عودة إلى المشهد الحالي:
_________________________الصدمة أكلت لساني وكل خلايا الإدراك لدي، لم أتخيل أن الشخص الذي أتلصص على أخباره لأطمئن، والذي أحفظ أسماء حساباته لأروي بعض شوقي حينًا بعد حين، الشخص الذي أخدع نفسي بمحاولات نسيانه، هو هنا الآن! وكأنه يصر على لعب دور المنقذ في كل ما يجمعنا، هل ميّز صوتي؟ لا أظن ذلك فلم تتيسر له فرصة سماعه سوى مرتين أو ثلاث في بثوث متفرقة.
لا أعلم كم استغرقت تأملاتي، لكنها كانت كافية ليقرر جوالي المخلص أن مخزون وفائه انتهى، وتنتهي طاقته معه، أغلق بابه في وجهي ووقف مع الأشرار بثقة وشموخ، وبينما أحاول استيعاب الصدمات المتكررة، توقفت السيارة وسكنت معلنة وصولها إلى وجهتها، فُتح باب السيارة فارتميت كجثة لأراقبهم ولأقيم الموقف قبل اتخاذ أي ردة فعل، ويبدو أن مصعب لاحظني بسرعة وعبر عن إعجابه بتقليدي، أعتذر يا أشرار؛ يبدو أن عليكم التعامل مع جثتين ومعدة لم يُخفف عنها بعد!
حُملنا كالخراف إلى غرفة مليئة بالأثاث المغبر والمرمي بإهمال مما يدل على استبداله بآخر حديث، وصلنا إليها مرورًا بحديقة اصفر عشبها وهلك عطشًا، كانت الغرفة منعزلة في طرف الحديقة، ويقابلها في الطرف الآخر مبنى فيه العديد من الغرف، يدلك على كثرة الاستعمال، سمعت ارتطام جسد مصعب على الأرض فاستعديت لكتم صرخاتي، لكن يبدو أنهم يختصون القليل من لطف الفرسان للسيدات، إذ رموني بكل قوتهم لكن على الأريكة وليس الأرض، يا للنبل! أتقنت دور الجثة بكل براعة هوليودية حتى كدت أصدق أني وضعت بكل رقة على كيس قطن، وأن هذا الألم لا علاقة له بظهري الذي كاد ينكسر، أنا جثة هذا ما أصدقه.
بعدما شعرت بذهابهم وهدوء المكان، فتحت عيناي جزئيًا أتأكد أن لا أحد يراقبني، وقد كان الباب مفتوحًا مما سمح بدخول الإضاءة، التفت على مصعب لأراه قد التفت لي يستعلم عن الخطوة التالية، أعدت تثبيت نظري على الباب وأنا أفكر، هل من الصواب أن أطمئن عليه؟ لم أستطع تجاوز قلقي فسألته "أنت بخير؟"
"لو تجاوزنا كسرًا في العامود الفقري، مع ارتجاج أسفل الجمجمة، نعم أنا بخير، ماذا عنك؟"
"لا بأس بي" ..... "شكرًا لك، وآسفة عمّا حل بك"
لم يجبني، وكنت أعرف أن هذا رده على الكلام الذي يغضبه -وقد غضب جدًا حينما شكرته على ماكان يعتبره بدهيات الرجولة- لا يجد مصعب ما يصف به شعوره عادة، حاله حال أي مهندس .. لا يجيد التعبير ويبحث عن الحلول العملية! تجاوز امتناني لوضع الخطط وقال:
"انتبهت لما فعلتِه في السيارة، وأعلم أنه لم يكن عويل امرأة مرعوبة، هل استجابوا لك؟"
أنت تقرأ
الرقم الحقيقي
Aksiyonأن ينتقل الأشخاص من عالم الأرقام إلى رعب الواقع، وأن يجتمع الشتيتين رغم كل الظروف النافية للاجتماع، وفي أحلك اللحظات، هذا ما لم تتخيله سارة! ____________________ القصة ليست محصورة على البالغين ولا تحتوي على مشاهد عنيفة أو غير ملائمة، لكني وضعت التصن...