⊰•∘ الفصل الثّاني : قفزة الثّقة ∘•⊱

33 4 1
                                    


رافِقني دون أن تفارقني بعد ذلك.

_________________________


كان كلّ شيءٍ هادئاً... مثاليّاً.

بدءاً مِن صوت اقتران الأمواج بالرّمال، ثمّ انحسارها.. إلى نعيق طيور النّورس المتفرّقة فِي أرجاء السّماء، و الّذي امتزج بدوره مَع تعاقب صخب المياه و هدوئها. حتّى النّسيم كان عليلاً، معبّقاً بملوحة البحر.. رغم برودته، إلّا أنّه كان منعشاً.

سرتُ و الفاتنة جوهيون إلى جانب بعضنا، قاصدَين العودة إلى حيث ننتمي - إلّا أنّني بتُّ أظنّني أنتمي حيث تكون هي - كُنتُ أعقد يدَيَّ خلف ظهري فِي حين أنّها تضع خاصّتَيها فِي جيبَي معطفها. كان الأمر أشبه بسيرنا فِي هالةٍ كرويّةٍ غير مرئيّةٍ منبثقةٍ مِنها، تحيط بِها.. كُنتُ محظوظاً بمشاركتها إيّاها بدعوةٍ مِنها، كما لَو أنّها دعَتْني لمشاركتها الاستماع إلى قائمة الأغاني الخاصّة بِها. كان الأمر بذات الأهمّيّة. كان مميزاً.

رفعتُ نظري إلَيها بغية لقاءٍ عميقٍ مَع عينَيها، إلّا أنّهما قَد كانَتَا مشغولتَين فِي النّظر مليّاً إلى أمرٍ ما فِي الأسفل. و بدوري أخفضتُ رأسي لكي أتمكّن مِن معرفة ما يدور فِي رأسها العجيب، و لَم أرَ شيئاً غير أقدامنا و نحن نسير، و الرّمال تتحرّك فوقها لتعود تحتها بحركةٍ انسيابيّةٍ تتجانس مَع خطواتنا.

حاولتُ إمعان التّفكير فِي ما قَد يحظى بكامل اهتمامها مِن ذلك - إذ لا يعقل أن تكون خطواتنا هي الّتي تفعل - إلى أن أدركتُ أمراً رغبتُ التّأكّد منه...

توقّفتُ برهةً قصيرةً عَن السّير بشكلٍ مفاجئ، لأجدها قَد فعلَتِ المثل. رفعتُ حاجبي الأيسر فِي تفكيرٍ مجدّداً، فِي حين أنّ نظري مازال مثبّتاً فِي الأسفل، ثمّ عدتُ للسّير مِن جديد، و أوّل خطوةٍ مشيتُها كانَتْ بقدمي اليمنى إلّا أنّني لَم أنظر لحيث أمشي هذه المرّة، بل راقبتُ السّاق الّتي حرّكَتْها بالتّزامن مَعي، و ضحكتُ بخفّة لتمكّني مِن اكتشاف الأمر.

إنّها حقّاً طفوليّةٌ - رغم نضجها و عمقها - بشكلٍ لطيفٍ، يناسبها.

رفعتُ رأسي ناظراً إلَيها نظرةً تقول لَها (أمسكتُ بِكِ) أهزّ رأسي إلى الجانبَين لأجدها تبتسم بسعادة. هي جميلةٌ بحقّ، ولا أظنّ هناك ما قَد يزيد مِن جمالها - فهي تتصدّر قمّة معانيه - لكنّ الشّمس التّي تخلخلَتْ أشعّتها بين خصلات شعرها سماويّ اللّون، و انعكسَتْ هي و بريق البحر فِي عينَيها جعلاها تبدو كما الخيال..

كأوّل شخصٍ تباعد بين جفنَيكَ بعد غيبوبةٍ طويلةٍ و تراه أمامك، كملاكٍ يحتضنكَ و يوقظكَ على ترنيمات صوته العذبة مِن كوابيسَ مخيفة. كانَتْ تنظر إلَيّ كذلك طوال مدّة شرودي بِها، و تأمّلي لَها. باعدَتْ بين شفتَيها لتنبس بصوتها المثير للسّكينة، و العابث بالنبضات فِي ذات الوقت دون أن تدرك تأثيره - أو ربّما أنّها تفعل؟ - و سألَتْني " كوون سونيونغ.. ما الّذي يشغل أفكارك؟ " لأردّ سؤالها بسؤالٍ فِيه إجابتي " و مَن غيركِ؟ "

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Mar 30 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

جِدني مجدّداً.. || كوون سونيونغحيث تعيش القصص. اكتشف الآن