الفَتاة التي تُلَقِبُ نفَسَها باسمَاءِ الجِبَال

89 11 17
                                    




إلى صديقَتي العزيزة ..

إلى الفتاةِ التي يَتنافَى صَوتُها الرَقيقُ و مَلمَحُها الناعِمُ مع أفكارِها المُشاكِسة ..

إليكِ كويو زوم العَزيزة

آمُلُ أنكِ بِخَير ، تنامينَ لِساعاتٍ كافيةٍ و تحافظينَ على وجبَاتكِ كامِلةً ، و آمُلُ أنكِ لا تَنسَينَ شُربَ الماء كَما اعتَدتِ أن تَفعَلي ،

نحنُ نَتَحدثُ عنكِ مُؤخراً ، غَالِباً بِابتِسامَةٍ لا تُفارِقُ نُطقَ اسمِكِ
و أحياناً بِغضَبٍ مَكتُوم مِن أكثَرِنا حُباً لَكِ
_ ها قَد عَرفِتِه _ يَقلُبُ عَينَيهِ حَانِقاً : مَاذا تَنتَظِرونَ مِن فَتاةٍ تُلَقِبُ نَفسَها بِاسماءِ الجِبَال !؟

فَيُصَحِحُ آخرٌ صَائِحاً : قِممُ الجِبال .
و نكونُ جَميعاً مُستعدّين لِلاعتِراض لَكِننا نَصمُتُ مُوافقين ،

و لِأنَكِ و لَو بَدوتِ لِلوهلَةِ الأولَى كَنبتَةٍ فَتيةٍ فَأنتِ تِلكَ الاراليا ذاتُ السَاق المَشدُودَةِ و الأوراقِ الشَوكية التي تَضعُ نَفسَها بِمنافَسة شَجرةٍ شَامِخةٍ طَويلَةٍ عَريضةٍ تَمتَدُ جذُورُها لِمُنتَصف ذروَةِ الأرض ، تُنافِسينها عَلى الصمودِ في ليلةٍ تَعصفُ فيها الأرضُ و السَماء ، و نقِفُ مَشدُوهينَ نَرتَقِبُ النَتيجَةَ ..

أعلَمُ أن تَشبيهِي لا يَرُوقكِ ، سَتقولِين عَن نفسكِ قِمَّةُ الجَبلِ التي تَتَحدى العَوالِمَ و الكَواكِبَ عَلى الصمُودِ في نِهايةِ العَالم ،

و سَتفقَعُ ضِحكَتُك التي تُقلِدِينَ بِها شَخصِياتِ الكَرتونِ الشريرةَ .. ابتَسِمُ و أنا أتَخيلُ هذا
و أتخيلُكِ أيضاً تَصمتِينَ فجأةً و تَكتَسِحُ مَلامِحكِ التَوتُر لِأنَّهُ
" لا يَدخلُ الجَنَةَ مَن كانَ في قَلبِهِ مِقدارُ ذَرةٍ مِن كِبَر "
و أبدأُ أنا بِالضَحكِ عَلى وَجهكِ المَذعور ،

أنا حَقاً أفتَقِدُكِ بِشدَّة و لا أتَفَهَمُ رَغبتَكِ بِمُعالَجَة مَشاكِلكِ وَحيدةً .. بَل مُجبَرَةٌ عَلى انتظارِ عَودَتكِ و تَقبُّلِ عَصفِ حنيني لكِ و لِحلو أحَاديثكِ ،

هل حَقاً تَمكَنَ مِنكِ زكامٌ شَديدٌ يا فَتاة !؟

هَل تغضبينَ بَينما تقرأينَ هذا و تتوهَجُ عَينَيكِ الصَفراء تَوعُداً لِمن أفشَى هَذه الإهانةَ العُظمى ؟

أستَصرُخينَ بِكلتَينا :
أنا و أعوذ بالله من كَلمةِ أنا استَقبِلُ جَراثيمَ الزُكامِ طَواعيةً - تَرفَع سُبابَتها بَتأكِيد - لِكي أتخَلصَ مِنَ الكُرياتِ البيض الخَائِنة الَتي تُخطِطُ لِلتقاعُس و أضعُها طُعماً و سِلاحاً فَتاكاً و دَكاكَاً و مكاكاً و تَنتَهي الحَربُ بانتِصاري و شِفائي بإذنِ الواحدِ الأحَد .

هَل قَلَّدتُكِ بِمهارَة ؟
أخبِرينِي مُجدداً هَل تغضبينَ و أنتِ تَقرأينَ رِسالَتي ؟

و لَكنَكِ سَتتفهمينَ يا ابتسامَتي
سَتَتَفهَمينَ صديقَتكِ و حُبَّها لِرؤيةِ العالَم عَبر عينَيكِ الذَهبِية ،

اشتاقُ خُططَكِ لِخطفِ النجُوم و انتِحالِ هوياتِهِم ، و خَيالَاتِكِ بِاقتِحامِ الرِوايَاتِ و مُحارَبَةِ شَخصياتٍ ضِدَّ آخَرِينَ ،

خيالُكُ فضاءٌ و مَجراتٌ عَائمةٌ يا كويو ..

فَقَط كيفَ يمكِنُكِ أن تَصنَعي حِواراً بَينَ الرمُوشِ و الحَواجِب ، بَينَ عَجوزٍ عَبَرَ الشَارِعَ أمامَكِ و صَديقِهِ الخَائِن الذي لا وجُودَ لَه و الذي سَرَقَ حَبيبَتهُ قبلَ خَمسينَ عَاماً ،

و كيفَ لي أن افتَقِدكِ هَكذا ..

افتَقدُ الفَتاة المَهووسَةَ بِالرياضِيات و الميكانيك و لَكِن تَوظيفُهم لِلفَن و التَحلِيل النَفسي بَعيداً عَن حِسابِ سُرعَةِ مَركبَةٍ تَسيرُ عَلى الطَريق ،

أن افتَقِدَ خوارزمياتِكِ و مُخطَطاتِ الشَجرة التي تَملأُ دِماغَك و اشتَكِي كُلَما تَحدَثتِ عَنها و أخبرتِنِي عَن السَلاسِلِ و الفروعِ الجَديدَةِ التي ارتبطَت باسمي لَديكِ ،

مِن المُخيفِ أن يَصمُتَ أمثالُكِ يا كويو .. المُفعَمونَ بِالحَياةِ و بِأحادِيثَ لا تَنضَب

و إن كُنتُ سَأكتُبُ مَا أكنهُ لَكِ يا صديقةَ روحي فَلَن أنتَهي بِحلُولِ قرنَين آخَرَينِ ..

مَلاحِمٌ شِعريةٌ لِكُلِّ مَرَّةٍ تَضحَكينَ فيها ، مُجلَداتٌ عَن تَفضِيلاتِكِ المُفضَلةِ و الثَانَويَّة ، و كُتبٌ أخرى تُدَرسُ ضِمنَ المَناهِجِ عَن نَظرَةِ عَينَيكِ الذَهبِيَتينِ لِلحَياة ،

عُودِي بِسرَعة قَبلَ أن أصبِحَ مُبتَذلَةً أكثَر ، بأقصَى سُرعَة يا فتاتي التي تُلَقِبُ نَفسَها بأسماءِ قِمَمِ الجِبال .

Hello Min Yoongi حيث تعيش القصص. اكتشف الآن