الفصل الأول

10 1 0
                                    

كانت تركض  حافية القدمين  وسط غابة  كثيفة الأشجار تحت ضوء القمر  المكتمل، صوت لهاتها يعلو، ودقات قلبها  تتزايد، ومن خلفها أصوات  غاضبة  تصرخ بها لتتوقف

التفتت خلفها  بذعر  لترى  عددا مهولا من الناس  يمسكون  مشاعل من النار و الغضب يتقد من  أعينهم  يلاحقونها  يودون قتلها، سمعتهم ينعتونها بالوحش  ليتكسر  قلبها  من هذا الوصف  الذي يصفونها به

وصلت إلى  حافة جرف  ..إنها  النهاية، هي محاصرة  بين نارين  إما الموت  أو  الموت، ولكنها  حائرة  أي  الموتين  أهون، الموت  محترقة على يد أناس  غاضبين، أم  الموت  غرقا  بعد القفز من أعلى  الجرف؟

كانت عيناها تذرفان الدموع و قلبها  يئن على حالها  ،نظرت نحو السماء  تدعو الله  أن  يلهمها، ليقترب  صوت خطوات  الحشد  الغاضبين  ،ارتعش  جسدها  الغض  وهي تراهم  يقتربون منها  أكثر  ،ليصرخوا من  جديد "الموت للوحش "

لتحسم أمرها  أخيرا، و ألقت بنفسها  من الجرف  إلى  أعماق  البحر الأسود  المظلم

شهقت  زمرد  وانتفضت  من نومها و العرق يتصبب منها، نظرت حولها برعب لتستوعب  أخيرا أنه كابوس، تنهدت وقالت "نفس الكابوس مجددا، ما معنى هذا؟"

شربت بعض الماء و حاولت النوم من جديد و لكن تفكيرها بالكابوس حال دون ذلك

في الغرفة المجاورة لغرفتها كان والدها رعد جالسا أمام النافذة  في الظلام  يفكر في مصير ابنته بقلق، كلما كبرت عاما زاد قلقه  عليها وجفاه النوم

لا يعلم إلى متى سيخفي عنها الحقيقة؟إنه خائف من خسارتها فقد سبق له أن خسر أمها من قبل و هو ليس مستعدا ليفقدها هي الأخرى، ولكن ما السبيل إلى ذلك؟

تنهد بأسى وهو يغمض عينيه ويلمس صدره جهة قلبه وقد ارتسمت له ملامح زوجته الراحلة، تلك الجميلة التي سلبته لبه وأفقدته عقله بحبها

فرت دمعة من عينيه تعلن حداد قلبه المكسور وهمس "اشتقت إليك حبيبتي "

تنهد أكثر و مسح دموعه و  وقف متجها نحو سريره  لعل النوم يأسره فينسيه القلق والتوتر

في صباح اليوم التالي  استيقظت  زمرد بكامل نشاطها رغم  الأرق الذي أصابها ليلا ،بدلت ملابسها ونزلت إلى المطبخ لتعد طعام الفطور

ولكن كالعادة وجدت رعد قد حضر كل شيء، ابتسمت و اقتربت منه بهدوء حتى لا يشعر بها ثم  انقضت عليه تعانقه من ظهره "صباح الخير  يا أجمل أب في الكون "

ضحك رعد وداعب يديها الملتفتين حول خصره وقال "صباح النور والسرور لك أيضا صغيرتي "

ابتعدت عنه قليلا ثم قالت بعتاب " ألا يمكنك أن تتظاهر يوما بالنعاس  فتتركني أحضر الفطور بدلا منك؟"

ضحك مجددا وقال " الحقيقة أود ذلك  ولكنني  أخشى أن ينتهي بنا المطاف بلا منزل و نتشرد "

تعجبت من كلامه "ولكن ما دخل هذا بذاك؟"

وضع أصبعه على جبينها وقال "لأنك إن  حاولت إعداد الطعام  ستحرقين البيت بما فيه عزيزتي "

شهقت بطريقة درامية وأشارت إلى نفسها " أناااا؟؟!!"

ابتعد رعد وحمل الصحون إلى الطاولة وقال  "أجل  يا عزيزتي  ،أنت "  و ابتسم في آخر كلامه  ابتسامة مستفزة

ظلت زمرد تنظر إليه بصدمة حقيقية دون أن تنبس ببنت شفة

             🧜‍♀️🧜🧜‍♀️🧜🧜‍♀️🧜🧜‍♀️🧜🧜‍♀️🧜🧜‍♀️🧜

في أعماق البحر  في عالم  غير العالم  حيث  دنيا أخرى و جمال آخر  ،كان  "بحر " يتسلل هربا من  ذلك القصر المهيب و المتلئلئ، يتلفت حوله حتى يطمئن أن لا أحد يلحق به، حتى ابتعد قليلا  ووصل إلى  المخرج السري  الخاص به، ولكنه  وقبل أن  يزيح البوابة المموهة  حتى شعر بيد  توضع على كتفه وصوت حازم يقول "إلى أين تظن نفسك ذاهبا؟"

انتفض "بحر " والتفت ليرى صاحب الصوت الذي بدا غاضبا جدا،و تنهد براحة وقال "أيها الأحمق  لقد أرعبتني "

رد "أمان " بنفس الحزم "بحر  ...إلى  أين تذهب متسللا هكذا؟وإياك و الكذب "

ضيق بحر  عينيه وقال دون تردد "إلى  السطح "

شهق  أمان برعب و تلفت حوله حتى يتأكد أن لا أحد يسمع و شد  بحر من أذنه وقربه إليه  وقال بهمس "هل فقدت عقلك؟و مالذي ستفعله في السطح؟هل تريد أن تفضح أمرنا أيها الغبي، و أيضا ماذا إن علم والدنا بالأمر  هل تظن أنه  سيمرره مرور الكرام؟"

أبعده بحر وقال بنفاذ صبر "هذه ليست مرتي الأولى  ،لذا لا داعي للخوف  سأكون بخير، و أهل الأعماق  أيضا  ،هل يرضيك هذا؟هيا عد أنت  إلى البيت و سأكمل أنا رحلتي  إلى  السطح "

شهق مجددا  أمان مما جعل  بحر يقلب عينيه بضجر  ،وهذه المرة جره أمان من يده عائدا به إلى البيت و هو  يرغد و يزبد فوق رأسه "أيها الأحمق  تريد أن تعجل بخرابنا، تريد أن يكتشف البشر أمرنا  فيعيثون فسادا  في  موطننا  ،فنصير كسمك السردين بين أيديهم،أهذا ما تريده؟"

توقف بحر  وهو من سحب أمان إليه هذه المرة وقال وهو ينظر إلى عينيه "ما رأيك أن تأتي معي، هكذا ستطمئن أكثر و قد تغير رأيك أيضا  ويعجبك السطح "

غمز في آخر كلامه  ،أما  أمان فلم يعلم بما يرد، هذا الأحمق  لا يفهم أبدا  خطورة تصرفاته

تنهد بحر وترك يد أخيه و سبح مبتعدا عنه عندما لم يلقى منه جوابا، و عندما كشف عن ممره السري  وهم بالمرور من خلاله أوقفه صوت أمان  الذي  قال بتوتر "حسنا أنا سآتي معك "

إبتسم بانتصار وقال مستعجلا إياه"  إذن  هيا تحرك ماذا تنتظر "

خرجا فعلا و سبحا نحو السطح، كان بحر متحمسا  بينما أمان  كان قلقا و متوجسا ،ترى كيف هي الحياة على السطح؟

يتبع 🌊⛱️🧜‍♀️🧜

بين  عالمين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن