" عودة الورديِّ ." - " الفصل الأول ."

544 15 12
                                    


أستمعتُ إلي صرير الباب من رغم أنه جديد ... لكن حدث هذا بسبب عدة مرات فتحه ... فأمي دخلت إلي الغرفة أكثر من سبع مرات ... تطلب نفس الطلبات المتكررة ... ألا هي تمل أم لا تعلم بوجود أختبار غداً ... بدلاً من أن تحفزني فهي تعيقني ... شعرت بها بجانبي و قبل أن تفتح فمها لتتحدث ... صحت بغضب ... رافعة يدي في الهواء أحركها بسخط .

"أتركيني و شأني ."

حدقت بي أمي ... بأعين متسعة من الصدمة ... فهي لم تتوقع قط ما فعلته ... صاحت هي الأخري بغضب ... أقسم أنني بسبب صياحها المستمر علي وشك فقدان السمع .

"أردتُ أن أسألك...ستأكلي معنا أم بمفردك !!..و لكن بعد هذا إن أكلتي أو لم تأكلي فهذا ليس من شأني ... و من الآن فأنتِ المسئولة عن نفسك ."

و لم تعطي لي فرصة ... و خرجت من الغرفة ... مغلقة الباب بقوة لتهتز الجدران ... تركتُ القلم بعنف علي المكتب ... أتنهد بقوة ... أحاول تصفية ذهني من أجل أختبار الغد ... فالأختبارات ليس بشئ هيْن أو سهل ... فأنا أتخيل أمي تبكي و بجانبها أبي يواسيها ... و من المؤكد أن يأتي أبي إليَّ الآن ... و بالفعل وجدتُ أبي يدخل و خلفه أمي ... نظرتُ إلي أبي ... أرسمْ التعجب و الأستغراب من مجيئه و ... و معه أمي ... و قبل أن أتحدث ... سبقني أبي و هو يجلس علي سريري بهدوء تام ... أبتسم أبي الذي يجعلني في حيرة مستمرة بسبب جملته الذي يقولها بإستمرار في كل خلاف مع أمي .

- " التسرع مثل الفأر الذي لا يري إلا قطعة الجبن و لا يري إنها بداخل المصيْدة ." 

صمت أنظرُ إلي أبي ... أتمني هدوئه ... و ياله من هدوء ... نظرتْ أمي إليه بغيظ ... و خرجتْ مغلقة الباب بعنف ... ظلَّ ينظر إليها أبي بإبتسامة و عيون لامعة ... قبل أن أحمحم لأجذب أنتباهه ... نظر إليَّ أبي بنظرات حنونة و غاضبة بذات الوقت ... تحدث بهدوئه المعتاد .

- "ألم نتفق يا ثورة ... علي أن تكفي صنع مشاكل مع والدتكِ ... ثم ... كيف تصيحين هكذا بوجه والدتك ؟!.."

نظرتُ إلي أبي بغضب ... أعلم أنه محق ... و لكن أمي دائماً ما تغضبني ... فهم أبي نظراتي المعترضة ... أردف واغظ بحزن لم أفهمه إلا بعد تحدثه .

- " عزيزتي ... أتعلمين إنكِ تذكريني بنفسي في الماضي ... كنتُ مثلكِ تماماً يغضبني أبي ... فأصيح ... ينصحني ... فأسخر من نصائحه ... يرشدني ... فأعانده ... يستشيرني ... فأعارضه ... لم أريحه يوماً ... و كنتُ أظهر أنني المظلوم ذو الروح الضعيفة ... و لكن موت أبي ... عرفني الحقيقة ... أنار بصيرتي بعد عمي لسنواتٍ طويلة ... لأعرف أنَّ أبي لم يتمني لي إلا الخير ... و رغم ذلك عصيته ... حبني ... فظلمته ... أنني أندم الآن ... لأن ذكرياتي معه كلها معارضة ... لقرارته ... لإرشداته ... حتي لحبه ... فلا تكوني مثلي ... فأنا لا أريدكي أن تقولي في أحدي الأيام ... ياليتني ."   

و ياليتني ما صحت علي أمي لكي لا أسمع هذا الدرس الطويل ... و لكن علي أية حال ... أبتسمت أظهر أمتناني لأبي الذي دائماً يقدم لي أفضل النصائح ... أردفتُ بإبتسامة صغيرة علي ثغري .

- " سأحاول يا أبي ... سأحاول أعدك ."

أبتسم لي أبي ... حفزني قليلاً علي الدراسة ... و طلب مني الأعتذار إلي أمي العزيزة ... تذمرت قليلاً و لكنني وافقت .

- بعد برهة من الوقت -

كنتُ أعتذرت إلي أمي ... و أكلت ... و أكملت دراسة ... حتي غفوت و أنا جالسة علي المكتب ... حَلِمتُ أنني ....

أنتهي الفصل الأول أنتظروني .
كان معكم .

- الكاتبة : " ريتاج سامح ."

عودة الورديِّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن