الفصل الثاني

7 0 0
                                    

"هل تعرف ان الانهيارات الثلجية تحدث على قمم الجبال ؟
اذن فالجبال تنهار ...
......

صوت القرأن وذاك الصمت الذى يغلف مجلسهم وتلك الاعين الغارقه بحزن دفين وتلك الوجوه التى زادها الوجع كبرا وتنهيده من الصدور تخرج مشبعه بقهر وحزن واشتياق ..
جلست علي حافة الدرج العلوى تراقب صامته وتغشى العبرات عينيها لتتساقط على وجنتيها بألم تدرك جيدا انه رحل وتركها كما رحلت والدتها وبقيت هى وحيدة دونهم فتذكرته نورها اجل لم يبقي سواه وتسألت هل سيرحل هو ايضا مثلهم ويتركها ...
سنوات عمرها الصغير وقلبها الناعم لم يستطيعوا الوقوف امام كل هذا الكم من الحزن لتبكى وتتساقط دموعها فيصل لمسامعها تلك الاثوات وهى تحمل كلمات احرقت خفقات قلبها االصغير ..
مسكينه تلك اليتيمة ترى ما هو مصيرها ؟
.......
جلس الى جوار ابيه بشموخ كعادته رغم حزنه القابع بجنبات صدره لكن ان انهار هو سينهار الجميع خلفه فليتماسك من اجل ابيه وجده لتحنو عيناه الي الاخير ليجد الدمع مترقرقا بمقلتيه يحارب كى لا يسقط امام احد وابيه قد انحنى ظهره شاردا بعيناه بعيدا اما عمه عزيز ويوسف فكل منهم صامت يتجلى الحزن على محياهم شاردين بذكرياتهم علهم يرونه هناك .....
.........
انفض العزاء وعاد الصمت  دون صخب اصوات حشرات الليل الذى جعلهم يدركون ان الساعه قد تاخرت نهض الجد وهو يستند على عصاه لينهض محمود ممسكا بيمينه ومن خلفه عزيز ويوسف ليتنهد ابيهم قائلا رحمه الله وغفر له ما تقدم وماتأخر من ذنبه وجعل قبره روضه من رياض الجنة فوالله كان جنة بقلبه وحنونا ودافئا فوالله انى راض عنه دنيا واخره فاكرمه يالله فانت خير الاكرمين ...
ليردد ابنائه من خلفه اللهم امين ..
......
جلست على اريكة بزاوية بعيدة ترفض الاقتراب من اى احد تنظر بترقب لكل شئ حولها تنظر بخوف وحزن او تنظر بقلق ربما عيناها جافه وخطوط دموعها قد رسمت لوحة من الحزن فوق وجنتيها خصلاتها الفحميه مبعثرة بفوضويه حولها يؤلم قلبها تلك النظرات التى تتجه اليها من كل حين لأخر ..
اقتربت سعاد منها قائلة ..
حبيبتى لما لم تتناولى طعامك بعد لقد تأخر الوقت وانت لم تاكلى شيئا منذ الصباح ..حاولت ان تربت على راسها بيمينها لتلتصق هى بكتف الاريكة اكثر ونظرة الخوف لاتفارق محياها الصغير
راته يدخل بصحبه رجال الى البهو لتنظر اليه بترقب تلتمس نظرته وقربه تلتمس ذراعيه كى ينتشلاها بعيدا عن تلك الهمهمات عن تلك الاعين التى ارهقت روحها الصغيره بنظراتها فلم يجعلها تنتظر اكثر اقترب بخطوات اشبه بالركض متلقفا اياها بين ذراعيه دافنه وجهها بعنقه باكيه بنشيج عالي فطر قلبه وشطره الى نصفين ..
دلف بها الى غرفه المكتب وجلس بها وهى بحضنه متمتما بايات من القران الكريم عل روحها تهدأ وكانها كانت تحتاج الى ذراعيه لتغفو لتسقط بنوم هادئ بعيد عن ذاك السواد الذى ارهق عيناها التى لاطالما كانت ترى كل ماهو ملون ومبهج ..
كان الجد يقف خلف باب الغرفه الموارب قليلا ينظر الى حفيدته الصغيرة وهى بين احضان نور الدين غافيه وهو يهدهدها كما لو انها قطعه منه يشعر بنخزات بقلبه ليترك المكان متجها الى غرفته منفردا بنفسه قليلا كى يترك العنان لدمعاته لانهياره فيبكى بألم على صغيره مأمون مناديا اه يا ولدى اه ياصغيرى الغالى ليتنى مت ولم ارى ذاك اليوم ليتنى كنت انا ولا انت ياحبيبي ....
..........
حملها بين ذراعيه وصعد بها امامهم مشيرا لوالدته ان تلحق به وعلى فراشه وضعها ودثرها بغطاء ثقيل يقيها ذاك البرد الذى اجتاح روحها شعر بتململها ليربت على وجنتها متمتما بكلمات هادئة تشربتها روحها لتعود غافيه باطمئنان ..
خلع سترته والقاها باهمال ودلف الى حمام غرفته مبدلا ثيابه باخرى اكثر راحه ..
وماهى الا دقائق وكانت والدته تضع كوب من العصير وساندويتش صغير بجانبه على الطاولة المجاورة للفراش قائلة
لم تتناول شيئا منذ ان اتت نور والله حاولت معها كثيرا لكنها كانت خائفه .
اقترب منها مقبلا جبينها ويمينها قائلا اعلم امى لكن مامرت به كان صعبا للغايه والله ما رايته انت هنا هناك قد عانيت انا منه طوال تلك اليومين الماضيين واكثر ياسمين تخاف من الغرباء امى ليست معتادة على كل هذا لذا ما سأطلبه منك الان اعلم بصعوبته لكن لاجلها ارجوك انزعوا هذا السواد لا اودها ان تراه غدا لا اريد لروحها ان تعانى اكثر ارجوك امى اخبرى الجميع ان يخلعن السواد عن ملابسهم وان يعود كل شئ كما كان ارجوك ..
رغم ان ما تطلبه منى مستحيل ولم يمر على وفاه عمك اسبوع لكن لاجلها يهون كل شئ اجابته والدته وهى تنظر الي تلك الصغيرة التى تتوسد فراش بكرها ودموع عينيها تتساقط لاجلها ...
.......
غفى الى جوارها يضم جسدها الصغير الى صدره يفكر بعمق كيف سيكون القادم فمسؤولياته قد كبرت ليتنهد زافرا ذاك الهواء من رئتيه بعيدا عنه عله ينعم ببعض الراحه قبل جبينها وجزبها اكثر الى احضانه لينعم هو ايضا بنوم هادئ بعيدا عن ذاك الحزن ...
........
بعد مرور اسبوعين اجتمع كل من عزيز و يوسف ومحمود حول ابيهم بغرفه مكتبه ليدخل نور الدين بعد ان اذن له جده منضما اليهم لينظر يوسف الى ابيه قائلا لما استدعيته ابي مادخل نور الدين ...ليقل الجد جاسر بهدوء نور اكثر من يعلم بامور عمه يوسف ام نسيت ان مأمون بعز مرضه لم يستدعى سواه لا انت او اى احد اخر من اخويك..
جلس نور الدين امام جده قاىلا ..
خير جدى بم طلبتنى ؟
نظر اليه جده وساله عن اوراق ممتلكات عمه مامون وعن اغراضه الخاصه ايضا واغراض ابنته من والدتها ..
تنهد نور واجاب سؤال جده بسؤال لماذا جدى ؟
نظر له عمه يوسف وقال مابك نور اجب ولا تسال انها اغراض مامون شقيقنا وليست غرض من اغراضك لتسال فيما نريدها اجلب اوراقه واغراضه بصمت دون ثرثره ..
توجه نور الدين بنظراته الى عمه واجاب سؤاله بسؤال مجددا ..
لماذا ؟
قاطع جده اى حديث اخر  موجها حديثه لنور الدين ..
بنى ان اغراض مامون قد اصبحت ارث للعائلة واعمامك يريدون ..
قاطعه نور الدين معتذرا ..
عذرا جدى لمقاطعتك لكن ليس هناك ارث لعمى مامون لاحد سوى ابنته .
ابنى تلك الامور انت لست اعلم بها لكن ممتلكات عمك اصبحت ارث لجدك ولابنته وجزء منها قد يعود الى اشقاىه عزيز هذا هو ما شرعه الله ..قالها ابيه بهدوء رغم اعتراضه علي هذا الاجتماع كمجمل ..
ادرك ما تقوله ابي جيدا قالها نور ..
ليقاطعه عمه يوسف قاىلا بغضب وطالما انك تدرك وتعى جيدا لما يقال حولك لما تدعى عدم الفهم يا فتى ام انك ترى نفيك ندا بند امامنا ..
لم يمهل نور الدين جده او ابيه للرد على عمه يوسف لينهض ببرود وهو ينظر ال. داخل عينيه قائلا قلت لا يوجد ارث لعمى مامون فقد باع جميع شركاته وعقاراته لى بيع وشراء كذلك دار الازياء الخاصة بزوجته وليس هذا فقط عمى بل ان وصايه الصغيرة قد اصبحت لى بتفويض من والدها رحمه الله لذا لا ارث ولا وصايه ولا داع لهذا الاجتماع ايضا ليلتفت الى جده متمتما بهدوء عذرا جدى اسمح لى ..
اومأ الجد لحفيده ليخرج ويترك صدى كلماته بين جدران الغرفه ليتنهد الجد بهدوء يعلم جيدا ان اهتيار مامون لنور الدين كان اختياىا صائبا ليس هناك من يصون الامانه مثله ..
زمجر بوسف بغضب قائلا ..ما الذى قاله هذا الان ماهذا الهراء لقد جن ابنك محمود جن ويظن اننا مجانين مثله لنصدق تلك الكذبة التى القاها على مسامعنا ..
رفع محمود حاجبه ونظر الى اخيه يوسف وقال بل هو عين العقل يوسف اجادمامون رحمه الله الاختيار فلن يصون امانته احد كما سيصونها نور الدين اليس كذلك عزيز ام انك لك راى اخر اخى ..
خرج محمود باعقاب ابنه مستاذنا من والده الذى قال بهدوء ..
اظن انك سمعت الحديث كاملا ليس هناك داع لاجتماعك هذا يوسف ..
ابى هل كنت تعلم بهذا ايضا هل توافق على هراء ذاك التافه ال..
ضرب ابيه بيده على مكتبه بغضب مكتوم قائلا ..
هل جننت لتتفوه بتلك الحماقه ياولد حفيدى لا يكذب وليس بتافه وانت تعلم هذا جيدا وان كنت اعلم اولا هذا لا يخصك ارى انك قد اطلت بمده بقائك هنا عد الى القاهرة فاعمالك تنظرك ثم تركهم وغادر غاضبا ...
نظر يوسف لظهر ابيه حانقا من ءاك التقريع الذى لاقاه لينظر الى شقيقه عزيز قاىلا لما لم تتحدث انت الاخر الم نتفق على الحديث قبلا لما ايها الجبان ..
نظر عزيز الى شقيقه بغضب قاىلا لست جبانا اخى لكن حديث نور الدين كان حقيقيا وانا اصدقه لطالما كان افضل حتى من ابناىك واخويه كان افضل منا نحن لما تستغرب ان مامون قد جعله واصيا على كل ممتلكاته اه لما ..
لم يحاول اى منا ان يسال عنه او يتقرب منه تركناه بعزلته وكاننا كنا ننتظر ذلك لم نحاول بوما ان نقترب حتى بعد وفاته لم نسال عن ابنته بل لم نسال سوى عن ممتلكاته وما تركه من ارث صدقا يوسف انا اخجل من نفسي جدا ثم تركه وغادر ليترك الاخر بين سحب من الحقد والغضب تجاه ابن اخيه ذاك المتغطرس المغرور ...
.............
كانت تراقب الخارج من خلف نافذة الحجرة صامته لم تتناول سوى القليل حينما استيقظت وجدت الفراش حولها فارغا ولم تجد نور حولها كانت خائفه كادت تبكى لولا دخول والدته التى ابتسمت بوجهها وهى تحمل صينية افطار بها اشكل واصناف كثيرة
وضعتها الى جوارها على الفراش قاىلة .
صباح الخير يا اميرة كيف حالك ..
نظرت لها بترقب  وهى تقترب منها وتربت على خصلاتها المشعثة قائلة ..
اووه انت ناعمه وظريفه بل وفاتنة ياصغيرتى .
هيا تناولى فطورك قبل ان ياتى نور ويحزن لانك لم تتناولى شي  منذ  طعام الغداء ..
اين نور ..
انتبهت سعاد الى صوت الصغيرة التى خرج مهتزا وكانها على وشك البكاء ..
لتجلس الى جوارها قائلة ..
انه بصحبه جدك واعمامك حبيبتى سينهى اجتماعه معهم وسيأتى اليك لا تقلقي ها .قاطع حديثها طرقات صغيره على الباب لتاذن لزينة التى دخلت قاىلة ست سعاد الست نشوى تريدك بالاسفل  ..
اومات لها بصمت وعادت بنظرها الى ياسمين قائلة ..
هيا حبيبتى تناولى فطورك وساعود لك مرة اخرى .....

لم تشعر بدخوله ولا بمراقبته التى استمرت لدقائق وهو يتسائل هل هو على هذا القدر من القوة ليتحمل تلك المسؤوليه اسبوعين مروا يحاول ان يجعلها تتأقلم مع الجميع لكنها ترفض الاقتراب من احد سواه لا ينكر انها لم تعد تنظر برعب لمن حولها ربما بدات تعتاد رؤيتهم  خاصة والدته لكنها تميل الى العزلة بعيدا عداه  هو لا تطمئن سوى الى جواره ولا تجتاح نظرات عينيها الراحة والصفاء الا بين ذراعيه وكل ليلة قبل ان تغفو تقل له لا ترحل وتتركنى انت ايضا نور ارجوك فيقبل جبينها ويضمها الى صدره يعدها بانه دوما سيكون معها ولن يتركها ابدا .....  تنهد وهمس قائلا ..
اعنى ياللهى انها لم تتجاوز العاشرة بعد اعنى اننى اشعر بالخوف اشعر بان قطعه من روحى اصبحت بين كفي ......
.......
يتبع

عيون القمر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن