حُبكٌ يَهْوَى الصِّر - قصة إسلامية.

مَـغــرِبُ وَعــظ.

ثُم بعينِها جالَت على الأُعيِنِ المُنصِتة وبدأت

كانت فِكرَةُ الدَورَة بسيطة، كل يومٍ على مدارِ الشهر نُناقِشُ موضوع نَطرَحُ به عادَة أو حدَث أو أمرٌ مِن ما يمُر بِنا ونمُر عليه تعرِضُ بهِ الجانِب الفِقهي الديني وتُصحح عنهُ المعلومات بالأحاديثِ الصحيحة والأدِلة السَلمية.

وفي بِداية كُل جلسَة ستقرَأ علينا آيَة وتُفسِرها، تقرأهُا بتدبر، بخشُوع، بصوتِها العَذبُ الذي يُسقَى عليهِ الوَرد، ومن بدايةِ جزءُ عمَّ نَحفَظُ صورَة ونُسمعها لها في نهايةِ الدَورَةِ قبلَ رَحيلُنا. 

لكن هُنا، في الريفُ المصريّ الذي عُجَّ بِكبارِ السن كانَ منَ الصعبِ جداً تنفيذُ مُخطط الدَورَة دونَ الإخلال بإحدى مراتِبُها، لكنها كانَت صَبورَة جداً لِدرجة جعلتني أُفِكر إن اجتمعَت بدُنيا ستخرُج دُنيا هادِئة كنَسمَةُ ريحٍ في ظُهرِ الصَيف.

كانَ كِبارُ السِن دائماً ما يأتونَ لتسميع سورَة الإخلاص، ودائِماً ما تُسمعها لهم وتمدحهُم كما لو أن ذاتِ الشيء لم يحصُل أمساً،

في خِضَم المُناقَشة تَجذِب ذات السَيدات أطرافَ الحديث وبعضهُم يهتاجُ اعتراضاً وهُنا تتضِحُ مهارَتُها في النقاش وعرضُ أدِلة الجِدال مُغلفةٌ بالاحترام حتى تصمُت السيدة أو تنفُخ وتُكتِف يداها ثُم تدرِك وتستغفِر وتتعالىَ أصواتُ القهقهة. 

ذاتَ مرَّة جادَلتها امرأة عن كونِ بنتُ بنتُها أو حفيدُتها بشكلٍ مُختصَر، لا عيبَ عليها حينَ ترتدي السراويلُ والقُمصان الطويلَة معَ حِجاب وأجابَتها بكُل صَراحَة ودِقة بآية {قُل لأزواجِكَ وبناتِكَ ونِساءِ المُؤمِنين يُدنِينَ عَليهِن مِن جَلـٰبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعرَفنَ فَلا يُؤذَيْن وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيما} الآيَة ٥٩ مِن سورَة الأحزابْ. إِنهُ لأمرٌ صَريح ومُباشِر بارتِداءِ الحِجابِ وبدأت بتفسيرِ الآية، رُغم ذلك جادَلتها!

قالَت أروى باختِصارٍ شَديد كانَت نِهايَةُ الحِوار

" يا جدتي، إن حَفيدَتُك من علاماتِ قيام الساعَة.
من علاماتِ قِيام الساعَة الصُغرى ' الكاسِيات العارِيات ' أتعلَمينَ من هُم؟ إنهُن أشباهُها يا جَدتي إنهُن اللاتي يلبسن لباسًا لا يسترهن، إما لقصره، وإما لرقته، وإما لضيقه، سَنطيرُ أجمعينَ خلفَ الشَمس بسببها هي وحُلفائُها! "