{وريثة الدموع}

54 11 0
                                    



في زنزانة الألم والحزن، يتساقط قلب كريستوف كالأمواج الجارية في بحر من الأسى. ترتسم ملامح اليأس على وجهه، وكلمات العذاب تنساب من بين شفتيه المرتجفتين. اللحظة التي انتظرها بفارغ الصبر، كانت تحمل فاصلًا مؤلمًا بين الأماني والواقع المرير.

"إنهم يلقبونني بالوحش... بلوحش." همس كريستوف هذه الكلمات بصوت خافت، كأنه يحاول أن يقنع نفسه بألم لا يمكن تحمله. في ذلك اللحظة، كسرت دموع طفلته الصمت، كانت تنهمر كفيضان غزير، تسيل على وجهها بكل حرية.

"أنا آسف .. آسف لكوني سببًا في كل هذا البؤس." كانت كلمات كريستوف تنكسر مع حزن لا يمكن إخفاؤه. رفع يده ليمسح دمعة تساقطت على وجنت ابنته ، لكن ليتيسيا  تركت وراءها أثرًا غامضًا من الحزن.

"لم تكونِ أنتِ الوحش، يا ابنتي... الوحش هو هذا العالم الظالم الذي يحكم بأقدار لا نهاية لها، هو الذي سلب منا الحياة الجميلة وألقانا في جحيم الفقر والظلم. نحن ضحايا، ليس إلينا ذنب." توقف كريستوف قليلاً، وكلماته كانت تنطلق من قلب ينزف ولكنه لا يزال يحتفظ ببقايا أمل.

"لن يأخذوا منا إرادتنا، سنقاوم، سنتحد، وسنثبت أننا لسنا وحوشًا. نحن محاصرون هنا، ولكن في قلوبنا، نحن أحرار. ستأتي اللحظة التي نتحرر فيها من قيود هذا العالم الظالم، وسنعيش الحياة التي نحلم بها." 

  صرخ كريستوف صرخة من الغضب المكبوت، وكأن العالم كله يتحول إلى مسرح لحناجره الممزقة. "تلك طفلة لعينة هربت! 

كان الصوت يحمل الوجع والغضب في آن واحد، كلمات كريستوف تخترق الجدران الباردة للزنزانة، ملتصقة بالركن الأخير كالدموع التي تتساقط من عينيه. 

في كلماته تنبعث رغبة شديدة في تحطيم أسوار الظلم، ولكن بينما يصرخ، يدرك أنه محاصر في قفص لا ينقطع، حيث يبتلعه ظلام الظلم والفساد  

كريستوف هوى بركبتيه إلى الأرض، وجسده يرتعش تحت وطأة واقع مروع. ركبتيه تبتلعان الوهن، ويده اليمنى تتراجع ببطء لتلامس أرضية الزنزانة المتسخة بالرغم من وجود لون قاتم يعلو زوايا الجدران. الهمس الخافت لتكرار كلمات الندم والأسف يتماوج في الهواء الثقيل المشحون برائحة الدم واليأس.

"... أنا آسف... آسف... لاشلاءكِ التي رقدت على هذه الأرض الملوثة. آسف للدماء التي أراقها هؤلاء الوحوش. كان يجب علي أن أكون هناك، يجب أن أحميكِ ."

رأى كريستوف بريق اللون الأحمر يعكس مأساة الفقد، وبينما تتناثر قطرات الدم، يرتبك الشكل المكسور لكريستوف مع همسات كلمات الندم التي لا تنتهي، وكأنه يحاول إحياء لحظة ماضية لن يستطيع تصحيحها أبدًا.

Lake of sorrowsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن