الفصل السابع والعشرون:
"بداية النهاية"
ما حدث في الثلاث الساعات التي عَنَت إختفاءه، كان دانييل قد تلقى إتصالا من آخر شخص يتوقعه؛ إتصال من "الفأر" نفسه.
عندما رد على المكالمة، كان صوت ڤالنتينو رتيبا وعاديا، وكأنها محاولة لإخفاء نواياه. طلب لقاءه فقط، ويعرف دانييل جيدا أن ڤالنتينو لن يطلب لقاءه إلا لشيء هام جدا، لذلك حاول أن يستنتج شيئا من نبرة صوت الآخر، لكنه فشل.
هذا بعيدا عن أن مكان اللقاء هو ميناء مهجور؛ وبالتالي، تحتم عليه أن يواجه المجهول كيفما سيكون.صحيح أنه شقيقه، لكنه شخص غامض ويتوجب عليه الحذر منه، خصوصا بعد الإكتشافات الغريبة والمفاجئة التي عرفها عنه خلال التحقيق في أصول المنظمة..
لقد وصل به الحال أحيانا للتفكير في سبب تجنبه لوضع ڤالنتينو في "لائحة الأشخاص الخطيرين" ..
أَ هو الواقع المؤلم؟وقبل ذهابه كان قد أخطر المفتش بتلقيه إتصالاً مُهما وأنه سيغيب لساعة أو أقل. وهكذا أخذ سيارته وعبر بها الغابة التي تفصل بين المدينة وذلك الميناء الذي بات مَعقلاً لذوي النية السيئة..
تزاحمت السماء بكتل ضبابية رمادية، بينما سيطرت الرطوبة على الأرض مسببة إنتشاراً لِـ عبق التراب المتشرب للندى.
ولم تكن فقط رائحة الرطوبة هي الوحيدة حاضرة المكان، بل يمكن تمييز رائحة غريبة، تمتد من ذلك الهيكل المعدني البعيد الصدئ الذي كان يوما ما مبنى مستودع الميناء.وبعيدا عن الرائحة، كانت أصوات طيور النورس وصوت البحر تعطي طابعا للحياة في ذلك المكان الميت. ولا صوت آخر إلا صوت خطواته وقد تركت التربة لتبدأ السير في أرضِ الميناء الإسمنتية..
وبينما بدأت معالم الميناء تظهر، الآلات الغريبة الصدئة، كانت هناك أشياء يمكن لأي شخص أن يدرك أنها لا تنتمي إلى هذا المشهد الغابر: أربع سيارات رباعية الدفع تلمع وهي مصطفة أمام المستودع، بينما أمكنه أن يلاحظ وجود أشباح لأشخاص يَتَوارُون في الأرجاء عن أنظاره..
أشخاص يتربصون بأي دخيل بينما أسلحة كبيرة تتعلق من أكتافهم، ينتشرون خلف صناديق النقل الصدئة ومن حين لآخر يظهر واحد منهم ثم يختفي في ركن ما.
واصل مسيره بينما أبعد نظره عنهم، نحو ذلك الرجل الواقف في شط الماء، لا يرى منه سوى ظهره. لكن من الواضح أنه هو..
ثبتت عينا ڤالنتينو بعمق على سطح المحيط الهائج، أمواج تصعد وتقتل الأخرى وكأنه مشهد مُحاكي لما يدور داخل نفسه..
فور أن شعر بوصول غريمه، إستدار بمظهره الأنيق مُواجهاً دانييل بينما يداه في جيبه، مُلتحِفاً في بذلة سوداء فاخرة كان قد أعطى إنطباعا غريبا بالفعل.

أنت تقرأ
الشياطين البريئة: الجنة السوداء - 𝐁.𝐇
Actionثلاثُ توأمٍ فَرّقت بينهم مخالِب مُنظمة يَتربّع على عَرشها طاغٍ مهيب، فتجمعُهم شابّة عادية أردَته قتيلًا.. --- الجزء الأول من رواية "الجنة السوداء THE BLACK HEAVEN " أحداث الرواية عبارة عن إحتراق بطيئ (slow burn). لا تحكموا من الفصول الأولى. للإقتبا...