#الفصل_الأول

666 25 16
                                    

#رَحِيل
#الفصل_الأول
#ياسمين_أحمد

كل إنسان يحتاج إلى من يسنده في كل خطوة، يمسك بيده ويتغلب على كل الصعوبات معه، يؤمن بوجوده عندما يتخلى عنه الجميع، يكون صديقاً حقيقياً عندما يتخلى عنه الجميع، شخصاً يمحو كل الآثار السيئة ، يضيف إلى الحياة آثاراً طيبة (نفس تؤمن بخياله أكثر من واقعه).

هذا مالم تدركه رَحِيل طوال حياتها،
في أحد بيوت الإسكندرية القديمة جلست فتاة في الخامسة والعشرين من عمرها، لم تكن جميلة المظهر، ولكنها جميلة الروح، كالفراشة ذات اللون البهيج وسط الزهور.

كانت تلك الفتاة تجلس في شرفتها كعادتها بين الزهور وكتابها المفضل، وفي الخارج كانت تجلس مع أفراد الأسرة امرأة لم تكن كبيرة في السن، وكأنها تخطط لشيء ما، وكعادتها رَحِيل لم تفعل ذلك. اهتموا بما يحدث، وكأنها ليست منهم، وصوت أمها ينادي من الخارج:

" رَحِيل!"
من لولم تهتم رحيل بهذا الصوت حتى أتت إليها أختها الصغرى (حلا).
"رحيل انتي مش سامعه ماما بتنادي"
نظرت إليها رَحِيل وقالت:
"نعم يا حلا في حاجة ؟"
نظرت لها حلا وقالت :
" يابنتي انتي ناسيه إننا مسافرين وأنتي مجهزتيش اي حاجه تلبسيها ف الفرح قومي يلا كله برا مستنيكي"
" خلاص يا حلا روحي وانا هخلص اللي ف ايدي وهاجي وراكي"
ردت عليها رحيل بذلك.
فقالت حلا:
"يادي النيله يابنتي انجزي مفيش وقت عمتك عايزانا بدري سحبت يدها للخارج ونظر إليها الجميع وقالت والدتها: ايه يا رحيل فينك تعالي شوفي كده انا و حلا اختارنالك ايه تلبسي في الفرح."

"مش مهم يا ماما مدام عجبكوا خلاص انا اصلا مليش مزاج اروح وكلكوا عارفين ده!! "
كان هذا رد رحيل !!
"يابنتي انتي هتفضلي منعزله عن الناس كده كتير؟ هتفضلي محبوسه متعرفيش حاجه عن العالم برا واحده زيك و في سنك لازم يكون عندها علاقات وتعرف الناس أقل حاجه تكون عندها صاحبه ولا اتنين" كان رد فعل والدتها المعتاد عندما تقرر رَحِيل عدم الأختلاط بالعالم الخارجي ،إنها تقرر الرحيل دائما مثل إسمها...!!!
ولكن لا مفر..!!!

انسحبت رحيل منهم بهدوء إلى غرفتها لتجهز نفسها للسفر مع عائلتها.

في صباح اليوم التالي، في تمام الساعة الثامنة صباحًا، كان أفراد أسرة رحيل يستعدون للذهاب إلى القاهرة لحضور المناسبة العائلية.
بدأت فاطمة ( والده رَحِيل) بتجهيز كل ما تحتاجه أسرتها ف السفر و قامت بإيقاظ كل العائله ولم يتبقي سوي رحيل، فذهبت إلى غرفتها تنادي:
"رحيل اصحي"
ولم تتلق رداً، ففتحت الغرفة
وجدتها ترتدي حجاب الصلاة وتقف في المصلى تؤدي صلاة الفريضة
نظرت إليها بعينين دامعتين، داعية الله أن يحفظ ابنتها ويحسن حالها،
أنهت صلاتها ونظرت إلى والدتها بابتسامة يشوبها التوتر والقلق وقالت :
" نعم يا ماما كنتي بتنادي ؟"
أجابت ولدتها علي سؤالها وقالت:
"اه يا رحيل كله جهز مش فاضل غيرك احمد وبابا نزلوا يجيبوا العربيه عشان هنتحرك كمان شويه يلا اجهزي بنات عمامك وعماتك مستنينك انتي وحلا."
ردت رحيل وقالت:
"حاضر يا ماما انا مجهزه حاجاتي من امبارح عشان معطلكوش"
لاحظت رحيل نظرات والدتها لها فقالت:
" متقلقيش يا ماما انا مش زعلانه من كلامك ليا امبارح انا عارفه انك عايزه مصلحتي وعايزاني انسجم مع الوضع اللي حواليا"
اقتربت منها والدتها وقالت:
" تعرفي يا رحيل إنك شبهي اوي!!"
نظرت إليها رحيل باستغراب وقالت:
" ازاي يا ماما مش فاهمه"
ردت والدتها وقالت:
"متستغربيش انا كنت زيك كده زمان قبل ما حسن يتقدملي ويقرر يخطبني ساعتها انا كنت صغيره مش فاهمه حاجه وكنت خايفه من فكره ان ازاي هعرف اعيش مع حد انا معرفوش واديله اغلي حاجه ممكن يمتلكها الإنسان ؟! اديله قلبي كده وحياتي إزاي اقدر اغير تفاصيل حياتي كلها واعيش بتفاصيله هو ازاي بعد ما كنت قافله ع نفسي يبقي ف حياه كامله مسئوله مني .؟!بس امي ساعتها قالتلي جمله انا مش هنساها..قالتلي يا فاطمة لو فضلتي قافله ع نفسك وخايفه عليها من العالم عمرك ما هتعرفي تعيشي مرتاحه وهتفتكري دايما في حاجه ناقصاكي بس لما تخرجي للعالم وتجربي هتتعلمي وتكسبي خبرات وتتعلمي ازاي تتصرفي لو مفيش حواليكي محدش هيدوم ف حياتك كله هيجي عليه وقت ويمشي مش هيفضل غير علاقاتك بنفسك وازاي تخليها تستفاد من خروجها للعالم.."
نظرت رحيل لوالدتها بعينين دامعتين وقالت:
"بس انا خايفه اتوه،خايفه محدش يفهمني زي مانا مش هستحمل اتوجع ،مش هستحمل حد يأكد كلام بابا اني فاشله ومبعرفش اتصرف"
خطفتها والدتها بين ذراعيها وزاد بكاءها وهي تحتضنها فقالت والدتها :
" اهدي يا رحيل انتي مش فاشله بابا اكيد مش قصده هو خايف عليكي وعايزك تبقي احسن الناس انتي بقالك سنتين متخرجه مفكرتيش تعملي اي حاجه بشهادتك بصي ع العموم كل اللي عايزاه منك انك تبقي وسط الناس احنا رايحين عند قرايبك وده فرح بنت عمتك هنقعد معاهم كام يوم ف القاهره عايزاكي تتأقلمي معاهم وتتبسطي "
اومأت رحيل بالموافقه

رَحِيلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن