اِسْتَيْقَظَت بَعْدَ ذَلِكَ لَأَجِد نَفْسِيّ فِي سَفِينَةٍ خَشَبِيَّةٍ ضَخْمَةٍ لِلْغَايَةِ ، تَفَرُّدُ أَشْرِعَتِهَا اَلْبَيْضَاءِ ممذقة الاطراف ذات اللون الأبيض الباهت يمسك باحبلة شراعها ثَلَاثًة مِنْ اَلرَّحَّالَةِ ، يُحَاوِلُونَ بِكُلِّ جُهْدِ فَرْدِ شِرَاعِهَا اَلرَّئِيسِيِّ لَكِنَّ اَلرِّيَاحَ كَانَتْ ثَائِرًة لِلْغَايَةِ رِيَاح أَشْبَهَ بِالْأَعَاصِيرِ تَدْفَعُ اَلرَّحَّالَةَ بِكُلِّ قُوَّتِهَا يُحَاوِلُونَ جَاهِدِينَ فَعَلَ ذَلِكَ لَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ يَصْرُخُونَ بِمُنْتَهَى اَلْفَزَعِ وَالْغِلْظَةِ إِلَى قَائِدِهِ اَلدَّفَّةَ جَمِيعِهِمْ فِي صَرْخَةٍ مُدَوِّيَةٍ تَخْتَرِقُ اَلْأُذُنُ تَرَاجُعًا أَيُّهَا اَلْمَجْنُونِ سَنُهْلَكُ ، لَنْ تَسْمَحَ لَكَ أَبْوَابُ اَلْبَحْرِ بِالْعُبُورِ سَنَمُوتُ ، لَكِنَّهُ لَمْ يَكْتَرِثْ لِأَمْرِهِمْ
بَلْ اِمْسِكْ اَلدَّفَّةِ بِغِلْظَةٍ وَاكْتَفَى بِتَعْبِيرِ وُجْهَةِ اَلصَّامِتِ شِفَاه مُنْفَجِرَةً تُغَطِّيهَا اَللِّحْيَةُ وَجْه عَابِسٍ يُغَطِّيهَا وِشَاحٌ أَبْيَضٌ ، مَلَابِس شَدِيدَةٍ اَلسَّوَادِ كَثُقْب أَسْوَد غَامِقٍ ، يَلْتَقِطَ أَنْفَاسَهُ بِمُنْتَهَى اَلْهُدُوءِ يَنْظُرُ إِلَى هَاوِيَةِ اَلْبَحْرِ كَأَنَّهُ يَتَحَدَّى تِلْكَ اَلْأَمْوَاجِ اَللَّعِينَةِ وَهُوَ يُتَمْتِمُ بِبَعْضِ اَلْكَلِمَاتِ بِصَوْتٍ خَافِتٍ ، عَارِفْ أَنَّكَ عَايذة تُخَوَّفِينَنِي وَعَايَرَنِي أَرْجَعَ لَكِنَّ أَنَا مُفَتِّشُ اَلْمَسَافَةِ دِي كُلَّهَا وَارَجَعَ فَاضَى عَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ نَبْرَةَ صَوْتِهِ بِمُنْتَهَى اَلشِّدَّةِ أَنَا عَارِفْ أَنَّكَ خَايْفَهْ وَمُتَأَكِّدَةٌ أَنَّى مِشِّ خَايِفْ اِفْتَحِي دُرَّاعَاتِكَ وَمتَّخَافِيشْ فِي تِلْكَ اَللَّحْظَةِ بَدَأَتْ أَمْوَاجُ اَلْبَحْرِ تَعْلُو أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ تَدْافَعُ اَلسَّفِينَةُ باثاثها يَمِينًا وَيَسَارًا تَتَسَاقَطُ مُعْظَمَ صَنَادِيقِ اَلسَّفِينَةِ وَتَسَاقُطِ مُعْظَمِ اَلْبَحَّارَةِ وَالْبَعْضَ اَلْآخَرَ تَرْكَ اَلشِّرَاعِ وَانْبَطَحَ عَلَى اَلْأَرْضِ مُمْسِكًا بِأَيِّ قِطْعَةِ خَشَبِيَّةً مُثَبَّتَةً فِي اَلسَّفِينَةِ وَهُوَ يَصْرُخُ كَطِفْلٍ رَضِيعِ هَتْمُوتِنَا يَهْتفمُّونَ يَا مِخْشْدِنْجِىْ اِرْجِعْ مَنْتَاشْ قَدُّهَا تُهْلِكُنَا مِخْشْدِنْجِىْ نَظَرَ إِلَيْهَا بِطَرَفِ عَيْنَيْهِ بِمُنْتَهَى اَللَّامُبَالَاةِ
وَأَحْزِم مُجَدَّدًا قَبْضَتَهُ عَلَى اَلدَّفَّةِ نظر إلية بحار بمنتهى الغلظة نظر إلية بعين واحدة فقد كانت عينة الاخرى مخطاة بوشاح اسود بثقة يمينة قبل ان يخرج خنجرا منْدَفَعَ إِلَيْهِ
مُمْسِكًا فِي يَدِهِ اَلْمُبَطِّنَةِ بِقُمَاشٍ رَخِيصٍ اصفر اللون مهترا
اَلْأَطْرَافِ خِنْجَرًا صَغِير اَلْقَامَةِ حَادٌّ لِلْغَايَةِ بِمِقْبَضٍ خَشَبِيٍّ لِتَثْبِيتِهِ ، نَهَضَ مِنْ عَلَى اَلْأَرْضِ وَأَخْذٍ يَزْحَفُ عَلَى عَلَى قَدَمَيْهِ مُحَاوِلاً اَلْوُصُولَ إِلَى مَخْسْدِنْجِىْ إِلَى أَنْ اِسْتَطَاعَ اَلْوُصُولُ إِلَيْهِ نظر ألية بعين تشع بالجحود والغل، امرة مخشدنجى بتثبيت الشراع فلم يتحرك سكن فى مكانة امرة مخشدنجى مرة اخرى فلم يتحرك بل اكتفى بتَسْدِيدُ طَعْنَةٍ جَانِبِيَّةٍ أَسْفَلَ ضلع مخشدنجى اَلْيَمِينِ وَسَحْبِ اَلْخِنْجَرِ مُحَاوِلاً تَسْدِيدَ طَعْنَةٍ أُخْرَى يَمِينُهُ لَكِنَّهُ لِحُسْنِ حَظِّهِ تَفَادِيهَا بِمُنْتَهَى اَلصُّعُوبَةِ نَظْرَةً أَلِيَّة بِمُنْتَهَى اَلْحِدَّةِ وَحَاوَلَ تَسْدِيدُ طَعْنِي ثَلَاثَ لُكُنَ تِلْكَ اَلْمَرَّةِ أَصَابَتْ وُجْهَةً مخشدنجى بِجُرْحٍ بَسِيطٍ سالت منة القليل من الدماء الحمراء ولامست وججة مخشدنجى ، وَضْعُ مِخْشْدِنْجِىْ يَدُهُ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ يَتَحَسَّسُ آثَارَ اَلدِّمَاءِ نَظَرَ إِلَيْهَا بِتَعَجُّبٍ مبتسما بكل ثقة دون أن يظهر اي من اسنانة، قبل ان يَنْدَفِعَ مُلْقِيَةً بِجَسَدِهِ عَلَى ذَلِكَ اَلْبِحَارُ لِيَتْرُكَ دَفَّةَ اَلْقِيَادَةِ وَتَبْدَأُ اَلسَّفِينَةُ بِالِاهْتِزَازِ يَمِينًا وَيَسَارًا سَدَادُ مِخْشْدِنْجِىْ لِقِمَّةِ مقورة بكل قوة الى فكة اليسار حاول تشديد لكمة اخرى قَبْلَ أَنْ يَخْتَلَّ تَوَازُنُهُ وَتَدْفَعُ اَلسَّفِينَةُ بِاتِّجَاهِ اَلْيَمِينِ اندفع مخشدنجى يمينا مرتطما بحافة السفينة واندفع الْبَحَّارِ يَسَارًا نَظَرَ إِلَيْهِ مِخْشْدِنْجِىْ مُحَاوِلاً اِسْتِعَادَةَ تَوَازُنِهِ مَرَّةً أُخْرَى فِي تِلْكَ اَللَّحْظَةِ اِنْدَفَعَ إِلَيْهِ اَلْبِحَارُ بِكُلِّ قُوَّتِهِ مُمْسِكٌ بِخِنْجَرِهِ فِي يَدِهِ وَهُوَ يَقُولُ فَلْتَذْهَبْ إِلَى اَلْجَحِيمِ أَيُّهَا اَللَّعِينِ لَكِنَّهُ وَعَلَى غِرَارِ اَلْفِأجاة وقبل ان يصل الى مخشدنجى وجد أن السفينة تميل يسارا وَجَدَ نَفْسَهُ يَتَرَاجَعُ إِلَى حَافَّتِهِ مَرَّةً أُخْرَى كَانَ اَلسَّفِينَةَ تَسْقُطُ مِنْ هَاوِيَةٍ غرز البحار بخنجرة فى سطح السفينة امسك بيدة اليمنة فوقها يدة اليسرة ليتثبت بكل ما اوتى من ، نَظَرُ خَلَفِهِ لِيَجِدَ أَنَّ اَلسَّفِينَةَ تَسْقُطُ مِنْ فَوْقِ حَافَّةٍ ضَخْمَةٍ لِلْغَايَةِ ، جَحَظَتْ عَيْنَاهُ عِنْدَمَا رَأَى ذَلِكَ اَلْمَشْهَدِ اَلَّذِي
إِهَابُهُ خَوْفَا مِنْ حَوْلِهِ ، نظر إلى مِخْشْدِنْجِىْ نظر اخيرة ليكْتَفَى مخشدنجى بِابْتِسَامَةٍ صَامِتَةٍ وَهُوَ يَقُولُ أَخِيرًا
فِي تِلْكَ اَللَّحْظَةِ تَرَكَ جَسَدُهُ بِكُلِّ سَلَاسَةٍ لِيَسْقُطَ مِنْ أَعْلَى اَلْهَاوِيَةِ بَيْنَمَا تَمَسَّكَ اَلْبِحَارَ بِأَطْرَاف اَلسَّفِينَةِ وَهُوَ يَقُولُ بِأَعْلَى نَبْرَةٍ مِنْ صَوْتِهِ اَللَّعْنَةَ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْمَلْعُونِ ،
هَوَتْ اَلسَّفِينَةُ مِنْ أَعْلَى اَلْحَافَّةِ بِكُلِّ قُوَّةٍ لِتَتَحَطَّمَ إِلَى آلَافِ اَلْقِطَعِ اَلْخَشَبِيَّةِ فِي كُلٍّ مِنْ جُزْءٍ مِنْ اَلثَّانِيَةِ وَتَخْتَرِقُ إِحْدَى اَلْقِطَعِ اَلْقَفَصِ اَلصَّدْرِ مُتَّجِهَةً إِلَى اَلْقَلْبِ مُبَاشَرَةِ لِيَتَوَفَّى لِذَلِكَ اَلْبِحَارِ فِي تِلْكَ اَلثَّانِيَة ، بَيْنَمَا سَقَطَ مِخشُّدَنجِي بِكُلِّ سَلَاسَةٍ مِنْ اَلْحَافَّةِ كَأَنَّ تِلْكَ اَلْأَمْوَاجِ قَدْ اِفْتَرَشَتْ حَرِيرًا اِرْتَمَى بِدَاخِلَةٍ ، آفَاقُ مِخشِّدنجِي عَيْنِية دَفَعَ بِقَدَمَيْهِ كالفراشة إِلَى أَنَّ إِلَى أَنْ اِسْتَطَاعَ اَلْإِفْلَاتُ مِنْ قَبْضَةِ اَلْمَاءِ اَلَّتِي كَانَتْ تَسْحَبُهُ اخُذْ شَهِيقًا عَمِيقًا تَبِعَةَ زَفِيرِ بِتَنَهُّدِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى جُرْحِهِ لَا زَالَ يَنْزِفُ ، جَدَّفَ بِيَدَيْهِ يَمِينًا وَيَسَارًا إِلَى أَنَّ أَ
امسَكَ بِقِطْعَةٍ خَشَبِيَّةٍ كَبِيرَةٍ اَلْحَجْمِ مِنْ أَثَرِ اَلسَّفِينَةِ وَارْتَمَى فَوْقَهَا وَهُوَ يَتَنَهَّدُ بكل سرعة اِقْتَطَعَ ثِيَابَهُ وَقَامَ بِمُدَاوَاةِ جِرَاحِهِ بِشَكْلٍ عَشْوَائِيٍّ ، ثَنَى عَلَى رُكْبَتَيْهِ عَلَى اَللَّوْحِ وَأَخْذٍ يُجَدِّفُ بِبَاطِنِ كَفَّيْهِ فِي اَلْمَاءِ بِشَكْلٍ بَطِيءٍ وَهَادِئٍ فَقَدْ هَدَأَتْ تِلْكَ اَلْأَمْوَاجِ نِهَائِيًّا وَأَصْبَحَ اَلْمَاءُ صَافِيًا وَهَادِي وَأَهْدَتْ اَلرِّيَاحُ بِنِسْبَةٍ لَطِيفَةٍ مِنْ اَلْهَوَاءِ دَاعَبَتْ وَجْهَهُ بِكُلِّ رِفْقٍ وَصَفَتْ اَلسَّمَاءُ مِنْ غُيُومِهَا بِشَكْلٍ نِهَائِيٍّ أَخْذِ مِخْشْدِنْجِىْ بِالتَّجْدِيفِ بِذَلِكَ اَلشَّكْلِ كَأَنَّهُ يَعْرِفُ وُجْهَتَهُ اَلْأَسَاسِيَّةَ
فَقَط يَسِيرُ مَعَ اِتِّجَاهِ اَلرِّيحِ بِاتِّجَاهِ اَلشَّمَالِ إِلَى أَنَّ بَدَأَتْ يَابِسَةً بِالظُّهُورِ ظِلَالِ اَلْجِبَالِ تَفْتَرِشُ مَضِيقًا لَا يَتَجَاوَزُ اَلْعَشْرَ اَلْأَمْتَارِ مَنْثُورًا يَمِينًا وَيَسَارًا فِي جَمِيعِ أَرْجَاءِ اَلْمَكَانِ جَدَّفَ مِخْشْدِنْجِىْ بِكُلِّ سَلَاسَةٍ إِلَى أَنَّ لَامَسَ بِدَايَةِ ذَلِكَ اَلْمَضِيقِ وَدَخَلَ بِهِ وَهُوَ مُبْتَسِمٌ يَضْحَكُ بِكُلِّ جُنُونٍ يخبط بكف يدة على ذلك اللوح الخشبيى كأنة لايصدق تَكَاد عُقْلَةٌ يُشِلُّ مِنْ اَلسَّعَادَةِ أَخْذ يُرَدِّدُ كَلِمَةً وَاحِدَةً بنبرة مليئة بالضحك الساخر اشبة بألحشاشين
أَخِيرًا
أَخِيرًا
أَخِيرًا
وَهَكَذَا عَلَى ذَلِكَ اَلْحَالِ إِلَى وَصْلٍ إِلَى نِهَايَةِ ذَلِكَ اَلْمَضِيقِ لِيَجِدَ جَنَّةً مِنْ جَنَّاتْ اَللَّهِ فِي اَلْأَرْضِ يَابِسَةً مَلِيئَةً بِالْأَرْضِ أَشْجَار ضَخْمَةً طَوِيلَةً اَلْبُنْيَانِ مُزَرْكَشَةً بِالْوُرُودِ اَلْحَمْرَاءِ وَالْبَيْضَاءِ ، رَائِحَةُ اَلْفَرَاوْلَةِ تَفْتَرِشُ اَلْمَكَانَ فَوَاكِهَ فِي جَمِيعِ أَرْجَاءِ مَكَانٍ رمال بيضاء تفترش الأرض رَسَا مِخْشْدِنْجِىْ بِقَدَمِهِ عَلَى رِمَالِهَا اَلْبَيْضَاءِ اَلسَّاحِرَةِ اَلَّتِي اِخْتَرَقَتْ أَنَامِلَ قَدَمَيْهِ بِكُلِّ حُبِّ وَالسَّلَاسَةِ تَسَاقَطَتْ بَعْدَ اَلدُّمُوعِ مِنْ عَيْنَيْهِ دُمُوعَ اَلسَّعَادَةِ وَالْفَرَحِ اِتَّكَأَ عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُوَ يَتَأَلَّمُ مِنْ شِدَّةِ جِرَاحَةٍ اِسْتَنَدَ بِيَدَيْهِ عَلَى اَلْأَشْجَارِ وَهُوَ يَتَجَوَّلُ فِي تِلْكَ اَلْحَدِيقَةِ اَلرَّائِعَةِ يَرَى سِرْبٌ مِنْ اَلْغَزَالِ يَأْكُلُ اَلشَّجَرُ يَقْفِزُ بِكُلٍّ مَرِحٍ وَسُرُورْ ، رَاقِبْهُمْ مَخشِّدِنْجِىْ بِمُنْتَهَى اَلْحَذَرِ فَقَدْ كَانَ يَتدورُ مِنْ شِدَّةِ اَلْجُوعِ حَاوَلَ مِخْشْدِنْجِىْ كَتْمَ أَنْفَاسِهِ وَالسَّيْرُ بِخُطُوَاتٍ مُتَبَاطِئَةٍ على اناملة اصابعة بِاتِّجَاهَ أَحَدِ اَلْغِزْلَانِ تَحْدِيدًا أَصْغَرَهُمْ سِنٌّ إِلَى أَنْ أَصْبَحَ عَلَى شَفَا بَعْضِ اَلْخُطُوَاتِ مِنْهَا اِرْتَمَى مخشدنجى بِجَسَدِهِ عَلَيْهَا لَكِنَّهُ
فَشِلَ باَلْإِمْسَاكُ بِهِا وسقط على الارض بكل قوة وَاذَادْ جَرَحَة بِالِاتِّسَاعِ وَازْدَادَ اَلْألم اِرْتَمَى مِخْشْدِنْجِىْ عَلَى اَلْأَرْضِ يَنْظُرُ لِلسَّمَاءِ لِيَجِدَ بَعْضُ ثِمَارِ اَلْفَاكِهَةِ نَهَضَ مُجَدَّدًا وَتَسَلَّقَ بِكُلِّ قُوَّتِهِ إِلَى أَنَّ وَصَلَ لِتِلْكَ اَلْفَاكِهَةِ اِقْتَطَفَهَا بِكُلِّ قُوَّتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ مُجَدَّدًا إِلَى اَلْأَرْضِ وَيَتَنَاوَلُ تِلْكَ اَلثَّمَرَةِ بِكُلِّ شَهِيَّةِ وَجُوعِ تَحَرُّكً مُجَدَّدًا يَتَلَفَّتُ يَمِينًا وَيَسَارًا يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ هَلْ يَسْمَعُنِي أَحَدًا هَلْ يُوجَدُ أَحَدٌ فِي تِلْكَ اَللَّجْنَةِ لَا تُوجَدُ أَيُّ إِجَابَاتٍ ، يَتَلَفَّتَ فَقَطْ يَمِينًا وَيَسَارًا يَسْتَكْشِفُ عَيْنَيْهِ جَمِيعَ اَلْأَشْيَاءِ يَتَفَحَّصُهَا بِكُلِّ عِنَايَةِ وَرَاشِدْ آلَ أَنَّ اِسْتَوْقَفَ نَظَرِة شَلَّالَا هَائِلاً طَوِيلاً لِلْغَايَةِ تَتَدَفَّقُ مِنْهُ اَلْمِيَاهُ اَلزَّرْقَاءُ لَامِعَةً اَللَّوْنِ بِكُلِّ غَزَارَةٍ تَهْبِطُ بِمُنْتَهَى اَلْهُدُوءِ وَالْيُسْرِ تَبَلَّلَ مُعْظَمُ اَلْحِجَارَةِ اَلضَّخْمَةِ اَلْمَوْجُودَةِ أَسْفَلَ ذَلِكَ اَلشَّلَّالِ هَرْوِلْ مَخشِّدِنْجِىْ بِكُلِّ سُرْعَةٍ بِاتِّجَاهِهَا وَمَدَى كَفِّ يَدِي لِيَشْرَبَ اَلْمَاءُ بِكُلِّ شَرَاهَةٍ ، لِيَسْمَع صَوْت نَاعِمٍ لِلْغَايَةِ يَأْتِي مِنْ خَلَفِهِ قَائِلاً أَحْسَنَتْ يَا مِخْشْدِنْجِىْ لَقَدْ نَجَحَتْ وَأَصْبَحَتْ فِي جَنَّةِ اَلنَّعِيمِ اِلْتَفَتَ مِخْشْدِنْجِىْ خَلَفُهُ لِيَرَى فَاتِنَةً شَدِيدَةً اَلْجَمَالِ شَدِيدَةً اَلْبَيَاضِ مَفْتُونَةً اَلْمَلَامِحِ بشْعُرُ اِسْوَدَّ كألْحَرِيرُ وَعَيْنَيْنِ بُنِّيَّتَيْنِ تَجْعَلُ اَلْعَاشِقَ يَتُوهُ فِي جَمَالِهَا اِبْتَسَمَتْ
لمِخْشْدِنْجِىْ لِتَطَهُّرِ غَمَازِة حُفِرَتْ بِكُلِّ دِقَّةٍ فِي وَجْهِهِ تَعْلُو شَفَايِفْ اَلتُّفَّاحُ بِبَعْضِ اَلسَّنْتِيمِتْرَاتِ تَلَعْثَمَ فَمُ مِخْشْدِنْجِىْ عَنْ اَلْكَلَامِ فَمَدَّدَتْ يَدُهَا مُجَدَّدًا لَهُ فَاحْمَرَّ وَجْهُ مِخْشْ دِنْجِىْ عِنْدَمَا أَتَتْ إِلَى جَسَدِهَا اَلْعَارِي كَأَنَّهَا كَمَا وَلَّدَتْهَا أُمُّهَا فِي تِلْكَ اَللَّحْظَةِ نَظَرَ إِلَيْهَا مُبْتَسِمًا لِيَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهَا وَيَسِيرُ خَلْفَهَا بِكُلِّ سَلَاسَةِ كَكلْبٍ يَسِيرُ خَلْفَ سَيِّدَةٍ ، أَوْقَفَتْ مِخْشْدِنْجِىْ عَلَى غَفْلَةٍ نَظَرَتْ إِلَى عَيْنَيْهِ تَبْتَسِمُ قَائِلَةً أَنْتَ اَللَّيُّ اِخْتَرْتُ بِأِيدِكْ اَللَّيُّ أَنْتَ بَتْدُورْ عَلَيْهِ تَحْتَ رَجُلِكَ ، نَظَرُ مِخْشْدِنْجِىْ تَحْتَ قَدَمِهِ لِيَرَى اَلْقِلَادَةَ ، مَدُّ يَدِ إِلَيْهَا سَحْبَهَا مِنْ اَلتُّرَابِ لَمْ يُنَظِّفْهَا رَغْمُ اِتِّسَاخِهَا اِرْتَدَاهَا عَلَى اَلْفَوْرِ ، لِيَرَى تِلْكَ اَلْجَنَّةِ تَنْقَلِبُ إِلَى خَرَابَةِ أَشْجَارٍ مَيِّتَةٍ رَمَادَ جُثَّةِ تِلْكَ اَلْفَتَاةِ مُتَخَشِّبٌ فِي مَكَانِ مَاءِ ذَلِكَ اَلشَّلَّالِ اَلَّذِي شَرْبَةَ لِلتَّوِّ مَاءَ قَذِرٍ مَلِيءٍ بِالطَّحَالِبِ وَالْأُوسَاخَ ، ثِمَارُ اَلْفَاكِهَةِ اَلَّتِي تَنَاوَلَهَا ثِمَارًا فَاسِدَةً يَشِعُّ بِهَا اَلْعَفَنُ اَلْأَخْضَرُ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهَا ، جِرَاحَةٌ لَا زَالَ حَيًّا لَمْ يُشْفَ لَكِنَّهُ لَمُّ لَايْؤْلْمَة ، فِي تِلْكَ اَللَّحْظَةِ سَمِعَ مَخشِّدِنْجِىْ صَوْتَ مِنْ خَلَفِهِ أَنْتَ تُقَدِّرُ تَسَيُّبُهَا هِيَ إِلَى هَلَكَتِنَا اَلْقِلَادَةِ دِي لَعْنَةٍ عَلَى أَيِّ حَدِّ بِيلْبَسْهَا سَيْبِهَا وَامْشِي اِلْتَفَتَ مِخْشْدِنْجِىْ يَبْحَثَ عَنْ آثَارِ ذَلِكَ اَلصَّوْتِ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ أَحَدٌ ، نَظَرًا مِخْشْدِنْجِىْ إِلَى اَلْقِلَادَةِ اِمْسِكْهَا بِأَنَامِلِهِ وَهِيَ مُعَلَّقَةٌ فِي صَدْرِهِ ، اِبْتَسَمَ إِلَيْهَا اِقْتَرَبَ بِفَمِهِ إِلَيْهَا لِيَهْمِسَ إِلَيْهَا نَعِمَ سَنَسْتَمْتِعُ كَثِيرًا أَيَّتُهَا اَلْمَلْعُونَةِ
* * * * * * * *
أنت تقرأ
سَبْعُ أَرْوَاحِ( مكتملة)
Fantasyأَدْرَكَتْ أَنَّهَا كُلَّمَا تَرَكَتْ جَسَدَهَا عَلَى السَّرِيرِ، غَرِقَ السَّرِيرُ وَأَصْبَحَ بَوَّابَةً لِعَالَمٍ أُخَرَ