الفصل الثاني عشر
كاره النساء
في عشية وضحاها فوجئت نريمان بمالك يصرف الخدم، ويطلب منها أن تقوم بكل الأعمال المنزلية، تكنس وتمسح وتطبخ كيف لها أن تفعل كل ذلك؟ وهي لا تجيد أي عمل من أولئك، حتى عندما هبت أن تعترض وتقول له:
-ازاي انا اكنس وأطبخ وأمسح وأنا متعوتش أعمل الحاجات دي..الخادمين ال كانوا بيعملوها ولو سمحت بقى ترجعهم.فكان رده أنه جذبها من شعرها وظل يهزها بعنف ويصرخ بها ثائرا:
-أسمعي أنا محبش الحرمة بتاعتي تعصالي أمر..وال حجولك عليه تنفذيه من غير مجاوحة..خابرة ولا لاه..والا قسما بالله لو اتعوجتي لحتنضري مني ال عمرك منضرتيه.ثم دفعها بعنف حتى أنها سقطت على الأرض.
ظلت تبكي على وضعها..وتسأل نفسها ما به?أصبح حاد معها عنيف..أهذا انتقامه منها على ما فعلته به؟ وهل ما فعلته يستحق كل تلك القسوة.. أنها تلعن اللحظة التي فكرت فيها أن تتزين له كأي زوجة تتزين لزوجها حتى تستميله لها.. وكانت تنتظر منه القبول والإعجاب..بيد أنها فوجئت بردة فعله وكانت أقسى مما توقعته..لقد ظل يصفعها دون رحمة..بل الأنكا أنه تركها دون حتى أن يحاول ايفاقتها..تبكي وتولو وتتألم بمفردها دون طبطبة من أحد ، قامت مغصوبة تفعل شغل البيت على قدر استيعابها.
كانت حائرة كالغارقة في شبر من المياه، لا تعلم كيف تتصرف؟ ولا ماذا تعد له من الاطعمة..انها لا تجيد طهي أي نوع من المؤكلات، فقررت أن تجري تجربة لبعض من الأصناف التي جلبتها من البحث على مواقع المعلومات.. انتهت من اعداد بعض انواع هذه الاصناف..ثم شرعت في التنظيف باقي من الزمن ساعة ثم يأتي هذا الجلف..مر الوقت وعاد مالك ابتسم بسخرية عندما رآها بشكلها المشعث..وثيابها المبللة ووجهها الملطخ بهباب المطبخ..حتى أنه قال في نفسه ساخرا:
-مالكيش غير إكده..كسحة تاخد النسوان كلتها
ثم خطى نحوها واذ بقدمه تنزلق فكانت الأرض مبللة بالماء والصابون، فوجئت نريمان به فانشقت من بين زهولها ضحكة على منظره وهو واقع كالأطفال، فقام لاعنا اياها وعلى وجهه الغضب ضاما شفتيه يخطو نحوها للأنتقام منها.. كفت نريمان عن الضحك وحل محله الخوف منه، تراجعت للخف وهي تبتلع ريقها بقلق..حتى امسكها من ذراعها بقسوة وقال لها بصوت كالرعد:
-أيه ال أنتي مهبابه ديه.. ايه الفوضى دي .
بتلبك أجابت:
-ك كنت بمسح البيت.
بنبرة غاضبة قال:
-وال يمسح البيت ده يشندل حاله إكده يجيب عاليه واطيه..ويكتر الصابون عشان ال يمشي يتزحلج.
طأطأت رأسها تخفي ضحكة عندما تذكرت مشهد سقوطه..ولكنها رفعتها سريعا عندما صرخ بها:
-يلا خلصيني من الفوضى دي..وحطيلي الوكل عشان متدلي تاني ورايا شغل.
-ح حاضر.
لملمت المكان من حولها سريعا..ثم جهزت له الطعام ونادت عليه..وما إن وضع لقمة في فمه..حتى لفظها على المائدة..وراح يسعل بشدة..حتى جحظت عيناه..وبعد أن هدأ صرخ فيها :
-أيه الجرف ال انتي طبخاه ديه..ديه وكل ديه ال انتي مسوياه..مليان ملح وشطة أكل ماسخ ملوش طعم زي ال سوته.
قالت وهي تبكي:
-أنا قلتلك معرفش أطبخ ولا أعمل حاجة.
اردف وهو يشهر سبابته امام وجهها في تحذير وتوعد:
-بجولك ايه..أنا مليش صالح تعرفي تطبخي متعرفيش..المهم أجاي الاجي وكل زين..وبيت نضيف ومترتب، اتعلمي، فاهمة ولا لاه والا ورب العزة لحوريكي ال عمرك ماشفتيه.
كسحة تاخدك وتاخد الحريم كلتها..نسوان فجر.
بعد قوله هذا دفع بالطعام فسقط على الأرض، جعلها تضم كتفيها نحو اذنيها وتغمض عينيها في انزعاج. .ثم تنفست الصعداء عندما انصرف وزفرت في راحة وراحت تغمغم مع نفسها:
-اعمل ايه بقى انا ياربي دلوقت..اصرف ازاي مع الجلف ده..فينك يابابا عشان تخلصني منه فينك ياماما..جلست على المقعد ودفنت وجهها بين ذراعيها وراحت تبكي بقلة حيلة.
*********************************
دلف أكرم الى حجرة جومانة لكي يتابع حالتها، وجدها شاردة، وبعض الدمعات تتلألأ على وجنتيها، قوس فمه شفقة عليها ..ولكن سرعان ما نفض عنه هذا التأثر وقال وهو يبتسم بعذوبة:
-صباح الخير.
مسحت جومانة دموعها بأصابعها سريعا والتفتت له وهي تهمس بضعف:
-صباح النور.
بنفس الابتسامة العذبة:
-عاملة ايه دلوقت.
بنفس الهمس الضعيف:
-الحمد لله.
التقط يدها متأملا ساعته حتى يتابع النبض.. واستطردا في فحصها بقياس الضغط وسماع نبضات قلبها، وأثناء هذا الفحص كانت عيناها بعيدة عنه ود لو نظرت له حتى يغوص في عينيها البريئتين الحزينتين..قال لها حتى تنظر له:
-شكلك مش بتاكلي خالص..طب ده ينفع..مش عايزة تخفي ولا ايه؟
- صرخت فجأة وقالت وكانت على وشك الأنهيار:
-أنا مش عايزة اخف..مش عايزة أخف..وياريت أموت واستريح.
انزعج اكرم من ثورتها فقال وهو يربت على يدها:
-طب خلاص اهدي..اهدي ياجومانة لو سمحتي.
نادى على الممرضة وطلب منها حقنة مهدئة بعد أن حقنها بها ..دقائق معدودة وراحت في ثبات عميق..ثم قال للممرضة:
- خليكي جمبها ولما تفوق تقوليلي عالطول
الممرضة وهي تدثر جومانة جيدا:
-حاضر يادكتور.
أنت تقرأ
كاره النساء
ChickLitامتلأ قلبه بالحقد نحو كل النساء فسار فظا غليظ القلب لا يعرف للحب سبيلا