تصاعدت الهمهمات من كل صوب، يلتف حوله مستجوبون لا يكفون عن الكلام، لكن الراحة هي الجواب الذي تنطق به عيناه، ابتسامة باردة هادئة هي التي ترتسم دون شيء آخر، كل سؤال له جواب و كل جواب لا يقبل النقاش، اقلام تخط، لكن حبرها كان بدوره يخط بما يشتهيه صاحب الابتسامة.
فيما يشبه المحكمة يجلس الرئيس الى جانب المحامي، السؤال يطير من عدة افواه، و الجواب من نفس الفاه، نفس الفاه الحافظ لما يقول، اساسا لا يوجد من يُكذّب اي شيء مما يقول، اوراق تم نثرها على كل الوجوه و هذه المحاكمة شكلية غير ضرورية الى ان اصبحت مسرحية تتوزع فيها الادوار و كل شخص عالم بما يقول، خلف كل رأس يتم تثبيت زناد، ذلك الزناد مربوط بحبل رقيق، كل خروج عن النص يؤدي الى قطع ذلك الحبل و ضغط الزناد.
بدأ عرض الاسئلة:"انت رئيس عائلة ماكويل؟"
"انا كذلك"
ثم كل من احب ان يمثل يطلق سؤاله و الرئيس يجيب:
"اسمك يا سيادة الرئيس ذائع الصيت و ذو سمعة طيبة، جدك رجل حرب قاتل من اجل هذه البلاد، والدك ايضا بنى المشاريع هنا و ساهم في اقتصاد البلاد ايضا، نحن لا نكن الا الاحترام لهذه العائلة، لكن ما يتم اتهامك به لا يشفع له هذا التاريخ العريق"
"اتفهم ما تقول حقا، هذه جرائم ثقيلة لا اتوقع انها كانت سوف تبقى طي الكتمان لو انني ارتكبتها فعلا و كل الاعين مسلطة علي، اكبر جرائمي و بكل صراحة يا سيادة السيناتور هو ركلي لعدة عاهرات في منتصف الطريق السيّار و هذا لا يعتبر جرما، ادفع لهن اجرا ليس زهيدا و يحق لي فعل ما شئت بهن دون ارتكاب ما يسمى جريمة صريحة"
"و هل ركلهم لا يعتبر عنفا"
و بضحكة عالية اجاب:
"لا تقلق يا سيدي فأنا احرص على ان لا اسبب لهن الكدمات"
و من بعيد جاء سؤال آخر:
"بعيدا عن هذا، لقد كان خبر مشاكلك مع عائلة اخرى حديث الساعة، الكازينو المحترق الخاص بك، و الهجوم التالي بعد ايام قليلة"
"هذه اشياء خاصة بي، لقد خسرت الملايير و مات رجال مهمين ياسيدي المحترم، من المرجح ان تقوم فضيحة و زوبعة حادة من كل مكان، فكل رجال الاعمال و رجال عائلات كبيرة موتهم لن يمر مرور الكرام"
"حادثة المزاد يُقال انك من دبر لها و تطاير الرصاص في نهايته ما كان الا تصفية لكل منافس"
استدار عند المحامي مبتسما بسخرية بالغة ثم قال مستهزءا:
"كيف ادبّر لشيء كهذا و انا من فاز بالمزاد، لقد أعجبت بسيدة هناك ارادت منافستي و ما كانت لتسول لي نفسي ان اقتلها"
صرخ السيناتور بغضب مفتعل كي لا تُكتشف المسرحية و يتم اعطاء المصداقية لصرامة ما يدور:
"لا اعتقد يا سيدي انك تعرف جدية ما نتكلم عنه، تحوم حولك جرائم غاية في الجدية، هجوم مسلح على حانة في حي عام، ثم غرس الرصاص في كل من كان هناك، ثم تم ايجاد جثة في حديقة ظلماء و شوهدت قبل ذلك تحفر قبرا للجثة، و عدة اقوال تشهد انك الفاعل"
"حسنا، اذا كان الامر هكذا فأحب القول انه هراء بالكامل و لا تكف عن قول كلمة "تحوم حولك" و "اقوال منتشرة تقول كذا" اي ان كلامك كله فرضيات دون دليل و انه من السهل تدليس الحقائق و تدنيس اسمي، ان مشاريعي يا سيادة السيناتور تكتسح امريكا كلها، فلا استبعد ان اي متطفل حقير سوف يدرس خططا لدفن كل شيء، لقد اعطى المحامي الخاص بي كل الادلة لذا لا يوجد لدي ما اضيف، غير اننا ندين لكم باعتذار فوري على اتهامكم الغير مسؤول الا في حالة وجود دليل قاطع على كل ما قيل"
بهذه الكلمات ضرب بكفه الطاولة امامه غير متأثر بالاعلام و الكاميرات التي تنتظر فضيحته ولا بالهمهمات الصادرة من كل الحضور، بل عاد مقعده و لا تفارقه الابتسامة، الى ان طرق القاضي على الخشب و قام بتأجيل الجلسة الى أجل غير مسمى و قد شرب كل واحد فيهم شايا من تحضير الرئيس.
و في اليوم التالي عاد السيناتور الى مكتب الرئيس يشرب شايا آخر، السيناتور المذنب الذي خنق فتاة شابة في سريره، انه مجرد سادي سكّير آخر يحمي ظهر اشباهه، كل واحد يكنز الاسرار و يستخدم القوة و النفوذ لذلك، يده ملوثة بدماء بريئة شابة، لا تعرف بعد انها سلعة تُباع لشائب الرأس لا يعرف شيئا غير تلك الشهوة العابرة، ايديه المجعدة تلمس لحما طريا صبيانيا نقيا حتى تدنس.
السيناتور الذي تمنى ان يستخدم تلك اليدين و يخنق هذا الوغد الذي اماه ايضا، لأنه يحركه كما يشاء، و يستغل ذنبه ليغطي على خاصته.
لكل شخص نقطة سوداء، لكن توجد نقاط تُمسح و الاخرى عند محاولة مسحها تلطخ الصفحة مسببة سواد اكبر.
أنت تقرأ
سقوط عائلة الرئيس (قصة قصيرة مكتملة)
Randomمجرد كتابة قد تكون عشوائية غير منسجمة عن رئيس يسبح في وحل من العار و الشهوات، يهين امجاد عائلة عريقة، لا ندري هل سوف يغرق في ذلك الوحل ام ان الامور سوف تسير معه كما يريد