فتحت جفناي بـ هدوء ، بـ ملامح جامدة وعينين منتفخة اثر النوم..
اجول بناظري المكان دون تحريك رأسي وشعورٌ موحشٌ يعتليني وشعوري يزداد بأن هنالك سلاسل تقيد جسدي وتثقله ورأسي لا يستعيد سوى صور اخر كابوسٍ انتجهُ ببراعة..
حركت يدي بثقل بعد مده طالت من تحديقي بالسقف ، وكأنها تخص رجلاً ميتاً لشدة ثقلها
زحفت بها إلى هاتفي وسماعاتي الموضوعةِ تحت وسادتي انتشلها بوهنٍ خفيف..وضعتها وانا اناجيها بأن تنسيني نفسي وما يجول بها بموسيقاها العالية علّ حالتِي هذه تنقشع..
وها أنا ذا بعد العديد من المحاولات اهدأ ويتراخى جسدي، فـ ابعد الغطاء واسرع بالنهوض لـ تشغيل الضوء علي ،أريح رأسي من افكاره في الظلام..
اليوم ولأول مرةٍ اشاهد بها الحلم كاملاً وكأني كنت حاضراً معهم طوال تلك الشهور، ولا زالت الرغبة في ان اعرف سبب رؤيتي لتلك الأحلام وأولائك الأشخاص تعتليني..
نفضت كل ما يجول بذهني بهزةٍ خفيفة وارتجلت اخرج من غرفتي بعد اغتسالي متجهًا الى المطبخ الصغير الذي يحتضن قدمي امي فيه طوال وقتها..
"صباحك جميلٌ كـ إبتسامتك"..
قبلت رأسها وباشرت في مساعدتها في تحضير الفطور لأبي..
"إستيقضت باكراً على غير عادتك بني،هل حدث شيئ"..
أردفت تضع ما بيدها وتتجه لي تحاوط وجهي بيداها..
"تلك الأحلام الغريبةُ مجدداً أمي، كلما ذهبت من النوم تسرقه مني تلك المرأة وزوجها"..
اعربت لها عن ما يحدث لي ويرهقني للحد الذي لا أستطيع ان أنام فيه بـ هناء..
على الأقل استطيع البوح لـ أمي بدون الخوف من سخرية احد من خوفي من امرأةٍ تجول احلامي صحيح؟..
"وهل رأيت شيئاً جديداً ام نفس الحلم مجدداً؟"..
سألتني بعد ان سحبتني من يداي لأجلس امامها اجيب على قلقها..
"شعرت وكأني عشت معهم هذه المره لا بل كنت حاضراً ورأيت كل شيئ حدث ،أمي لقد قتلت زوجها ببرودٍ واتجهت للهرب وماتت لـ سقوطها من أعلى الجرف"..
استرجعت الحلم مجدداً ومشاعر الخوف والهلع تجلت على محياي وصوتي الغليظ..
شهقت هي بخفةٍ تبدي رعبها من ما نبست به وهي تتمتم بـ بعض الصلوات والترانيم الغريبة التي لا افقه منها شيئاً ، لطالما كانت امي كذلك تخاف من ذكرِ الموت والقتل ليس وكأنها تعيش في هذا العالم البشع..
" إلهي.. وهل هناك إمرأة تقتل زوجها ولا تهتم."..
بنبرةٍ مهتزة اثر اشمئزازها من هذه السيرة على بكرة الصباح الذي كان ليكون مثالياً لولا ذِكرنا للأمر..
"ليس الجميع لطيفاً مثلك ومتفهماً كـ أبي"..
اسندت يدي تحت ذقني وانا اطالع بها واقارن فرق الحياةِ الحاصل بين سارقةِ احلامي وبين امي ، لطالما كانت هذه الفكرة تشغل بالي حالما أستيقض من احلامي الغريبة تلك كيف ان امي تملك الحياة الجميلة مع أبي وتلك المرأة تتلقى التعنيف من زوجها طوال الوقت ..
ولطالما حمدت الله على أبي وأمي فلو كان غيرهما ابواي لأظن اني كنت سأقطن بالشارع مذلولاً مطروداً...
"دعنا من تلك المرأة ومشاكلها وأخبرني ما تريده على الفطور"..
اغلقت هي الموضوع الذي ظننت انه سيطول لفضول أمي حول كل ما يتعلق بي ولكن يبدو اشمئزازها منه سيطر على عادتها هذه المرة..
" لا بأس أمي ليست لدي شهيةٌ بالفعل كما اني أفضل الذهاب لإنهاء بقيةِ أعمالي فقد تراكمت ويجب إنهاؤها قبل طردي هذه المرة"..
استقمت أغادر بعد أن قبلت جبينها وهرولت لـ باب المنزل خشية تفويت المزيد من الوقت ،يكفي ان راتبي يكاد يعدم من شدة التخفيض الذي أحصل عليه لتأخري..
إرتديت حذائي ولبست معطفي وغادرت المنزل بـ دِفئة وأستقبل أذرعة البرودةِ التي تعانقني بـ حبٍ من طرفٍ يئس فكرة المبادلة..
توقفت قليلاً أرمق الثلج واندب حظي قبيل ان يستوقفني لمعةُ شيئٍ سرق اهتمامي ، احنيت ظهري لإلتقاطه فإذا به قلم..
تجمدت اطرافي وارتعشت شفتاي وتوقف عقلي عن اسقبال اي افكارٍ غير واحدةٍ تصرخ بجنون وترتطم بكل زواياة بـ صخب..
هو نفسه قلم المرأةِ في أحلامي، مرميٌ امام عتبةِ باب منزلي..
..