BAD SCHOOL 2

أخر ليلة من نوڤمبر

_ أنني أحبك حتى في منعطفات الحياة الخطرة والسيئة ، حتى مع رغبتي في أن أكون وحيداً ، حتى رغم برودي المفاجئ نحو كل شيئ وغضبي العميق تجاه هذا العالم .
فيودور دوستويفسكي

" لماذا أتيتِ ؟ ألم تكوني في موعد ؟ "

التفتت نحوه حيث تحرك نحو ماكينة القهوة  تراقبه وهو يحضرها

" لم تسألني ماذا سأشرب ، وها أنت تحّضر القهوة "

ابتسم بخفة بعد أن ضغط الزر

" أعرفكِ أكثر من نفسكِ "

" وما الذي تعرفه ؟ "

" أنكِ تفضلين القهوة في الليل "

صمتت تراقبه ، كان يتحرك بعشوائية ، حركاته لا معنى لها ، قام بالضغط على الزر مرتان ، أحضر كوبان من ثم استبدلهما بكأسان من ثم ارجع الكوبان ، رفع شعره من ثم أعاد ترتيبه ، عاد نحو الحوض وباشر بغسل الأطباق ولكنه توقف واطفأ الماء من ثم عاد نحو ماكينة القهوة ، تحركاته العشوائية هذه والتوتر الواضح على عيناه لم يفلح بإخفائه فتوقف متكئاً على الرخام ، من ثم انهار .. كل ذلك الكتمان كان لا بد أن ينفجر فبكى ، بكى بصمت من ثم تحول الهدوء إلى شهقات

" أنا آسفة "

تحركت نحوه وعانقته من الخلف

" أنا آسفة جداً فيليكس "

سألها بصوته الهادئ الذي خرج منه بصعوبة

" هل شعرتِ بي يوماً ؟ "

" أنا ارتاح معـك ، أطمئن لـ فكرة وجودك حتى وإن كنا صامتين
وجودك أدفئ ما حظيت به طيلة حياتي
وأعلم أن هذا الشعور أعمق من الحب بـ مراحل كثيرة "

أمسكت به وأدارته نحوها من ثم استرسلت قائلة وهي تمسح دموعه

" من بين الجميع كنتَ أنت صديقي المفضل ‏أنت الوحيد الذي أردت ‏أن أحمل قلقه
‏وجراحه وعُقده ‏وصراعه الداخلي وعثراته
‏وخيباته وحزنه معي ‏واهديه ضحكة بالمقابل‏ وبالاً مطمئن "

صمتت قليلاً عندما انهمرت دموعها مرة أخرى من ثم استطردت بنبرة مختنقة

" أرجوك فيليكس ، توقف عن حبي "

" ‏لقد صار الوقت متأخراً جداً من أجل التوقف عن حبكِ "

" عليك فعل ذلك ، أنا أحبك لذلك لا أريد أن أراك تتألم بسببي "

نفى يبكي

" لا أُريدْ أن أتنازل عنكِ ، أنا أَنفِض العالم بأكمله عن كتفي ببرودٍ تام
من دون أن أستطيع فِعل ذلك بِكِ لإنه ليس لديّ قوّة لفقدانِكِ ، أنتِ لَستِ أيّ شَخص "

ابتعد من أمامها وأكمل حديثه أثناء سيره العشوائي في المكان

" لم أتعلم شيئ في حياتي سوى حبكِ ، منذ أن رأيتكِ في مكتب المدير قبل ثلاثة عشر عاماً وأنا لم أفعل شيئ في حياتي ، لم أكن أدرس طوال سنين المدرسة لم أخرج مع الأصدقاء ، لم أواعد ، لم أتعرف على أي أشخاص جدد ، لم أسافر ، لم أدخل للكلية عندما تخرجت من الثانوية ، لم أعمل ، لم أرى الحياة إلا من خلالكِ اليا ! لم يكن لدي مهنة في هذا العالم سوى حبكِ وكأن سبب ولادتي كان من أجل حبكِ "