحدة. يحاول إيلان فهم سبب وجوده في هذا المكان الذي يبدو كأنه منعزل عن باقي العالم.

إيلان يمشي تحت هذا الضوء الساطع، يحاول استشراف الأفق المجهول الذي يمتد أمامه. لا يعرف ما الذي يبحث عنه، لكن هناك شيء داخله يدفعه للمضي قدمًا، رغم عدم فهمه للهدف الحقيقي.

بعد لحظات، يغلق عينيه بتأني، يشعر بشيء غامض يتسلل إلى ذهنه، يحاول مقاومته، لكن القوة الغامضة تأخذ ملكًا على وعيه. يستمر في المشي ببطء، ولكن في لحظة مفاجئة، يفقد توازنه ويسقط صريعًا على أرض الواقع، يُغرق في أحضان الأرض الباردة.
الهمس يتسلل إلى أذنيه، "أنت في الطريق الصحيح، إيلان. اتبع النور، وستجد إجابات." تبدو هذه الكلمات كصدى بعيد، وفي الوقت نفسه، تترك إيلان مستسلمًا لغموض الرحلة التي يخوضها.

ايلان ينهض بتأنٍ، لكنه يجد نفسه في مكانٍ مختلف، يبصر مشهدًا مروعًا يعرض جريمة قتل. يلاحظ شخصين، أحدهما يقتل شخصا، والثاني يهمس بشيء ما للقاتل. يسارع إيلان نحوهم للحصول على نظرة أوضح، لكن الشخص الذي كان يهمس يلاحظه ويهرب بسرعة. يقترب إيلان من القاتل ويفاجأ برؤية وجهه بوضوح، يجمد مكانه عندما يدرك أن القاتل هو هو نفسه.

يصاب إيلان بصدمةٍ كبيرة، يعود إلى الوراء بسرعة، يتعثر بجثة كانت على الأرض، وبينما يفقد وعيه، يستعرض في ذهنه ما رأى. يستيقظ إيلان من جديد في المكان الذي سقط فيه مسبقًا، يتجمد في مكانه، مُصدومًا بما رأى. هل هذا حلمٌ أم ذكرى؟ يرتبك ويحاول فهم ما يحدث، فقد تبددت حدود الحقيقة والوهم أمامه.


إيلان يقوم بتنظيف ملابسه ويجلس في وسط الصمت المريب الذي يحيط به. ذاكرته تعيد مشهد الحدث الغريب الذي شهده، يحاول بجدية فهم ما حدث. يتساءل عن الشخص الذي هرب عندما لاحظ وجوده، وما الأسرار التي كان يهمس بها.

تتردد الأسئلة في ذهنه، يفكر بكلمات الشخص الذي هرب، ويراجع ملامح القاتل، وهو يحاول جمع شتات الذكريات المشوشة. يحاول إيلان استرجاع أي تفاصيل قد تساعده في فهم ما يحدث، ولكن الصمت الساكن يجعل كل محاولاته بائسة.

"من هذا الشخص؟ وما الذي كان يهمس به؟" يستمر في طرح الأسئلة في داخله، ويحاول بجدية فك رموز الأحداث التي شهدها. تلك اللحظات الفاصلة تظل محاطة بالغموض والتساؤلات التي تضيق به الأفق وتعزز حيرته.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 18, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

خيوط الزمن المتشابكةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن