ذات الضفيرتين

105 5 5
                                    

بهدوء تسير رفقة والدها على جسر تزين بالأزهار الملونة التي عاجلها الندى و انتثر من قطره بين طياتها

تطأ بقدميها الصغيرتين تجاري سير والدها الذي يمسك يديها برفق خالطه الأحكام و كأنه يخشى زوالها

‏ يسيران فوق الجسر الذي يكمن بالقرب من شاطئ رماله بدت كسعجد مذاب و من خلف آفاق البحر قرص الشمس قد غاب

تحيط بكفها الناعم الصغير كفه الذي كان يكبره بكثير أما فستانها اللؤلؤي الرقيق فأخذت نسمات الرياح تحركه بلطف كموج البحر

شعرها الاشقر اللامع الذي يجمع ما بين تموجات لطيفة و حريرية ماثل في لونه أشعة الشمس في بدايات الصباح و انسدل بارتياح حتى وسط ظهرها

عيناها البريئتان خضراء للغاية بلون عشبي عميق جميل و به مسحة من الزيتي الرقيق ترقب بهما وجه والدها سمح الملامح متعب التفاصيل

ثوان هى حتى توقفت و نطقت بصوت مبهج جسد البراءة
" أبي انظر لقد اصطبغت السماء باللون البرتقالي أوليس ساحراً هذا المنظر ؟! " قالت و هى تشير نحو شمس المغيب التي يكاد ضيها يختفي

"بلى صغيرتي أنه منظر ساحر للغاية "رد عليها و هو يرقب مبتسما بعينيه الخضراء الكحيلة السماء التي نشرت أشعتها البرتقالية المصفرة كوداع

عادت ببصرها إليه و أبدت على ثغرها بسمة رفيقة ما فارقت شفيتيها المحمرة كلما نظرت لوجه والدها و كأنها لا تنشد الأمان إلا فيه

مسح والدها على رأسها و هو يرى بوضوح لمعة شعاع الغروب المحمر ينعكس على عدستيها المخضرة حتى أضحت لؤلؤة أخاذة براقة

أكملا سيرهما و قد بدأ الظلام يحل تدريجياً يختفي من حولهما شعاع الغروب بخفة و النسمات الباردة الخفيفة من البحر بدأت في الظهور

هذه المرة توقف الأب بعد أن رأى امرأة شابة حسنة الإنطباع و المظهر تقبع بزاوية على جانب الجسر بمكان مريح محجوب الزوايا و الأركان

تجلس باستقامة على كرسي خشبي مظلل بأغصان متشابكة و منشغلة بتأمل غياب الشمس عن ناظرها
أمامها طاولة كبيرة مكللة بالورود البيضاء و عليها إنتثر زهر جميل بألوان بهية أما من جانبيها شجرتان التف حولهما الورد
و النبات المعرش في شكل قوس حتى أضحى كبوابة صغيرة
تجلس هى أمامها

شعرها الكثيف الناعم منسدل بانسياب على طول ظهرها يشابه خيوط الظلال في هادن الليل بقدر طوله الملفت كان لونه الأسود المعتم بهيا و غريبا زينته بتاج رقيق من أبيض الزهر

بدت مكسورة القلب حزينة الملامح و عيونها السماوية الواسعة تحكي قصة تخفيها الأيام و كأن الزمان قد غزل لها حكاية

مع مجلسها الجميل تراءت كلوحة بديعة الصنع أخاذة تأسر كل من يراها

تحرك الأب بطفلته تجاه السيدة الفاتنة بائعة الورود حتى إذا دنيا منها تحدث الأب باحترام و قال
"مرحبا يا سيدة أيمكننني شراء وردة لإبنتي ؟ " نطق بينما يتأمل الزخرفات الجميلة و البديعة لمجلسها تلاها اختراق عطر المسك لأنفه

ذات الضفيرتين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن