صَعَدَ إِلَى غُرْفَةِ الّأَقّصَرُ وَطَرَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ فُتِحَهَا
جَثَّةٌ هَامِدَةٌ مُلْقَاةٌ عَلَى الْأَرْضِ
تَنْزِفُ عُرُوقُ يَدَيْهَِ كَشَلَالٍ مِنَ الدَّمِ وَامْتَلَأَتْ الْأَرْضُ بِالَلَوْنِ الْأَحْمَرِ
مِشْرَطٌ مُتَنَاثِرٌ بِجَانِبِهُ وَجَوَابٌ مُلْقًى عَلَى المِنْضَدَة.
هرول مِينْهُو نَحْوَهُ بِسُرْعَةٍ وَأَمَسَكَ بِهِ بَيْنَ ذِرَاعَيْهِ بِقُوَّةٍ
"سُونْقِي، اِسْتَيْقِظْ."
تَلُوحُ الْكَلِمَاتُ مِنْ شِفَتَيْ مِينْهُو وَهُوَ يُحَاوِلُ مُوَاجَهَةَ الْوَاقِعِ الْمُرِّيرِ مَعَ التَّمَاسِ النَّجَاةِ لِمَنْ يَعْنِي لَهُ الْكَثِيرُ.
يَحْسُ بِنَبْضِ هَانُ الَّذِي تُوَقَّفَ مُنْذُ مُدَّةٍ وَعَيْنَاهُ تَرْتَعِشَانِ فِي هَلَعٍ مُرِّعبِ وَالْخَوْفُ يَسيْطِرُ عَلَى كُلِّ زَوَايَا وَجْهِهِ وَالْآخَرُ بِلَا حَرَاكٍ يَمْكُثُ فِي أَحْضَانِ الْهُزْيَمَةِ وَذِرَاعَا مِينْهُو تَحِيطَانِ بِهِ بِعِنَايَةٍ مَكْبُوتَةٍ.
"أَنَا آسِف."
"هذا كُلُّهُ خَطَئِي"
هَمَسَ بِكَلِمَاتٍ مُبْتُورَةٍ مِنْ شِفَتَيْهِ المُرْتَجِفَتَيْنِ، مُحَاوَلَةً فَاشِلَةً لِلتَّعْبِيرِ عَنْ النَّدَمِ.
يَئِنُ عَلَى صَدْرِهِ بِكَلِمَاتٍ مُبَعْثَرَةٍ
كَلِمَاتٍ تَخْرُجُ بِصُعُوبَةٍ مِنْ بَيْنِ أَنْيَابِ الحُزْنِ الَّذِي يُجَتِّاحُهُ
شَكَّلَتْ دُمُوعُهُ الْمُنْهَمِرَةُ جِسْرًا هَشًّا مِنْ دُمُوعِ الأَسْفِ.
كيفَ لَمْ أَنْتَبِه؟
لَوْ جِئْتَ أَبْكَرَ قَلِيلًا فَقَط قَلِيلًا
هَلْ كُنْتَ سَأَرَاكَ تَنْبُضُ مَرَّةً أُخْرَى؟
هَلْ كَانَ الْأَلَمُ أَكْبَرَ مِنْ قُدْرَتِكَ عَلَى التَّحَمُّلِ؟
هَلْ كَانَ هُنَاكَ مَا لَا أَعْرِفُهُ، مَا لَمْ تُخْبِرْنِي بِهِ؟
كَيْفَ سَأُوَاجِهُ الْعَالَمَ بِدُونِكَ؟
لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟
قَلْبُهُ مُثْقَلٌ بِالأَلَمِ وَالأَسْئِلَةِ الْحَارِقَةِ.
أَسْئِلَةٌ لَنْ تُجَابَ.
يوم الوفاة : 27/12/2020
29/12/2020
يومَانِ مَرَّا عَلَى وَفَاةِ جَيْسُونق وَمِينهو يَعِيشُ فِي عَالَمِهِ الْخَاصِّ
يَتَجَاهَلُ كُلَّ مَنْ حَوْلَهُ حَتَّى عَائِلَتَهُ وَلَكِنَّهُمْ فَهَمُوا الْوَضْعَ وَتَرَكُوهُ وَحْدَهُ حَتَّى يَسْتَعِيدَ نَفْسَهُ.
يُجْثِي عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَمَامَ قَبْرِ الصَّغِيرِ، يَدَيْهِ تَحْتَضِنُ الْجَوَابَ الَّذِي تَرَكَهُ جَيْسُونق وَجَبِينُهُ يَمِيلُ إِلَى الْأَرْضِ وَقَلْبُهُ يَئِنُ.
يَتْلُو الْكَلِمَاتِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْجَوَابِ وَمَعَهَا تَنْزِلُ دُمُوعُهُ عَلَيْهِ.
مِنْ: سُونْقِي
إِلَى: مِينْهُو:
مَرحبًا، مِينهو، كَيْفَ حَالُك؟ لَقَدْ اشْتَقْتُ لِي أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ هَهَهَهُ، أَتَمَنَّى ذَلِكَ.
أَتَمَنَّى أَنْ تَتَفَهَّمَ قَرَارِي، فَقَدْ وَصَلْتُ إِلَى نُقْطَةٍ فِي حَيَاتِي لَمْ أَعُدْ أَسْتَطِيعُ الِاسْتِمْرَارِ فِيهَا. لَا تَلُومْ نَفْسَكَ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ، لَا يُوجَدُ ذَنْبٌ لِأَحَدٍ سِوَى أَنَا.
أَنَا كُنْتُ الْمُشْكِلَةَ.
كَانَتْ الْحَيَاةُ بِلَا مَعْنًى بَالنِّسْبَةِ لِي فَقَدْتُ رُونَقَهَا وَلُمْعَانَهَا،
وَأَصْبَحَتْ كُلُّ لَحْظَةٍ تَمُرُّ بِي بِثِقْلٍ لَا يُطَاقُ.
أَتَمَنَّى أَنْ تَجِدَ السَّلَامَ وَالسَّعَادَةَ التِّي لَمْ أَسْتَطِعِ الْعُثُورَ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الْمُظْلِمَةِ.
لَا تَتْرُكْ زَوْجَتَكَ وَابْنَتَكَ هُمَا يُحِبَّانِكَ ارْعَاهُمَا مِنْ أَجْلِي ارْعَهُمْ كَمَا رَعَيْتَنِي
أَظْهِرْ لَهُمْ حُبَّكَ وَلَا تَجْعَلْهُمْ حُزِنَاءَ أَبَدًا وَإِلَّا غَضِبْتُ مِنْكَ.
لَا تَبْكِي عَلَيَّ فَقَدْ وَجَدْتُ الرَّاحَةَ الَّتِي كُنْتُ أَبْحَثُ عَنْهَا أَرْجُوكَ كُنْ قَوِيًّا مِنْ أَجْلِي وَتَذْكُرْ الْأَوْقَاتِ الْجَمِيلَةِ الَّتِي قَضَيْنَاهَا مَعًا.
أُرِيدُكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّنِي أُحِبُّكَ
أَحَبُّكَ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ شَخْصٍ آخَرَ فِي هَذَا الْعَالَمِ.
كُلُّ لَحْظَةٍ قَضَيْتُهَا مَعَكَ كَانَتْ أَسْعَدَ لَحْظَاتِ حَيَاتِي.
أَنْتَ لَا تَعْنِي لِي فَقَطْ الْكَثِيرَ
بَلْ تَعْنِي لِي كُلَّ شَيْءٍ.
أَحَبُّكَ بِكُلِّ مَا أَوْتِيتُ مِنْ قَلْبِي، وَسَأَظَلُّ أُحِبُّكَ إِلَى الْأَبَدِ. سَأَكُونُ دَائِمًا فِي ذَاكِرَتِكَ وَقَلْبِكَ.
وَدَاعًا، لَا تَنْسَانِي لِي مِينهو :)
هَان جَيْسُونْقُ ☆
