الفصل الثامن والعشرون

84 4 0
                                    

(( امرأة العُقاب ))
_ الفصل الثامن والعشرون _

وضع المفتاح في قفل الباب واداره مرتين لليسار ثم دفع الباب بهدوء ودخل .. بمجرد ما أن تخطو قدمه لذلك المنزل يشعر بدمائه ترتفع وتبدأ في الغليان من الغضب .. قاد خطواته تجاه غرفتها وفتح الباب بالمفتاح ثم دخل .
بمجرد ما إن فتح الباب ورأته وثبت واقفة من الفراش وهرولت نحوه تتشبث بملابسه وتهتف متوسلة :
_ عدنان أخيرًا جيت .. ابوس إيدك طلعني من هنا أنا هموت مش قادرة استحمل
دفعها بعيدًا عنه بنفور من لمستها فسقطت فوق الفراش .. القى عليها نظرة مشمئزة قبل أن يستدير ويغلق الباب من الداخل عليهم .. انهمرت دموعها وهي تتابعه يسير نحو المقعد المقابل لفراشها بمعالم وجهه أقل ما يقال عنها بلا رحمة .. لا يشفق عليها بمقدار ذرة واحدة .. انتزعها من قلبه والقاها كالقمامة تمامًا .

وقعت عيناه على الطعام الذي لم تتناوله ويملأ الصحون فابتسم بسخرية وقال في قسوة :
_ مبتاكليش ليه ! .. ولا اتعودتي على العز وأكل القصور .. اديكي بترجعي لأصلك بالتدريچ
فريدة ببكاء وتوسل :
_ أنا متأكدة إن لسا في شوية حب جواك ليا .. ارجوك طلعني من هنا واعمل فيا اللي إنت عايزه
قهقه بطريقة مريبة يجيب على جملتها مستنكرًا :
_ حب !!! .. إنتي ملكيش وجود أساسًا بنسبالي
صاحت ببكاء هيستيري تقول :
_ أنا معترفة بغلطي وإني استاهل عقابك .. طمعي وجشعي هما السبب .. وافقت اتجوزك عشان اطلع من الجحر اللي انا عايشة فيه ، بس والله العظيم عمري ما كنت بكرهك ياعدنان .. ولما اتجوزت جلنار وجابتلك الطفل اللي بتتمناه وشوفت اهتمامك بيهم معرفش أي حصلي حسيت إنك هتحبها وهتاخدك ومش هتبصلي تاني .. بعدها شوفت نادر ومش عارفة إزاي ضحك عليا و صدقته ومشيت وراه لغاية ما خنتك

يستمع إليها بثبات انفعالي غير متوقع يبتسم باستهزاء ويغمغم :
_ يعني اتجوزتيني عشان الفلوس .. وبتعترفي إنك عمرك ما حبتيني .. أنا مش مصدوم من كل ده لأنه أمر طبيعي بنسبة لواحدة خاينة زيك .. اللي صادمني أنا ازاي محستش .. ازاي كنت غبي ومخدوع فيكي كدا !! .
إجابته مسرعة تحاول الدفاع عن نفسها بأي حجة وهمية :
_ أسمهان هي اللي أجبرتني أحاول اقنعك إنك تتجوز .. أنا مكنتش موافقة
عدنان بصوت رجولي مخيف ونظرات واثقة :
_ صدقيني دي أفضل حاجة عملتها ماما
تطلعت إليه بحيرة من رده .. يبدو أن ابنة الرزاي حجزت مقعدها في المقصورة بالفعل .. انخفضت عيناها بتلقائية ليده فتراه يمسك بحافظة ورق كبيرة وبداخلها عدة أوراق .. ظلت تدقق النظر في يده بفضول واستغراب حتى رأته يفتحه ويخرج مجموعة اوراق ثم يضع يده في جيب سترته ويخرج قلم ويمد الأوراق والقلم إليها هاتفًا بصوت متحشرج :
_ امضى على كل ورقة يلا
_ ورق إيه ده ؟!
عدنان بغلظة :
_ تنازل عن كل حاجة كتبتها بأسمك ومن ضمنهم البيت ده
نقلت نظرها بين الورق وبينه بدهشة .. هاهي تخسر كل شيء تدريجيًا ولن يتبقى لها سوى ذاتها ! .. انتفضت بزعر فور سماعها لصيحته الجهورية بها :
_ يــــــلا
أمسكت القلم بيد مرتعشة تخط به على الورق ودموعها تنهمر بصمت .. وعند انتهائها من آخر ورقة جذبهم من يدها واعادهم للحافظة مرة أخرى .. ثم أخرج ورقة أخرى ورفعها أمام ناظريه يتطلع إليها بابتسامة مريبة .. هب واقفًا من مقعده واقترب منها بخطوات متريثة جعلتها تتقهقهر للخلف في رعب .. أحست وأن قلبها سيقفز من بين اضلعها ولم تهدأ إلا عندما وجدته ينحنى عليها وهو يمد الورقة هاتفًا بجفاء :
_ورقة الطلاق
فرت الدماء من وجهها ، وتسارعت نبضات قلبها بذهول ،  وصلت لنهاية المطاف وحان الآن رسم نقطة النهاية ، انفجرت باكية بقوة ولأول مرة تشعر بالندم على ما اقرفته .. ليتها لم تفعل .. ليتها اختارته .. فلو فعلت لم وصلت لهذه الحالة .

رواية امرأة العُقاب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن