٤

270 34 20
                                    

مر أسبوعين من الإزعاج، اضطررت أن أتعامل مع إخوتي لوقت طويل، ومجالسة أخي الصغير لأن أمي انشغلت في عملها بعدما تركتها تتولى كل الأمور وحدها، كنت منهكة أكثر من أي وقت مضى لأن نومي لم يعد طبيعي أيضاً.

استمرت الأحلام المزعجة من بعد ذلك اليوم المشؤوم، ذلك الرجل، الشيطان، مايزال يطاردني في نومي، أغلب الوقت كنت أراه يتكلم مع نفسه، لكنه بشكل ما لا يشبه نفسه، كان دائماً يملك قرون سوداء في رأسه بمقلتين خالصتي السواد وأظافر طويلة، كان دائماً يرتدي قميص ممزق ومتّسخ ويملك كدمات كأن شخص ما قام بتعذيبه.

هو أغلب الوقت يخدش الأرض بمخالبه، وبشكل غير مفهوم أجد سلاسل في رِقابنا، سلاسل متصلة ببعضها، في كل مرة أحاول الهرب يسحب السلاسل إليه بسرعة ويجرّني نحوه وعندما أظنّ أني سأموت في هذا الحلم ويقتلني، أجده يتوقف عن سحبي، يضع كلتا يديه الثقيلة على كتفيّ ويهمس بصوته المرعب "قيّدتكِ بي للأبد"

فتحت عيني... مازلت هنا؟
مهلاً الحلم لم ينتهي؟ كنت أستيقظ دائماً عند هذه اللحظة، ابتعدت للخلف بعد إدراكي لتسقط يديه عنّي، إنه نفس المكان الفارغ المليء بالضباب كالعادة.

أمسكت القيد وحاولت نزعه لكنه مستحيل، بل أكثر من المستحيل، وجدت يداي ملطختان بالدماء بعدما استسلمت وتركته، كأن القيد ينزف. رفعت رأسي للشيطان الذي أمامي وقلت "ماذا تكون؟ لماذا تظهر في أحلامي؟" كان صدى صوتي يتردد في المكان.

"أنا كل شيء وأنتِ بشرية" كان صوته مروِّع وقد يقبض القلوب لكن بطريقة ما كنت شجاعة في أحلامي أكثر من الواقع، لأني متأكدة أن لا أحد يموت بسبب حلم والأغرب من ذلك أن إحساس الخوف يتلاشى بسرعة، كأن هذه الأرض تمتص كل مخاوفي.

قلت بتساؤل "هل سوف تؤذيني؟"

حرك رأسه برفض "أبداً، ولكن هو سوف يفعل" قال وأشار بإصبعه خلفي، أدرت رأسي للخلف ببطء فرأيت جسم أسود يقف بعيداً ويلوّح لي، كان فقط هيئة رجولية سوداء، ابتلعت ريقي وأعدّت أنظاري إلى من تتعلق به سلاسلي "لماذا قد يؤذيني؟ أنا لم أفعل شيء!"

"أنتِ لم تفعلي شيء، ولكن هذه هي الحال مع كل شخص صنع رابطة أبدية عن طريق الخطأ دون موافقة أي من الطرفين، يتحتم علينا أن نموت"

"عمّا تتحدث! أي رابطة هذه؟"

ابتسم لتظهر أنيابه الطويلة اللامعة وتنحى جانباً ليهمس "أنتِ وأنا مترابطان حتى يفرقنا الموت، والموت أقرب إليكِ مني"

وقعت أنظاري حيث الخدوش التي صنعها على الأرض بأظافره لتتسع عيني.

عندها شهقت بقوة واستيقظت، هذه المرة كنت فعلا في البيت، نظرت حولي باِرتعاب وكان النهار بالفعل، كل الخوف الذي يختفي في الأحلام يظهر مجدداً دفعة واحدة سرعانما أستيقظ. نهضت بجلوس ووضعت كلتا يديّ على رأسي لأتمتم "هذا مستحيل! ذلك الشيء لن يقتلني... ماذا لو فعل!... إنه هو... مارتيوس إيكليف! ما حصل لم يكن من نسج خيالي"

حتى يفرّقنا الموتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن