الفصل الثاني«حصاد الراحة المبذولة»

157 21 0
                                    

وهنا تحول الحلم المخيف الذي أبكى سامر إلى حقيقة
فعلية، فها هو ذا قد دخل غرفته ليتهيأ لأولى امتحانات
الثانوية العامة غير مدرك لما سيفعل في الغد، لدرجة أن
صديقة مراد من خيبته قد اتصل بسامر ليسأله:
"يا سامر هل سنحتاجُ إلى الآلة الحاسبة غدًا؟"

فأجاب سامر في غضب:
"ألا تعلمُ أن غدًّا هو امتحان اللغة العربية يا مراد، أتريد استفزازي فقط.."

رد مراد في دهشة من تصرف صديقه قائلًا:
"هدّىء من روعك يا فتى، لم أكن أعلم أن الأمر سيزعجك لهذه الدرجة، ولم أنتبه أن غدًا سيكون امتحان اللغة العربية، وجيدٌ أنك أخبرتني فلقد تركتُ عمل الشيفرات الخاصة بها لكنني الآن سأبدأ فيها، ولكن أنتَ لم تجبني بعد يا سامر، أنا لا أمزح!!"

رد سامر بصوتِ استسلام لصديقه:
"لم أجبكَ عن ماذا يا مراد؟!"

أجاب مراد في استفهام قائلًا:
"عن الآلة الحاسبة، سنحتاجها غدًا أم لا؟"

اكتفى سامر بإغلاق الهاتف سريعًا فيكفيه توتر امتحان الغد وهو غير مستعدٍ لتلقي أي استفسارات أو أسئلة زيادة عمّا سيتلقاه في الغد..

الآن وفي غرفة سامرٍ يتكرر نفس الأمر حيث أحضر سامر الكتاب إلى المنضدة ثم جلس إليه وبدأ يبكي ظنا منه أن تلك الدموع المتساقطة ستفتح إليه تلك الفجوة من جديد ليرجع هاربا إلى عالم اللامسئولية مرة أخرى قائلًا في حزن ورجاء:
"هيَّا أيها الكتاب لتنر كما فعلت قبل ولتلتهمني كي أستيقظ فزعا من النوم فأحمدَ الله أني كنتُ أحلم فلست مستعدًا لتلك اللحظة بتاتًا وأنا أعدك سأجتهد المرة القادمة، ولكن رجاءً لتفتح عالمك المخيف ذا أريد أن أحلم كما كنت.."

لكنه لم يكن يعلم أن ذلك البكاء سيضيع عليه وقته حتى يخلد بهدوء إلى النوم مستيقظا على همساتِ أمهِ في الثالثة فجرًا تنقله من على مكتبه إلى السرير كي يرتاح أكثر وهي تقول:
"وفقكَ الله بفضله يا بني وعوّض جهدك ذا خيرًا فأنت تسهر حتى ليلة الامتحان، أعتقد أنك ستحقق ما سعيت له طوال السنة وسأدعو الله لك بذلك كي يكلل جهدك وتعبك ذا.."

وقعت تلك الكلمات على قلب ذلك الشاب النائم وقع ألمٍ وابتلاء وهمّ فهو لم يفعل ما تقوله أمّه بتاتًا بل إن مجهوده كان في إنفاق أموال أبيه على ما ضرّ وخرّب..

في صباح اليوم التالي، وإذا بهاتفه يصرخ معلنا ساعة الاستيقاظ، فها هو المنبه يرن بأعلى صوته حتى تدخل الأم لتغلقه وتبدأ بهدوء في إيقاظ ابنها:
"استيقظ يا حبيبي فاليوم يومك وإني لأتمنى أن يوفقك الله، فلقد تعبت السنة واليوم سيكلل نجاحك ذا، هيَّا استيقظ عزيزي".

هنا يفيق سامر مستسلما إلى الواقع وكيف أنه سيخيب آمال والداه التي لطالما ظل يبنيها لابنهما، فلقد انتهى للتو كل شيء..

وأمه التي لطالما كانت تريد أن تبادر ابنة عم ابن خالة عمتها بنجاح ابنها وتفوقه وكيف أن اختها قد حجزت له ابنتها كي يتجوزها حيث قالت له في آخر مقابلة عندما كانوا ينعتونه بطبيب العائلة القادم:
"لقد أنجبت لك من البنات أربع كي لا يكون لك في الزواج حجّة ولتختر من تشاء منهنّ وإن لم تعجبك خذ الأخرى طالما كانت في الضمان، والإصلاح مجانًا يا ابن اختي الغالي".

ثانوية خاصةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن