الفصل الرابع

100 3 3
                                    

عاد «باسل» إلي القصر مرة أخرى و تحديدًا إلي غرفته، شاردًا بعقلٍ منشغل بتلك المعلومة الفاصلة التي حصل عليها لتوه من صديقه، فكان يجوب الغرفة ذهابًا و إيابًا، سائلًا لنفسه بحيرة و تخبط:

- المفروض دلوقت هعمل ايه؟ لما هو «رمزى» عايز ياخد الأملاك، ليه يكتبها بإسم مراته مش بإسمه؟ ما هو كدا كدا في الأول و الآخر بينصب علينا؟!! و بعدين هو هيكتبها ازاي و دي أصلا املاك جدي و باسم جدي؟؟.... معقول يكون جدي هو اللي تنازل عن أملاكه؟... بس ايه اللي يخليه يعمل كدا ما هو عنده ورثة أصلًا و مكنش بيكرهنا يعني عشان يحرمنا من الورث!... و لو جدي اللي تنازل بمزاجه ليه تنازل ل «أروي» مش «رمزي»؟!

زفر بضيق و حيرة و هو يتحرك ليجلس علي طرف الفراش مغمغمًا:

- أنا هتجنن و مش فاهم حاجة و لا عارف هعمل ايه؟؟

قُطعت وصلة تفكيره عندما تناهى إلي سمعه صوت «أروى» تناديه، ف سحب نفسًا عميقًا و هو يغلق عينيه و يفتحهما في محاولة لكبح غضبه، ثم تشدق مردفًا بهدوء:

- ادخلي.

أدارت المقبض سريعًا و دفعت الباب قليلًا، قبل أن تطل بجزئها العلوي و مازالت تقبض بكفة يدها علي المقبض، ثم سألته ببسمة لطيفة:

- مش هتاكل؟؟

أجاب «باسل» بخفوت:

- لاء.

أهذا باسل الذي تعرفه؟؟! ما الذي جعله يتحدث إليها بصوت هادئ و منخفض هكذا؟.... بطريقة تتناقض مع أسلوبه الحاد و نبرته الصارمة و صراخه الذي قد اعتادت عليه، حاولت هي إثارة سخطه قائلة:

- متأكد يا بيسو مش هتاكل؟؟

- لاء مش هاكل، بعد إذنك اقفلي الباب معاكي.

رددت بدهشة:

- بعد إذني؟!!...... لاء كدا فيك حاجة.

رفعت يدها عن المقبض، و دلفت إليه في خطوات ثابتة حتى وقفت أمامه و هي تتفرس قسمات وجهه العابس ببنيتيها، ثم سألته باهتمام و بأعين ضائقة:

- أنت تعبان؟؟

نظر إليها بعينيه فتلاقت بحدقتيها في لحظة عابرة جعلت نبضاتها تتزايد، فأشاحت بنظرها بعيدًا  بتوتر قد فُضح أمره ل«باسل» الذي أردف قائلًا:

- أنا زي الفل، بتسألي ليه؟

تحدثت و هي تتحرك بعشوائية:

- أصل يعني قولتلك يا «بيسو» و أنت مزعقتش!

- بحاول اقلل كلام معاكي، كدا كدا مش هتعملي غير الحاجة اللي هتضايقني.

التفتت إليه و هي تسأله بحزن لم تقدر علي إخفائه:

-  هو كلامي معاك بيضايقك؟

- مش بس كلامك، وجودك كله علي بعضه بيضايقني، أنا اكتر حاجة بقيت بتمناها هي إنك تختفي من حياتنا.

أحفاد المُعزحيث تعيش القصص. اكتشف الآن