ما أحببته في يناير

17 0 0
                                    

    في يومٍ ما، كنت ضائعة في صندوق بريدي، ووجدت عنوان إحدى الصحف التي قد نسيت لم اشتركت فيها، وجذبني هذا العنوان «عن كل شيء أحببته في يناير» وقلت في نفسي لمَ لا أقلد هذه الفتاة في تدوين الأشياء الحلوة التي أحبَّتها في كل شهر؟ ففي هذا إقرارٌ وتعداد للنعم المنسية التي عشناها، ومنه أحمد ربي وأتذكر هذه الأفراح وقت حزني، وسأبدأ بأول شهر في العام.

    كلما أتأمل ما حولي، أجد لساني يسبح الخالق المبدع، فسبحان اللّٰه الذي جمّل لنا الكون من بعد تسخيره، ورزقنا بأعين تقدِّر وترى الجمال وبأنفسٍ تطيب بمناظر الطبيعة الخلابة. ورغم الحرب والنفسية المتعبة والأخبار المؤلمة، ما زالت رؤية نهر النيل واستنشاق هواءه العذب ترد إليَّ روحي. وهنا في ربك - المدينة التي نزحت إليها - يوجد نهر النيل الأبيض، الرافد الرئيسي الثاني، والأول هو نهر النيل الأزرق، حيث يجتمعان في مقرن الخرطوم ويكونان نهر النيل، أطول نهر في العالم، والأجمل والأنقى في نظري.
كثرت مشاويري في يناير، ولم تكن سارة، فإما إلى المشفى أو السجل المدني لاستخراج الجواز، وهذا الأخير متعذرٌ الحصول عليه بشتى الطرق. لكن رؤية النيل كانت تخفف عليّ تعبي.

    بعد الخريف تظهر مواسمّ لمختلف أنواع المحاصيل والفاكهة، وتستمر طوال الصيف، ولبعد العاصمة حيث كنت أعيش، كنا نتحصل على اليسير من هذه الخيرات، ولكن بوجودنا في مكان الزراعة والحصاد فالخير وفير، ولقد أحببت البطيخ وقصب السكر جدًا، ولا يمضي يومان بلا حصولي على أحدهما. فللّٰه الحمد على نعمه التي لا تنضب.

    وفي الختام لا شيء أحب إليَّ من دفء عائلتي وحبِّهم، أحبُّ المشي إلى بيت خالتي الذي يبعد نصف ساعة من بيتنا، أمشي مع أمي وأختي، نتحدث ونضحك، ونشكو من سوء الشوارع وطول المشوار، وعندما نصل ننسى كل التعب بلقاء الأحبة، ساعات قليلة من عمر الزمان، لكنها تفيض سعادة، وعيبها الوحيد أنها تمضي على عجلٍ.

في وداع العشرينات.Where stories live. Discover now