"انقاذ روح"

662 20 13
                                    

" صباح الخير يا ست الكل "
هتف بها محمد وهو يتجه نحو والدته لكي يقبل يديها
لترد عليه والدته بحب قائلة :
" صباح الفل يا نن عين ست الكل "
" ايه ده ايه ده ، دلوقتي بقى حبيبه امه ، اه ما هو من لقى "محمد" حبيب القلب نسي ولاده كلهم "
قالتها لارا بغيظ مصطنع يشوبه المزاح
ليجاريها في الحديث شقيقها "تيم "قائلاً وهو يلوك الطعام في فمه :
" عندك حق يابت يا "لارا" والله "
ليرد عليه شقيقه "تيام" وهو يرمقه بـ اشمئزاز  :
" قولتلك مليون مرة بطل قرف وابلع الاكل ، وبعدين ابقى اتنيل اتكلم وقول اللي عايز تقوله "
ثم تلاه محمد وهو يقول :
" لا ده انتوا باين عليكوا عاملين عليا عصابة بقى ، لا انا مش فاضيلكوا ، هروح اشوف شغلي "
لتقول والدتهم بحمائية _ مصطنعة_ تدافع عن ابنها :
" ولااا انت وهي ، سيبوا اخوكم في حاله ، ملكوش دعوة بيه ، وطالما غيرانين منه اوي كده ، اعملوا زيه وحبوني "
لتقول "لارا" وهي متصنعة الصدمة
" بقى كده!! "
ليجاريها شقيقها "تيم" في الحديث يقول بـِ طريقة درامية
" يلا يا بنتي ، احنا ملناش مكان هنا "
ليضحك عليهم الجميع بسبب مشاكستهم التي لا تنتهي
ليقول محمد لوالدته :
" عايزة حاجا يا ما…
ليقاطعه صراخ "لارا" وهي تهرول نحو والدتها قائلة :
" ماما ، ماما ، النتيجة ظهرت "
لتقول والدتها بلهفة : 
" افتحي الموقع بسرعة "
لتقول بقلق بلغ حده لديها وقد بدأت الدموع تتلألأ في عينيها :
" انا خايفة اوي يا محمد "
ليطمأنها شقيقها وقام باحتضانها ، ومن ثم جذب منها الهاتف لكي يبحث عن نتيجتها حتى وجدها ، ثم هتف فرحة عارمة وحقيقية ظهرت في صوته ، وعاود احتضانها مجدداً :
" 98% يا اشطر لارا ف الكون كله "
لتبكي في احضان شقيقها ولسانها لا يتوقف عن ترديد الحمد بكثرة ، شاكرة ربها على كرمه عليها ، ف هي لم تتوقع أن تكون ثمرة جهودها هكذا ، ليتضح ان مَن اجتهد وثابر لكي يصل إلى حلمه وتوكل على ربه ، لن يرده ربه خائباً الرجاء وسيعطيه من واسع كرمه
لتقول والدتها بسعادة و راحة ظهرت في صوتها
" شوفتي يا حبيبتي ، مش قولتلك إن ربنا مش هيضيع تعبك وهيجبر بخاطرك ، ربك كريم ، واهو كرمك يا بنتي "
احتضنت والدتها كثيراً وهي تلقي على مسامعها كلمات كثيرة تشكرها بها ، ف هي لا تنكر أنها ما كانت لتحصد هذه الثمار لولا وجود والدتها بجانبها ودعمها وتشجيعها لها.
ومن ثم علت الزغاريد المكان لتضيف عليه البهجة ، وتنهال المباركات على "لارا" من عائلتها الحبيبة ، مَن كوَّنوا لها جيشها الوحيد.
ليبدأ "تيام" الحديث قائلاً  :
" يبرودك يشيخة ، كنتِ عارفة إن نتيجتك النهاردة وقاعدة تضحكي عادي كده ! "
واكمل يقول بحب حقيقي وهو يحتضن شقيقته :
" بس مبارك يا اشطر كتكوتة ، جدعة بجد يابت بس عملتيها ازاي 98 دي ، ده محدش عرف يجيبها غير محمد وقفلت علي كده"
ثم يقول آسر شقيقها بكل الحب الذي يملكه لشقيقته في قلبه :
" دلوقتي بقى منقدرش نقولك يا بت تاني ، مفيش غير دكتورة لارا راحت ، دكتورة لارا جات ، وهتقرفينا ، بس على العموم ، مبارك يا حرباية انتِ...قصدي يا دكتورتنا"
ومن ثم قام بتقبيل ايدي شقيقته بعدما ختم حديثه .
