مر ذلك اليوم على قلب سامر وكأنه وشمٌ رُسم بذلك
القلب الضعيف فلا تستطيع حتى مياه الحياة الباردة
اللطيفة أن تزيله، وكيف رأى كل تلك الحسرات بوجوه
الجالسين وخصوصا والده وأمه .يقف الآن سامر صاحب الثمانية عشر عاما غير مدرك لما
يحدث في حياته من مستجدات ليتخذ قرارا لم يكن
صعبا بالنسبة لمجموعه ذا ولكنه كان حاسما في حياته:
"يبدو أنني لن أفلح في التعليم ولذا لن أكمل فمجموعي هذا لن يوفر لي أي كلية أريدها ولذا سأبحث عن عملٍ وأنجح فيه فلقد خسرت الكثير إلى الآن ويكفيني ذلك".واجه أباه بأنه لن يتقدم ليشارك في الحياة الجامعية
تلك فدرجاته لن توفر له تلك الحياة الجامعية التي يطمح
إليها فردّ عليه أباه في رصانة:
" بُنيّ لقد مرّ شهرٌ على نتيجتك ولم أتكلم معك حتى الآن ولن أتكلم معك بخصوصها وأنصحك أيضًا أن تكون راضيًا، وأمّا عنّي فلا أحتاج إلا أن أراك الأفضل دائما ولذا هذا قرارك أنت ومستقبلك فافعل ما تريد".لم يكن من سامر إلا أن بدأ يبحث من باكر يومه عن عمل يوفر له القليل من الدخل الذي يساعده على مسايرة حياته كباقي الشباب الذين يراهم لم يوفقوا في حياتهم الدراسية .
وهنا لا ننسى صديقه مراد الذي لا يحمل لهذه الحياة ولا لمسئولياتها بالا، فلقد بدأ يبحث مع صديقه سامر عن العمل والذي لم يوفقا لإيجاده إلا بعد شهر من بحثهما .
$أرض زراعية في الصحراء مساحتها خمسون فدانا، يمتلكها طبيب بشري يدعى طارق، اشتراها في الخامسة والأربعين من عمره منذ خمس سنوات تقريبا، يؤجرها لأناس يمنحون للشباب فرص عمل بها، يوم العمل يكافيء مائة وخمسين جنيها، والسكن في منتصف الأرض حتى لا نضيع وقت العمل في السفر، أجازة شهرية مدتها يومين...$
هكذا شرح سامر لوالده فرصة العمل تلك، فما كان لوالده إلا أن يوافق إذ إنه يعلم جيدا كيف أن الحياة باتت صعبة بما تقدمه من فرص ضئيلة للشباب في العمل، وهنا بدأ سامر يستعد لخوض تلك التجربة الصعبة من حياته، بسفر دام لثماني ساعات إلى تلك الأرض واجدًا نفسه أمامها وهنالك من يقابله هو وصديقه كي يعرض عليهما كيفية العمل هناك..
*معكم المزارع خالد وأهلا بكم في مزرعة الدكتور طارق، أولا سنأخذ جولة سريعة في المزرعة ومن ثم سأصطحبكم إلى غرفتكم التي ستعيشون بها .*
لقد كانت المزرعة كبيرة جدا علاوة على ما حوَت من أراضي مزروعة وغيرها من مزارع الدواجن والأبقار والكثير والكثير من المشاريع.
ثم اصطحب خالد سامرا ومرادا إلى غرفتهم التي لم تكن جيدة إلى حد ما، فرغم كل تلك الأملاك التي امتلكها الدكتور إلا إنه لم يستطع توفير مأوى مناسبا للعمال والمزارعين إذ أن الغرفة عبارة عن علبة صغيرة بها سرير واحد يتكون من طابقين، ليست بهذه النظافة المعهودة، علاوة على أن المراحيض مشتركة لكل من يعمل هناك، يالها من معاناة فعلا .
بيني وبينك كان ذلك هو ما يشغل عقل مراد، بينما سامر لم يكن يشغله طريقة العيش بقدر ما كان يشغله كيف يكون متميزا في حياته، كيف يعوض والديه وأهله عن معاناتهم معه، كيف يرد لهما الجميل وكيف أيضا يكون ذلك الشخص الذي تروي عنه قصص الإلهام والنجاح .
حقيقة، لقد كان عملهم ذا شاقا علاوة على أن الطعام لم يكن بتلك الجودة فإن لم تشترِ لنفسك طعاما فعليك أن تكتفي بالعيش المجفف مع الجبن القديم الذي جار عليه الزمان وأقيمت على متنه معارك للديدان .
لقد عاش سامر ليخطط كيف عليه أن يواكب تلك الظروف القاسية وفي الوقت نفسه كيف يدخر ماله بحكمة .
بدأ سامر يخطط في كيفية تحقيق أهدافه وتحقيق النجاح المطلوب، حيث إن مرتبه اليومي كان عبارة عن مائة وخمسين حنيها، والمطلوب يوميا منه هو أن يدخر على الأقل مائة جنيه بمعدل ثلاثة ألاف جنيه شهريا على الأقل، في الحقيقة لقد كان ذلك الأمر صعبا جدا حيث إنه وفي ظرف الغربة الذي تعيشه ذاك مع صعوبة المعيشة يجعل من ذلك أمرا شبه مستحيل .
لكن سامرا بدأ بالفعل يفعل ذلك يوميا على عكس مراد الذي كان ينفق ماله كله بل ساعات ما يطلب سلفة من سامر حتى لا يرجع لأهله شهريا بخفيّ حنين، فلقد كان يشتري علبة سجائر على الأقل يوميا وغيرها مما اشتهاه جهازه الهضمي من الأطعمة التي لا تقل عن الخمسين جنيها يوميا .
يالَخيبة ذلك الفتى الفاشل مراد الذي لا يستطيع أن يتغلب على متطلباته اليومية لمجرد أنّ عليه أن يكون مسئولا ولو لبعض الوقت .
وبعد ثلاث سنوات من الجد والكد والاجتهاد الموصول بجميل الصبر كان سامر قد جمّع لتوه سبعين ألف جنيه وهو لا يزال في سنّه الواحد والعشرين، لم يكن الأمر غريبا أبدا؛ فإني لأرى في حياتي الكثير من الشباب الذين يعملون بنفس كيفية سامر أو بحال أفضل من حاله لكنهم لا يستطيعون توفير ما قد وفّر لا لأنهم ينفقون على أهلهم بل لأنهم يشبهون في تفاصيلهم المملة تلك التفاصيل التي اتسم بها مراد من تضييعهم لفترة شبابهم بما لا ينفعهم بل بما سينغص عليهم حياتهم المستقبلية من أمراض يسببها التدخين وكثرة الأطعمة الجاهزة التي تدمر الجسد يوما بعد يوم .
وإني لأحزن على أولئك الأطفال الذين قد يُخيل إلى عقولهم اللطيفة أن التدخين هو علامة الرجولة الأصيلة وأنه لا رجل يستطيع أن يكون رجلا إن لم يكن يدخن، أحسهم ينتظرون تلك اللحظة - وبلهفة - التي يمسكون فيها عود السيجار وينفخون به أعمارهم .
لا يعلمون كيف أن حياة الكثيرين من هؤلاء الذين ينعتونهم برجال على المحك؛ فهم لم يدرسوا الطب حقا حتى يروا تلك المستشفيات الصدرية المليئة بأصحاب الأورام الخبيثة التي احتلت رئاتهم فهشمتها ودمرت ما فيها، وإني لا يسعني أن أتكلم عن التدخين في هذه القصة إلا إن شخصية مراد دائما ما كانت تحتل عقلي بهمومها وكيف أن الشباب الصغير يضيّع بيديه حياته .
أنت تقرأ
ثانوية خاصة
Phiêu lưuالسلام عليكم »» #ثانوية_خاصة««😄 دي قصة بسيطة كدا مع شاب 18سنة اسمه سامر هيشاركنا قصة كفاحه، وإزاي أثبت للجميع انه النجاح لا يتعلق بتاتا بالثانوية العامة اللي مسببه رعب لكل طالب بيدخلها.. وإزاي قدر يتحول من راسب فالثانوية لإنسان مكافح قدر بفضل ربه...