5- المُلوك العِظام.

84 17 6
                                    

تنهدتُ بحنق قبل أن امرر بصري على يدي، تلك اليد الذي يعانقها قفاز أحمر اللون، ولم يكن القفاز هو فقط من يعانق ويحتوي.
فكان معطفٌ أحمر يحتويني أنا أيضًا، ولم يكن ذلك من جعل الصدمة تعتلي ملامحي.

بل ذاك القماش الذي يُدفِئني؛ كان سبب الصدمة كُلها، فكان القماش مزين بي، وأنا خلفي البحر والرمال.

- ما هذا الـمـعـطـف؟ ومِنْ أين أتى ذاك؟

كان هذا ماتفوهتُ بهِ بصدمة وخوف، وأنا أشير على ذلك القماش الذي عليهِ أنا.

استرسلت أمِي بتعجب وانعقاد حاجبيها:
- رأيتُكِ ترتجفين فأحضرتُه لكِ!

- لا أتذكر إنه كان لدينا.

أردف أخِي مستنكرًا بضيق:
- جلبتُهِ لكِ فِي ذكرى ميلادك، ومِن وقتها لم ألمسه.

- لم ولن تلمسه.

تحرك أخِي ببطأ مقتربًا مِني، يظُن نفسه وحشًا ليلي، وهو فِي الأصل مهرج، تحدث بتلاعب سخيف مِثله:
- لِنرى!

ترنحت، وتشوشت الرؤية، وآخر ما سمعته حديثُ أمي القلق:
- احضر الطبيب سريعًا يا "أســامـة".

وفقدتُ الوعي.

________

- ...توتر عصبي، وقلة الطعام كما أخبرتُكَ! يُرجى الالتزام بالعقاقير المكتوبة، وفعل إشاعة سينية إذا حدث هذا مرةٌ أخرى.

- شكرًا لكَ، شكرًا، تفضل معي.

صدح صوت اغلاق الباب.
فتحتُ عيناي، وشعورٌ فادح بألمٍ يجتاح رأسي، كاد أن يفتك بي.
شردتُ لِدقائق قبل أن أعي بِمَ يحدث حولي؛ على أثر صوت غليظ! صوت ضخم، فظ، عالي صاخب:

- جلالة الملك المعظم "أولـيـفـر"،
   جلالة الملك المعظم "سـالار"،
   جلالة الملك المعظم "كـالـيـدوما"،
   جلالة الملك المعظم "نـوتـا"،
    عدونا "نـجـريـوس"،
    ضد "الـسـريـوس" فائزين.

كان الصوت عالي، مزعج، فوَضُعت يداي على أذنيَّ، وصرختُ بصوتٍ عالٍ؛ دخل على أثر صوتي والديَّ، صاحت أمي بصوتٍ أعلى مِن صراخي:
- ما بكِ "ثـورة"؟

عمَّ الصمت فِي أنحاء الغرفة، قطعته لِأشلاء بنحيبي، ضمني أبي بِحنان، وخوف يعتريه، همس بنبرة حنونة، دافِئة:
- أهدئِي عزيزتي، كُل شيء سيكون على ما يرام، أطمئِني حبيبتي.

ظلَّ يمسد على ظهري بحنان، وأنا متشبثة بهِ، دموعي تتساقط بوتيرة بطيئة على ملابسه، هدأتُ قليلًا بعد مدة مِن بكائِي، فبدأتْ أمي بإطعامي؛ لأتناول الدواء بعد إنتهائِي مِن الطعام.

________

بعد برهة،
أردفت أمي بإبتسامة لطيفة على وجهها:
- بِمَ تشعرين الآن؟

- بخير، لا تقلقي.

صمتُّ بتردد، أفكر بتعمق "هل أقص عليهم كوابيسي؟"، لمْ يُمهلني ذلك الصوت فرصة لِلتفكير، فقال بصوته الفظ فِي أذني:
- أتخونـيـن الوعـد، والعـهـد؟

وللخيالِ بقيّة!

عودة الورديِّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن