الفصل الثالث.

91 13 9
                                    

الفصل الثالث.
صيدلة "عوف"
كان "فؤاد" يجلس على مقعد مكتبه بأحد أركان الصيدلية يراقب رواد المكان تارة، ويراسل إحداهن تارة أخرى، لتستوقفه تلك الفتاة الجميلة التي لم تتجاوز عامها السادس عشر بعد والتي ولجت إلى الصيدلية بتوتر وارتباك حينما وجدت شابًا همَّ لمساعدتها مرددًا بإبتسامة خفيفة :
  - أؤمريني.

ازدردت الفتاة لعابها بتوتر وهي تجوب المكان بأحداقٍ زائغة باحثة عن أي إمرأة مرددة :
  - مفيش دكتورة هنا؟

تفهم الشاب الأمر وتنحى جانبًا يكشف عن فتاة خلفه مرددًا بود شديد :
  - دكتورة "دينا" خمس دقايق وتكون معاكِ.

هدأت أنفاس الفتاة تدريجيًا وهي تومئ له برأسها بموافقة، ليلج زائر آخر فاتجه نحوه الشاب، لتهدأ الفتاة تمامًا  وتستقر عيناها نحو ما تريده بأحد الأرفف، ليأتيها "فؤاد" بنظراته الوقحة التي استقرت نحو ما ترمقه الفتاة مرددًا :
  - تحبي أجيبلك أي نوع، وأنهي حجم؟

انتفض جسد  الفتاة بتوتر أشد من ذي قبل وهي ترمقه بخجل مرددة :
  - حضرتك أنا مستنية الدكتورة.

التفت "فؤاد" خلفه إلتفاتة خاطفة قبل أن  يستقر بأنظاره نحو الفتاة ثانية مرددًا :
  - أنا دكتور "فؤاد صادق" صاحب الصيدلة، وبما إني عارض المنتجات النسائية دي يبقى طبيعي إني أبيعها وبنفسي كمان، قولتيلي بقا عايزة أنهى حجم؟

علا صوت الفتاة قليلًا وهي تلوح بيدها نحو الطبيبة هاتفة باستجداء:
  - دكتورة لو سمحتِ.

كانت الصيدلانية قد أنهت عملتها وأتتها بإبتسامة خفيفة، لتتجه نحو "فؤاد" مرددة بلطف:
  - تقدر ترتاح يا دكتور وأنا هشوف البنت محتاجة إيه؟

هز "فؤاد" رأسه بموافقة وهو يبتسم إبتسامة نصر فقد إستمتع بهذا الارتباك والتوتر الذي عاشته الفتاة، وهذا ما يُرضيه تمامًا، وغادر مُفسحًا المجال للفتاتين، لتشير الفتاة الصغيرة بيدها تستدعي الأخرى للإقتراب منها وتهمس بأذنها بما تحتاج إليه، لتهز رأسها بموافقة وإبتسامة خفيفة مرسومة على محياها قبل أن تتجه نحو الداخل تجلب ما تحتاجه الفتاة بكيس بلاستيكي أسود اللون، ليجمع "فؤاد" متعلقاته الشخصية ويتجه نحوهما يرمق الكيس بنظرات متهكمة مرددًا :
  - يعني أنا ما كنتش أعرف أجيب لك الحاجة دي!

إستجمعت الفتاة الصغيرة قوتها من وقاحته وشدت جسدها بقوة وهي تلتقط الكيس من الفتاة بإبتسامة شاكرة قبل أن تتجه بأنظارها نحو "فؤاد" تُلقي النقود أمامه مرددة باشمئزاز:
  - فلوسك يا عمو.

وغادرت تحت أنظار  "دينا"، و"فؤاد" الذي ردد بلامبالاة :
  - أنا خارج عندي مواعيد وهتأخر، ممكن مارجعش النهاردة تاني، ابقوا إقفلوا إنتوا.

أماءت له "دينا" برأسها، ليغادر هو ويتجه الشاب نحوها بعدما أنهى عمله مرددًا :
  - راجل غتيت، مش عارف دكتور "عوف" الله يرحمه وافق يجوزه بنته اللي زي الملاك دي إزاي؟

لمعت عين "دينا" بشجن مرددة بحنين :
  - الله يرحمه ويغفر له، ولا كان  في الدنيا زي دكتور "عوف" مش هنسى إنه صرف عليا طول سنين الكلية، وإني اتدربت في الصيدلية طول سنين الدراسة، ومجرد ما خلصت إمتحان ثبتني على طول ، ولو على  الجوازة دي، فأنت ما شفتش دكتور "فؤاد" وهو بيتودد لدكتور "عوف"، كان راسم عليه دور الملاك البريء لحد ما وثق فيه ، وأول ما شاف "هنا" رسم عليها الدور، في عز ما كان الكل بيتنمر عليها حسسها هو إنها أجمل بنت في الدنيا، وإنه بيموت فيها ويتمنى يقضي عمره كله معاها لحد ما حصل فعلًا واتجوزوا.. دكتور" عوف" كان معارض الجوازة في البداية، بس حب "هنا" ليه وتعلقها بيه هو اللي خلاه يوافق في النهاية، ورغم موافقته إلا أنه أصر إنهم يعيشوا معاه في شقته، لحد ما ربنا أخد أمانته وإتوفى وسيطر دكتور "فؤاد" على كل حاجة زي ما إنت شايف .. أتمنى من ربنا إنه يكمل مسيرة دكتور "عوف" ويحافظ على تعبه وشقاه، ويحافظ على بنته وحفيدته.

ضيق الشاب عيناه بتفكير عميق مرددًا بنفي:
  - ما اعتقدش، بني آدم وصولي متسلق زي "فؤاد" مستحيل يكون مخلص في حياته، أو يتقي الله في الأمانة اللي في رقبته، إنتِ ما بتشوفيش نظراته بتبقى عاملة إزاي لما تدخل واحدة ست الصيدلية، كذا حد اشتكى منه.
 
حركت "دينا" رأسها بغضب وهي تزفر زفرة ضيق مرددة :
  - ما تفكرنيش بعمايله السودا، عمري ما هنسى يوم ما "أحمد"  خطيبي جه يزورني هنا وده أول ما شافه قام يستظرف ويلطف معايا، بس يومها ظبطه ووقفته عند حده، والله لولا دكتورة  "هنا" اللي طلبت مني أكون معاكم هنا لـ كنت رجعت الفرع التاني أهو قريب من بيت تيتة، وده اللي "أحمد" فعلًا طلبه مني وأنا رفضت عشان أرد ولو جزء صغير من جمايل العيلة دي عليا.
 
مطَّ الشاب شفته باشمئزاز مرددًا :
  - فعلًا مراية الحب عميا، مش عارف دكتورة "هنا" مش شايفة عيوبه دي كلها إزاي.. ربنا ينور بصيرتها وتفوق قبل فوات الأوان.
 
تنهدت "دينا" بشجن مرددةً :
  - يارب 

نوفيلا / إكسجين للكاتبة /فاطمة علي محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن