قبل عامين تقريبًا كنت في ثاني سنة من دراستي لتخصص "لغات وترجمة" اخترت هذا التخصص لهوسي الشديد بالثقافات المختلفة ورغبتي في معرفة النتاج الثقافي للعوالم الأخرى وبث الصالح منه إلى عالمنا العربي، وأيضًا كنت أرى أن هناك الكثير من التقصير منا نحن العرب في ترجمة تراثنا العريق والثري ترجمة تليق بنا، دون أهداف استشراقية أو أغاليط تاريخية، هذه الرغبات التي كانت تطيّب في عيني سهر الليالي وكَدّ الساعات، هي ذاتها التي عرفتني على مصعب ..كما كان نشاطي لأهدافي في الواقع، كنت أضعاف ذلك في العالم الافتراضي، وخاصة عالم العصفور الأزرق -الذي تم تغييبه حاليًا إلى المجهول (X)- وبالتالي كان لدي عدد لا بأس به من المتابعين الذين يتفاعلون مع تغريداتي ومناقشاتي، من بينهم كان مصعب، مصعب يبلغ أربعًا وعشرين سنة يدرس الهندسة الكهربائية، وهو يعيش من أجل شيئين: الدراسة، الاعتراض على منشوراتي، هذه كل المعلومات التي حصلتها من صفحته الشخصية، وقد ضغطت زر المتابعة بعد نبشها لسبب بسيط: اعتراضاته تخرج أفضل آرائي دائمًا، لذا فلا بأس، فليعترض ويمرن قلمي وفكري كما يشاء!
الأشهر الثلاث التي تلت هذه الخطوة فاضت بالنقاشات في كل مكان، أنا كنت دائمًا أميل إلى نظرية المؤامرة، وأننا ملوك الماضي والحاضر لولا تكالب الأمم علينا، بينما يرى هو أن الماضي كان طفرة، وأن الحاضر والمستقبل أبدًا يتجه غربًا، وأن الدول المتقدمة لديها من الهموم ما يشغلها عنا، كانت هذه النقاشات تحدث في التعليقات، في الرسائل الخاصة، في بثوث "كلوب هاوس" حين اشتهرت، وتضمنت أيضًا العديد العديد من المراجع وتوصيات الكتب، لم نكن أعداءً كما توحيه نقاشاتنا، ولم تكن قاسية أو عنيفة، كانت حقًا نقاشات راقية ومليئة بالثقافة والعلم، ورغم أني في أحيان كثيرة ظننت أنها عقيمة ولا فائدة منها مع هذا الإنسان المنبت عن أصله، إلا أني ومصعب وجدنا أنفسنا شيئًا فشيئًا نقف على أرضية مشتركة.
لا أريد أن أطيل عليكم بآراءٍ فلسفية، فالمهم أنكم عرفتم الظروف التي جمعتنا أولًا، والحق أن وجوده ونقاشاته هونت علي الكثير الكثير مما كنت ألقاه في حياتي الواقعية، ابتداء من وفاة والدي، والمشكلة التي فرقت بيننا وبين أختي، وانتهاءً بتأثير كل هذا على درجاتي الجامعية إلى حد لم أكن أتخيل الوصول إليه، وكانت نقاشاتي مع مصعب تهدئني كثيرًا وتخرجني من كل هذا التوتر.
بعد قرابة السنة دق ناقوس الخطر، لا أعلم الوضع لدى مصعب لكنه خطير لدي، فهناك مشاعرٌ بغيضة بدأت بالتسرب! أحسست وقتها بفداحة ما قمت به، كل تلك النقاشات مع غريب؟ من أظن نفسي؟ ومن ثم هذا الشعور الأحمق بالإعجاب! هل أعرف مصعب حقًا لأعجب به؟ هل صدقت ما أظهرته لي الأحرف؟ وهل هو إعجاب أم شيء أكبر؟
كنت متخبطة حقًا، شيء ما كان يدفعني لأبتعد وأهرب، يخبرني أن هذا مجرد مشاعر إعجاب ساذجة ستزول وتُنسى ما إن ابتعد صاحبها، وشيء آخر كان يتشبث بقوة وبضراوة، وكان يثبت نفسه بأعلى صوت مع كل رسالة، ويبحث عن كل لمحة ليفسرها كيف يشاء، كنت دائمًا ما أسأله: إلى أين ستأخذني أيها القلب الأحمق، لنفترض أن دقاتك هذه تعبر عن ذلك الشعور المقدس "الحب" إلى أين تريد أن تذهب بي؟ إلى الاعتراف بوجوده؟ والتعامل معه كما في الروايات؟ أنت تعلم تمامًا أن هذا مستحيل، وأن كبريائي يمنعني من الذهاب أبعد من هذا، وأني أرفض أن أكون في دورٍ سوى المحبوب، والذي يُسعى له ولا يسعى!
حقًا هذا ما كنت أردده لنفسي، قد تتفقون معي أم لا، لكن هذا الدور الذي لا أرضى لي سواه، وأرجو أن لا تعتبروه غرورًا وتبجحًا، ونعم كما تظنون، كان نداء الكبرياء أقوى من كل شيء.. فهربت، كتبت رسالة وداع قصيرة أرغمني عليها قلبي الضعيف، على عجل وبلا تفاصيلٍ كتبتها، وذيلتها باعتذارٍ صادق، وأغلقت بعدها كل الأبواب .. إلى الأبد!
أو هكذا ظننت، إذ كان رأي الأقدار مختلفًا ..
___________________________
مرحبًا قرائي المئات! كيف حالكم؟ كيف وجدتم سارة؟
في ما يخص النقاشات، مع أي الطرفين تتفقون؟ وما هي الأرضية المشتركة التي قد توفّق بينهما؟ هل ترون سارة أخطأت في نقاشاتها؟
تصرف سارة مع مشاعرها؟ وفكرتها لموضوع "الحب"؟
كيف تتصورون شخصية مصعب؟
أسعد بآرائكم✨.
أنت تقرأ
الرقم الحقيقي
Actionأن ينتقل الأشخاص من عالم الأرقام إلى رعب الواقع، وأن يجتمع الشتيتين رغم كل الظروف النافية للاجتماع، وفي أحلك اللحظات، هذا ما لم تتخيله سارة! ____________________ القصة ليست محصورة على البالغين ولا تحتوي على مشاهد عنيفة أو غير ملائمة، لكني وضعت التصن...