«صوت منبه يشير للخامسةَ ونصف.»
تمتد يد أحدهم إلى تلك الآلة المعدنية مربعة الشكل التي تستنزف يومياً من طاقتنا ورغم ذلك لازلنا نعتمد عليها و أصبحنا نعطيها مُسمياتٍ كالهاتف و «الفون» و «الموبايل» و غيرها...«و أخيراً تم إغلاق ذلك الشيء اللعين.»
جملة كانت تدور في خاطر (مراد) وهو يحّك مؤخرةَ رأسه مع القليل من شعور الصداع أثر السهر.
قام (مراد) من فراشه و اتجه للمرحاض حتى يغتسل...
وهو في خوض غُسله نظر إلى المرآة هنيهة و الفكر في رأسه..
«هل أزيل اللحية حتى لا يظهر علي هذا الشيب اللعين؟»
حيث كانت لحيته سوداء قاتمه لكن ظهر عليها شيبٌ غريب يقوم بتغطية أطرافها و جذورها بشكل «لايريح النظر »لو سألتني عن رأيي الشخصي.
فقام بالنظر يميناً ويساراً بحثاً عن ماكينة حلاقة من نوع «چيليت» ذاتِ الثلاث شفرات..
وتذكر ذلك الإعلان التلفزيوني الشهير لها...
«ما يعشقه الرجال..»
فدار في باله وهو يحرك الماكينة التي بيده اليُمنى بعدما وجدها..
«أحقاً هذه هي العشق الوحيد للرجال؟ ياللسخافة.»عند إنتهائه من الحلاقة وضع الماكينة حيث وجدها كي لا ينسى مكانها كما فعل قبل قليل...
و أخذ ينظر على مكان نمو اللحية في تعجب..
« تُرى هل هذا الشِق هو السبب؟ إذاً علي أن أقصده مرة أخرى للتأكد.»
- !!!!!!!!!!
إرتدى (مراد) ملابساً نظيفه مكونة من «تي شيرت» أسود و«چينز» أزرق قاتم أو هذا ما يبدو عليه..
و «چاكيت» من الچلد الأسود المُفضل لديه ثم أخذ مصباحاً بحجم صندوق البريد و إتجه إلى الطابق السُفلي.بحث بعينيه و بذهنه الشارد عن مكان ذلك القبو كأنما يستكشف بيته الخاص لأول مرة في حياته..
«وجدتك!»
قالها مراد مُنتصراً في ذاته ثم إتجه إلى مكتب والده القديم.حاول مراد فتح الباب ولكنه أبى.
حاول بقوة أكبر و كرة أخرى و أيضاً لا جدوى..ثم في دفعة واحدة و بكل قوته أتجه مندفعاً نحو الباب كإندفاع الثور نحو الهدف قام بكسر الباب.
«سأصلحه لاحقاً»
- أنا لا أقول العكس ياصديقي، ولكن الأفضل أن اشتري باباً جديداً لأن هذا الكسر لا أظنه قد يُصلَح.
«معك حق.»
قالها مراد وهو يحاور نفسه.
ثم ألتفت وراءه وجد كومةً من الكتب و الأوراق مُتراصة فوق بعضها.
«كم كُنت عاشقاً للكتابة أيها العجوز!»
قالها في باله وهو يظهر شبح إبتسامة.
ثم تذكر لما جاء هنا من الأساس ونظر إلى منتصف الغرفه.
يوجد مكتب عمل والده حيث كان يقضي أياماً و أسابيع داخله دون خروج أو حتى لقاء سريع
كان يعتقد أن هذا سيجلب له الإلهام الكافي للكتابة أو ما شابه..
وقام مراد بدفع المكتب بحذر حتى لايُسقط ما عليه.
فوجد سجاداً ثقيل الصنع كمن يضع جلد دُب قطبي على الأرضية في أحد البرامج التلفزيونية فأزاحها غير مهتمٍ بها.
فوجد مبتغاهُ و أخيراً..
بابٌ يلتصق بالأرضية حوافه من نحاسٍ و له مقبض شبه دائري ونافذة صغيرة تظهر كم البرودة في الأسفل بحق.
قام بفتح تلك الكوة
ووجد سلماً متوجهاً للأسفل على إمتداد النظر فقام وبيده «المصباح السحري» كما إعتاد تسميته في صغره و إتجه أسفل الدرج في رحلته.«قد وصلناا و أخيراً»
قالها مراد وهو يتلفظ كلماته بصعوبة أثر إنقطاع أنفاسه من ذلك السُلم.
ثم ناظر يُمناه وجد حجارةً مكدسةً فوق بعضها البعض و بنهاية الطريق بالأعلى وجد ما يشبه البوابة لكن شكلها لم يكن واضحاً لأنها كانت تخرج ضوءاً ناصع شديد البياض للدرجة التي جعلت مراد يضع يده رأسياً على جبهته حتى يرى بشكل أفضل.
بدأ بتسلق تلك الكومة..
تارة ينزلق و تارة يتماسك حتى وصل للبوابة و أخيراً.
الأن نرى كل شيء بشكل أوضح
البوابة تشبه كثيراً بوابات البيوت العثمانية القديمة أو هكذا بدت لي.
و على كل حجر من حجارتها نُقش رمز بشكل مختلف
أهذه اللغة السريانية؟
أم اللغة الفارسية؟؟
«أنا حقاً لا أعلم، هذا ليس مجال عملي ياصاح!»
تمتم مراد تلك الكلمات وهو يتوجه بالقرب من تلك البوابة ببطء ويعبر خلالها ويختفي في ذلك الضوء الشديد..
- ماذا كنت تفعل كل هذه المدة أنا أنتظرك هنا منذ عامين يا مراد!
سكتَّت قليلاً و أتبعَت:
- أم أنكَ لم تعُد تُريد رؤيةَ أختك العزيزة نيّرة!