لتقول لارا بتكبر مصطنع واراه المزاح  :
"ده غصب عنك كده كده ، انا هبقى دكتورة قد الدنيا ، وكلها شهور ولا حاجة والبس البالطو وانور "محمد" حبيبي في المستشفى "
ليقول "تيام"محطماً آمالها:
" ايام ايه يابت وشهور ايه ، انتِ لسة دخلتي اصلاً عشان تتخرجي ، وبعدين "محمد" مين ؟!! ، "محمد" اخونا!! ، لا بتحلمي ده "محمد" طايق نفسه بالعافية اصلاً "
ليقول محمد مغيظاً إياهم بينما يراقص حاجبيه لهم وهو يحتضن شقيقته :
" ولا يهمك يا لورتي ، انتِ شاوري بس وانا تحت امرك ، ولو عايزة مستشفى مش هتاخر يستي"
ليحدق فيه "تيام" رافعاً احدى حاجبيه ، ليقطع صوت "تيم" وهو يقول بضحك فقرة التحديق هذه :
" يا جدع الدكاترة كترت في العيلة دي والواحد بقى مكسوف من نفسه اوي ، قال وانا وانتَ يلا يا "يزين" داخلين فنون جميلة عشان بنحبها ، على اساس اننا هنبقى فنانين وكده يعني ، وواحد تاني مهندس وخلينا إحنا في الرسم ياعسل "
ليرد عليه "تيام"بتعالي وكبر مزيفان :
" يا غبي ده اللي معرفوش يعملوه ، إحنا عندنا موهبة ، فكرك اي حد بيعرف يرسم يعبيط انتَ ، متقلش انتَ بس بينا ابوس ايدك"
قطع مزاحهم صوت محمد الذي قال بحزن جليّ :
" ماما هي "حوا" مكلمتش اي حد منكم ، او حتى مجاتش النهاردة؟ "
نظرت له والدته بأسى من الحزن البادي على وجهه وقالت :
"لا يا حبيبي"
ليقول آسر موجهاً حديثه لشقيقه :
"محمد انت شديت عليها جامد امبارح ، وانت عارفها حساسة ومبتحبش تزعل حد بس...
قاطعه صوت محمد الذي قال بـ إنفعال:
" بس ده علشانها ، علشان مصلحتهــا ، عشان خايــف عليها يا آسر ، عشان كنت هشوفها هتموت قدام عينــي ، ايـه ؟! ، كنت عايزني اسكت ولا ايه؟؟ ، كان لازم اقولها كده ، كان لازم افوقهــا "
زفر آسر بضجر من أفعال شقيقه وهو يغادر المكان و :
" اللي يريحك اعمله ، بس قبل ما تتكلم ، فكر وشوف كلامك رايح فين عشان مشاعر اللي قدامك! "
ليقول محمد بتجاهل لحديث أخيه:
" امي انا هروح الشركة اشوف الاخبارك هناك والوضع وصل لفين ، وبعدين هطلع على المستشفى"
ومن ثم غادر المكان متوجهاً إلى وجهته
لترد عليه والدته بحب وهي تدعوا له من صميم قلبها :
" ربنا معاك يا حبيبي ، ويريح قلبك يبني "
                              ______________________
" صباح الخير يا ماما "
هتفت بها حوا بتعب ظهر على وجهها ، لترد عليها والدتها بحب قائلة :
" صباح الفل يا حبيبتي ، عاملة ايه النهاردة "
لترد بملامح غير مكترثة كحديثها :
" اهو عايشة زي ما حضرتك شايفة "
وكانت ستتابع والدتها الحديث معها لكنها قاطعتها قائلة بجمود :
" ماما لو سمحتي ، متتكلميش في اي حاجة حصلت امبارح ، انا تعبانة لوحدي ومش قادرة بجد "
لتقول والدتها محاولة التبرير والتخفيف من حدة ابنتها :
" بس هو كان خايف عليكي يا "حوا" ، متزعليش منه ، هو معتبرك اخته وبينصحك ، ليه بتعملي كده بس يابنتي "
لتشرد حوا فيما حدث امس وكإنه حدث منذ بضع دقائق ولم يمر عليه عدة ساعات كثيرة .
" بتعملي ايه انتِ اتجننتي ولا ايه؟!! "
قالها محمد بحدة وغضب وهو يهرول إلي الغرفة التي تتواجد بها حوا ، التي كانت تحاول إنهاء حياتها ، ولكنه استطاع اللحاق بها في الوقت المناسب ، وأخذ منها السكين رغماً عنها ، لتقول حوا في قهر شديد وقد استحكمت المرارة حلقها والدموع بدأت تكسوا عيناها : 
" سيبني يا "محمد" ، سيبني بالله عليك خليني ارتاح " 
ليرد عليها محمد بإستنكار شديد لحديثها :
" ترتاحي!! ، وانتِ فاكرة إنك كده هترتاحي !! ، انتِ كده هتتعذبي دنيا وآخرة! "
لترد عليه ب إنفعال و صوت يملؤه البكاء وقد بدأت الدموع بالهطول من عينيها بغزارة ، وشعور بالمرارة يملأ حلقها نتيجة شعورها بالظلم :
" وانتَ مالك ؟! ، انت معيشتش اللي انا عايشاه! ، على الاقل هرتاح من كلام ابويا اللي مش بيخلص ، والمعايرة اللي باخدها بسبب حاجة انا مليش ذنب فيها ، انا اتحرمت من اكتر حاجة انا محتاجاها وهي الحنان  ، وانت عارف التنمر اللي بتعرضله ، سيبنــــي "
ليطالعها باستنكار شديد من حديثها ، من ثم واجهها بما هي تريد الهروب منه ونكرانه ، لشعورها إنها غريبة بين أُناس مرضى يعايرونها على سمار بشرتها ، يعايرونها على شيء لم يكن لها يد فيه ، و مَن قال أن الذين يمتلكون السمار في بشرتهم لا يمتلكون الجمال ؟! ، مَن يفكر بهذه الطريقة ليس سوى شخص مريض نفسي ، لا يحب أن يري غيره سعيداً ، يجب أن نبيد نوعية التفكير هذه من عقولنا ، ف ليس فقط سُمر البشرة يتعرضون لهذا التنمر ، الكثير من الناس يتعرضون للتنمر بسبب لون البشرة ، او زيادة الوزن ، اختلاف طبقات المجتمع ، عمل يقللون منه الناس ، وحالات اخرى كثيرة ، اسفي على من يتخد هذه المواصفات كَـ معايير للجمال  ، ليس طول القامة ، او لون البشرة ، او الوزن هو ما سيحدد جمال الشخص ، ف قبل كل هذا يجب أن ننظر إلى الجمال الداخلي ف هو ما سيدوم .
" بجد؟! ، معيشتش اللي عيشتيه؟! ، على فكرة ، انا كمان بعاني زيك وانتِ اكتر واحده عارفه  ، بس انا اقوى منك ، انا عرفت اقاوم ! ، ايه يعني بشرتك سمرا ، م اغلب الناس بشرتهم سمرا وعايشين ، بس انتِ اللي مكبرة الموضوع ، انا مش بقلل من الحاجة اللي مضايقاكي ، بس مش كل م حد يقولك كلمة هتروحي تعزلي نفسك ف زاوية وتفضلي تعيطي ، او تحاولي تنهي حياتك زي م حاولتي دلوقتي ، الناس مش هتبطل كلام ، لو كل واحد اهتم بكلام الناس اللي بتتنمر عليه وعمل زيك كده كان زمان نص الناس واكتر ناهيين حياتهم ! ، انتِ عارفة إن ربنا بيختبرك في كل حاجة بتحصلك ، إن الله لا يعطي اصعب معاركه إلا لاقوى جنوده ، وهو عارف انك تعبتي من كلام باباكي والناس ، بس انتِ كده مش هترتاحي زي م انتِ فاكرة ، انتِ كده هتتعذبي مليون مرة ف الثانية ف النار اللي هتكون مصيرك بسبب اللي عايزة تعمليه ، طب فكري يا ستي ف مامتك ! ، يا شيخة انتِ مش بتحبي غير نفسك وعايزة تريحيها وانتِ مش عارفة اللي بعدين هيبقى ايه ، انتِ عايزة ايه بالظبط؟!! ، فوقي حرام عليكي نفسك ، فوقي بقى من الدوامة اللي حاطة نفسك فيها دي ، افهمي إن ربك بيحبك وبيختبرك ، افهمي بـقــى "
أنهى كلماته بانفعال ، ثم تركها وغادر المكان بأكمله ، وفي نفس الوقت كانت والدته ووالدتها يتابعون الحوار منذ بدايته ، لتهطل الدموع من عيون والدة حوا وشعور بالمرارة والعجز يتملكها بسبب عدم وجود شيء في يدها لتزيل هذه الهموم عن ابنتها.
فاقت حوا من شرودها على صوت والدتها التي كانت تتحدث معها تحاول التبرير لها عن موقف إبن شقيقها ، لتنفجر وهي تقول :
" انتوا محدش فيكم حاسس بيا ، انتوا بس عايزيني ابقى تحت طوعكم ، روحي يا حوا ، حاضر ، تعالي يا حوا ، حاضر ، ودوسوا على حوا زي ما انتوا عايزين ، وكل يوم زعيق وخناق ، انا تعبــت ، ومتجيبيش سيرته تاني لأن هو مش اخويا علشان يعلي صوته عليا ، قوليله يلزم حدوده بعد كده عشان مقلش منه "
هنا وصلت والدتها الى أعلى درجات غضبها من الهراء _ في نظرها _ الذي تقوله ابنتها
" مش اخوكِ اه بس خايف عليكِ زي اخته واكتر ، اللي حضرتك متعرفيهوش وكأنها حاجة طبيعية إنك كنتِ هتموتي نفسك ياهانم !، فوقي بقى ، دايماً انتِ اللي بتصنعي حاجز بينك وبين اي حد بيقربلك ، اه بحبك بس بقيت بتكسف من أفعالك ، حرام عليكِ هتموتيني يا شيخة " 
الطريقة خاطئة بالطبع ، كما يفعل الكثير من الأهالي في تقويم أبنائهم ، ظناً منهم أن التقريع والطريقة الخشنة هي السبيل الوحيد في تربيتهم ، قالت هذا الحديث السلبي لإبنتها وهي ترجوا أن تستطيع كلماتها في إفاقتها من غيمتها السوداء ، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
" انا مش هرد على اي حاجة من اللي قولتيها ، عارفة ليه ؟! "
انصتت لها والدتها بكامل حواسها ، ثم اكملت حديثها تقول بما تشعره وتراه صحيحاً من وجهة نظرها
" علشان انتوا طول عمركم بتكرهوني انا واخويا مش عارفة ليه ، ولا ايه السبب ، بس متجيش دلوقتي وتعملي فيها دور الام الحنونة المظلومة وانا البنت الوحشة الظالمة! "
لتقول والدتها بدموع وحزن شديد نبع من اعماق قلبها :
" بقى كده يا حوا ؟ ، انا بكرهك ؟! "
ثم اكملت بوجع جلى على صوتها
" ده انا الوحيدة اللي ضحيت علشانك انتِ واخوكِ ، انا اللي فضلت مع ابوكِ واستحملت قرفه عشانكم ! ، بقيت انا المظلومة دلوقتي ؟! ، اه يا حوا انا فعلاً مظلومة ، انتِ ظلمتيني يا بنتي "
انتشلت حوا حقيبتها من المقعد الذي يجاورها ، ثم اتجهت نحو الباب وكأنها لم تسمع شيء وقالت بجفاء :
" سلام يا ماما ، انا رايحة الدرس يمكن اروح مرجعش وتبقى جات من عند ربنا وارتاح "
يظن الأبناء أن آبائهم وامهاتهم يكرهونهم بسبب طريقتهم الخاطئة في التعامل معهم ، ولا يعلم الآباء والأمهات انهم على خطأ بسبب أن هذه هي الطريقة نفسها التي تربوا عليها ، وبالتالي لا يفهمون ما يشعر به أبنائهم بسببهم ، ولا يفهم الأبناء أن عائلاتهم تحبهم ولكنهم لا يعلمون الطريقة الصحيحة في إيصال مشاعرهم .
وفي نفس وقت خروج حوا دلف "لؤي" من الباب وقال بتعجب من طريقة خروج شقيقته:
" فيه ايه يا ماما مال حوا ؟ ، حصل ايه تاني؟ "
لترد والدته بإقتضاب :
" مفيش يا لؤي ، راجع بدري من كليتك ليه يا ابني؟ "
" المحاضرة اتلغت ، قوليلي فيه ايه ، مالكم؟ "
" قولت مفيش يا لؤي ، وشوف حالك هتعمل ايه "
قالت كلماتها بحزن شديد ثم اتجهت نحو المطبخ لكي تنهي هذا الحديث.
وفي نفس الوقت تلقى لؤي إتصال جعل  جعل عيناه تجحظ بِـ ذعر...
______________________
#يُتبَع
#انا_هُنا

انا هُناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن