ملاكٌ مُنقذ!

7 2 0
                                    

أسماء المدينة والشوارع هنا حقيقية تمامًا، ويمكنكم البحث عنها لتتخيلوا المكان.

___________________

"أحب مدينتي جدًا" هذا كل ما كنت أفكر به وأنا أتأمل ممشى "طريق الغروب" الخاص بمدينة "ليلى" مدينتي وحبي الأول، ولعلك حين تقرأ هذه الأسماء تدرك أحد أهم أسباب حبي لها، ليلى، اسم أشهر معشوقة في التاريخ، بل قد صارت رمزًا ليعرّض الشعراء بمحبوباتهم ويحفظوا سرّهم، مدينة صغيرة جنوب عاصمة المملكة السعودية لا يكاد يعرفها أحد يغلب عليها الهدوء حتى ورّثته لأبنائها، هل طالت مقدمتي؟ عذرًا لكني جِدّ أحبها!

أنا سارة، وقبل ساعة من الآن كنت قد سرقت إذن والدتي للمشي في هذا الممشى المنعزل، الذي يقع في ضواحي المدينة وبالكاد ترى أحدًا فيه، هناك رجل قد غزا الشيب رأسه أظنه في نهاية الأربعين، يمشي بصحبة طفليه، هناك امرأة مع زوجها حسب ظني، وأرى بطنها يتقدمها دلالة على توقعهم لمولود جديد، وشاب يلبس سماعات يقطع الممشى ركضًا، كأنه يسخر من كهولة الرجل وثقل المرأة، وهنا أنا، أمشي لا أرى لعينيّ مستقرًا سوى الناس وتأملهم، انتهى البرنامج الرياضي للرجل وطفليه وللزوجين أيضًا، غادروا بينما انضم لنا شاب جديد، تعجبت من عدم ارتادئه لباسًا رياضيًا، لكني أدركت فورًا أنه يحاول مساعدة معدته المثقلة بالطعام حين وقعت عيني على قاعة الأفراح المجاورة لنا، ألم أقل لكم أنها مدينة صغيرة؟ سرعان ما غادر الشاب الرياضي كذلك وبَقِيْت تأملاتي ومعدة الخارج من الزفاف ينعشان طريق الغروب.

دقت الساعة العاشرة لتعلن موعد عودتي كما قررت أمي، سلكت طريق العودة وعيني مثبتة على سيارة الڤان السوداء عند مدخل الحي، لا أخفيكم أنها كانت تثير ريبتي منذ البداية، خاصة وأنها تحفل بوجود ٣ شبان ملؤوا الدنيا ضجيجًا ومظهرهم يوحي بأعتى صور الطَيش، وكما اعتدنا نحن النساء بخيالاتنا المتوقعة للأسوأ، بدأت أُعِدُّ العُدّة: الهاتف على وضع الصامت، الوصول لموقعي مفعّل، رقم الطوارئ جاهز، والساقان المعدتان للركض، وأخيرًا مراجعة الطريق في ذهني.

اقتربت للمدخل مع حرصي الشديد أن أكون بعيدة عن سيارتهم أبعد ما يمكن، كل هذا وهناك صوتٌ في عقلي يذكرني بكل الرجال الذين ظننت بهم سوءًا فاتضح أنهم لا يدرون بوجودي أصلًا! ولكن لا، هذه المرة مختلفة وغريبة، أشعر بأعينهم تكاد تخترقني، بدأت أعجّل في سيري وأتظاهر أني أحادث أحدهم، وكلما استعجلت شعرت بهم يقتربون أكثر، الآن بتّ على يقين!

التفت خلفي ورأيت المسافة بيننا تتناقص، أطلقت ساقاي للريح وبدأت أركض وأدعو الله أن يحفظني، لن ألتفت للخلف لأن من يلتفت يتعثر، ومن يتعثر يُقضى عليه، ركضت كالصاروخ وقد أدهشتني سرعتي، بدأت أقترب من البيت، الأمان! بدأت دقات قلبي تنخفض لهذا الشعور اللذيذ، ولكن! كيف أصبحت سيارتهم أمامي! هل جعلوا أحدهم يطاردني والتفوا من الخلف لأقع في المصيدة؟ حتمًا هذا لن يحدث بدأت أركض وأنا أبحث في ذهني عن ثغرات الطريق، الآن اثنان يمشيان أمامي بسخرية، والثالث يركض خلفي ليمسك بي.

لا أعلم كيف، لكني وجدتني جاثية على الأرض وتتجاذبني يدان من ذراعيّ، الثالث كان يُعِد السيّارة للانطلاق، سمعت صوت أحد يصرخ ويركض نحونا، التفت لأجد الشاب الخارج من الزفاف يتجه نحونا ويتوعدهم، لأول مرة أرى ملاكًا راكضًا! نعم لا أراه الآن إلا الملاك المنقذ بعد أن كان المعدة المثقلة! أحاول تخليص نفسي وأنا أتمنى أنه قويّ بما يكفي ليتصدى لهم، الطائش خلف عجلة القيادة يستعد للنزول إن استدعى الأمر، وأحد اللذان يمسكان بي رماني على صاحبه ليتصدى لملاكي، لا زلت أحاول المقاومة حين وصل، اندفع ليضرب أحدهم بكل قوة حتى أطاحه أرضًا، نزل السائق ليعين صاحبه، وانهالوا على المسكين ضربًا، كنت أصرخ أطالب أن يتركوه، شيئًا فشيئًا شعرت بالخدر، بارتخاء جسدي، هل هو الموت؟ أنا حقًا أتمنى ذلك!

_________________________

نهاية الفصل الأول 👀

ما توقعاتكم يا قرائي المئات حول الأحداث؟ هل أعجبتكم مدينتي؟

أسعد بآرائكم 🤍.

الرقم الحقيقيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن