Part 01

230 19 26
                                    

.
.

" تَحت سَقف واحد..."

تَنهيدة ثَقيلة إنسلت من شَفتيه مُعبراً عن ذلك الثُقل الذي يَتوغل في صَدره بينما كان يَضع مرفقه على حافة إطار النافذة ويُسند خده على كف يَده ، قُزحيته الزُرقاوتين كانتا تُحدقان في كل ما يَظهر ويَختفي خلف زجاج نَافذة القطار المُنطلق .

تَاملت عيَناه بشُرود مَنظر تلك المَدينة التي إنتقل اليها تَواً برغبة من ابيه الذي لم يَتواصل مَعه منذ سَنوات ، وحينَما أخيراً قرر زيارته بهَدف ان يُصلح علاقته مَعه.. صَفعته صَدمة قوية تَقوله له ان ابيه في السِجن بتُهمة القتل .

لا يَزال يَذكر حديثه القَصير مع والده حين زاره وكيف كان مَنظره فاطراً للقلب وهو بزي المُجرمين، قد شَرح له كيف آلت به الامور حتى وصَل به الحال لقتل زميله في العمَل سَاهر دون عمَد منه ، بعدها تَطرق الى صُلب المَوضوع الاسَاسي .

- إياد ، اسِمعني جيداً ..
لدى السَيد سَاهر ابنً وحيد

نَبس بذلك بنَبرة واهنة بَينما كان ناكسً راسه بتَعابير خامِدة ولا بَريق في عيَنيه، لم يَكن يَجروء حتى على النَظر لابنه خجلاً من فِعلته ، الشِيب غزى شَعره من كثَرت الهَم والتَفكير والنَدم يَنهشه .

- اسمه مالك ، انه في الشَهر الثَالث من ربيعه ، ستَعثر عليه في مَيتم (xxx) ، أعتني به .. هذه وصِيتي الأخيرة بما ان ايَامي مَعدودة بُني، لك الحق في الرفض فعَلاقتنا لم تَكن مُستقرة

لم يَكن لدى إياد اي فِكرة عن نوع المَشاعر التي تُخالجه تَِجاه ابيه الذي تَدمر كلياً حد الإستِسلام ، جزء منه يُشعر بالذنب المَرير لكونه هَجر من رباه وتَركه وحيداً يَتخبط في الحياة الى ان وصَل الى ما خلف القُضبان، واين كان هو ؟ ، يَتسكع هنا وهُناك فرحاً بحريته .

انتَهى به الحال بالقُبول بوصية والده ، ما عاد يُمكن ان يُنقذه ويُصلح علاقته مَعه لكونه تَاخر جداً وتَم تَثبيت الحُكم مُسبقاً ، لكن أقله يُمكنه ان يُنفذ ما طلبه منه وهو الاعتِناء بذلك الرضيع وعدم تركه وحيداً .

لكن كيف ؟ ، هو في التَاسعة عشَرة من عمُره وبالكاد يَعتني بنفسه ، كسَله المُبالغ كان مُشكلته الأولى ، هو اسَاساً يَتذمر من الجامعة ومن كُل خلق الله والان يُضيف على كاهله عبىء أبَوي فوق سِنه ؟ .

تَساءل ان كان إستَعجل في قراره ، بل كان يُوشك على رمي عواطفه جانباً والعَودة لوالده ومعه الرفض ،إلا ان تَوقف القِطار جعل فَيض افكاره وذِكرياته تتَوقفان تلقائياً من بعده ، وتم تنَبيه كل المُسافرين على وصُولهم للمَحطة الأخيرة .

بَذرة الليل || Night seedحيث تعيش القصص. اكتشف الآن