الفصل الأول: (أول سُقوط لِندفات الثلج)

3 4 15
                                    

ولدتُ في فرنسا، في شهر فبراير حيث أول تساقط للثلوج في مارسيليا
فأسمَتني جدتي بـ هيڤير؛ الشتاء بالفرنسية
فَكرِهتُ فبراير و كَرهتُ الشِتاء.
   

* * * * *

_ هيڤير، الجدة ماريّا تناديكِ

استقامَت الطفلة ذات السِتة أعوام عن مقعدها لِتلبّي نداء جدتها الذي تم إعلامها به من قِبل خالها الأصغر آدولفو و الذي تحب أن تناديه بالسيد لطيف، و ها هو ذا يُمسك يدها و يمشي معها خارج غرفة المعيشة حيث كانت جالسةً تقرأ قصة مصوّرة عن الحيوانات و الأسد ملك الغابة فَغابت معهم عن العالم الواقعي و اندمجَت مع أحداث قصتها الطفولية، ليذهبَ بها حيث غرفة جدتها ثم يبقى واقفاً عند الباب هناك

نظرت إليه بِعبوسٍ طفيف كأنما تطلب منه الدخول معها ما دفعه للضحك مُستلطفاً شكلها بهذا العبوس، فَأنحنى حتى صار بِمستوى طولها ليربّت على شعرها الأسود الطويل

_ لا تقلقي الخال آدولفو سيبقى هنا حتى تخرج هيڤير الصغيرة

قرص وجنتها المُحمرّة في نهاية حديثه، لتقهقه قهقهاتٍ طفولية ظريفة و تدخل بالتبسّم على وجهها الجميل و كل همّه صارَ ألّا يراها تخرج دونما تعبيرٍ أو باكية كآخر مرّة !

أما عند الطفلة الصغيرة، فقد اقتربَت من موضع جلوس الجدة ماريا المعروفة بِطباعها الصارمة، إذ كانت تجلس على كرسيٍّ قرب نافذة غرفتها الواسعة حيث تحتسي فنجاناً من القهوة المُرة و تناظر حال الطقس في الخارج من زخّات مطر و رعد شديدين عبرَ زجاج النافذة، فَتُضاء زوايا الغرفة المُظلمة كلما هبط رعدٌ على الأرض إذ أنّ نار المِدفأة في زاوية الغرفة أو الشموع الصغيرة التي تُشعلها لم تكُن كافية كمصدر إضاءة

_ السماء غاضبة اليوم ...

_ لمَ السماء غاضبة يا جدتي؟

الصوت الطفولي أبهَج النبرة ذا اللهجة الفرنسية الركيكة شدّ مسامعها إليها فَتبسّمَت تناظر هيئة حفيدتها المُفضلة، إذ أنهما تمتلكان ذات العينينِ الياقوتيّتين الفريدتين و البشرة الباهِتة، هي رفعَت يدها النحيلة تشير للفتاة بالتقدّم نحوها أكثر، و هو أمرٌ يخيف الصغيرة أحياناً فَهي تخاف التعرض للضرب أو التوبيخ كما حدث آخر مرّة لكنها اقتربَت بأيّ حالٍ فمن المحال عليها مخالفة أوامر الجدة، فأذا بها أصبحت واقفةً مقابلةً لها و على الرغم من كون الجدة جالسةً إلا أنّ هيڤير لازالت تبدو قصيرةً جداً فَتخفض عينيها عند النظر لها

_ هل اكمَلتِ واجباتكِ؟

_ نعم جدتي، فَعلت.

رغم أنها بلغَت السادسة حديثاً إلا أن عائلتها ألحَقوها بِمدرسة خاصة للنبلاء، كما تمّ حديثاً قبول أطفال من عائلات الطبقة المتوسطة الذين يتجاوزون اختبار التأهّل الخاص للمدرسة، وجدَت الجدة ماريا هذا أمراً ممتازاً فَهي أعرَفُ الناس بِقدرات حفيدتها العالية رغم صِغر سنّها

و قد مرَّت فترة صمتٍ بدَت طويلة للفتاة الصغيرة التي كانت تضعُ أنظارها على سجاد الأرضية لكنها تشعرُ حتماً بِعيون جدتها الشديدة عليها فَلم تجرؤ على رفعِ أبصارها، و كانت خائفةً حتى كادَ يُبان إرتجافها لكنها شدَّت قدميها بكل قوة كامِنة في بدنها الصغير فَهي تعلم عاقبة أقل حركة خاطئة تبدُر عنها
و بعد ذلكَ الصمتِ الطويل الذي كانت فيه ماريا سارحةً في عُمق أفكارها، نطقَت الإذن لها بالرحيل

_ حسناً، يُمكنكِ الذهاب الآن

تنفسّت هيڤير فَلم تكن تُدرِك أنها كانت تحبسُ نفَسها و قد تبددَ خوفها و احتلّت الراحة صدرها كأنما تحررَت من سجنٍ ما أخيراً، و الأمر بالنسبة لِعقلها الطفولي سيّان!..

خرجَت من الغرفة المُظلمة بِراحة و فضول لِترى إن كان الخال آدولفو لازال عند كلمتِه و انتظرها أم أنه ملّ و ذهب، و كما كانت توقعاتها فقد وجدَته حيث هو لم يتحرك إنشاً و في يده كتاب صغير يقرأه بِتمعّن حتى رفع رأسه و ابتسم فَفعلت هي الأخرى و اقتربَت نحوه بِخطوات سريعة حتى صارت في حضنه الآمن لها

_ أراكِ سعيدةً جداً هيڤي

قهقه مُتسائلاً عن سبب هذه السعادة الواضحة من احتضانها الشديد له و التبسّم الواسع على شفتيها ليحملها و يذهب خارج الممر عابراً غرفة المعيشة متخطياً إخوته و أبنائهم و يوميء لوالدتها بِمعنى أنه سيتكفّل بها و يأخذها لِغرفتها فقد اقترب موعد النوم بالنسبة لها، دخل و أغلق الباب خلفه ثم اقترب ناحية السرير ذو الملاءات البيضاء الكثيفة ليضعها فوقه و يجلس بجانبها

_ الجدة ماريا لم توبخِني هذه المرّة !

ابتسم لها بإفتخار على نجاحها، فقد قالت أنها ستحرص على عدم إرتكاب أي فعلٍ خاطِئ أمام جدتها و قد نجحت بذلك و قد وعدها أنه سيحكي لها حكاية الأميرة النائمة إن نجحت في هذا، فَها هو ذا يستلقي بطوله الذي كان أكبر من حجم سريرها الصغير لكنه لم يمانع حقاً لتحتضنه سريعاً بِحماس لسماع القصة، ليبدء السرد بينما يمسح على شعرها الناعم

_ في قديم الزمان ... وُلدت أميرة في قمّة الجمال، مثلكِ تماماً.. اسمها كان أورورا، لكنها لم تعِش في قصر الملك أبداً إذ أمرَ الجنيات بأخفاء الأميرة في كوخ صغير في غابة جداً بعيدة

قاطعتهُ بِفضول قائلة: لمَ فعل ذلك؟، هل هو لا يحب إورورا الجميلة مثلما يُحبني بابا ؟!

قهقه لِتفكيرها الطفولي ثم نفى ليتابع: بل لأنه أراد حمايتها من الساحرة الشريرة، فقد وضعَت الساحرة لعنة للبنت الصغيرة، ستكبر الأميرة لِتصبح فتاة جميلة للغاية، و حين تصل سنّ الثامنة عشر ستغرز أصبعها في إبرة خياطة فَتغطّ في سباتٍ أبدي لا تستيقظ منه إلا بِقبلة .. حب حقيقي !
     

____________

انتهى الفصل الأول، قصير
لكن الفصول القادمة ستكون أطول ⁦⁦⁦♡

رأيكم بالفصل الأول ؟؟
  

بطلة الرواية، هيڤير، توقعاتكم حولها؟، شخصيتها؟
هذا جزء من طفولتها في فرنسا .
    

ترقبــوا الفصل القادم .. ❥

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Mar 25 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الكونتيسةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن