الفصل الثالث - 6

10 2 0
                                    


ميناء طرابلس البحري - ليبيا.
2:00 فجراً.

- تحيط الطوافات بالميناء من كل جهة على غير العادة، يبدو أن الوضع جدّي هذه المرة.

كان هذا أحد مراقبي الأبراج يتناقل الأخبار عبر اللاسلكي وينتظر رداً من الطرف الأخر..
- معك حق يا سالمي، الله يستر.

في الجهة الآخرى من الميناء..

- هص.. خفض صوتك!
- أسف قد ارتطمت رأسي بهذا الصندوق، و أشار بيده اليسرى على أحد الصناديق المتراصة بجانب بعضها وكان الصندوق الذي ارتطم رأس (أنور) به مُنحرفاً عن مسار باقي الصناديق بدرجات قليلة مما جعل أحد أضلاعه بارزاً عن باقي الصناديق.
- لا عليك فقط أنتبه ألّا يرونا وإلا هلكنا سوياً!
بصوت قلِق أجابه:
- حسناً يا أبا سلطان.
و أتجه سلطان و أنور ناحية مخرج المستودع ليتجها إلى أول الميناء من أجل اللحاق بأخر مركب الليلة بالميناء.

بعد الوصول للميناء..

- جزيل الشكر لك يا سالمي.
قالها أنور وهو يحتضن أبا سلطان بحرارة وكأنه لن يراه مجدداً.

- العفو يا أنور، فلتبلغ الوالدة سلامي.

- يصل بإذن الله تعالى.

- صحبتك السلامة يا عزيز.

و أنطلق أنور ناحية المركب الذي كاد أن ينطلق لولا نادى أنور على سائق المركب.

- أمنوا المنطقة.. أكرر أمنوا المنطقه.

- تم التنفيذ، بأنتظار الأوامر.

- وقعت يا سالمي الكلب!

بعد خروج المركب من المياه المحليّة..

أحد الركاب ذو الصوت النديّ ينشد الأغاني والألحان عن الوطن و غُربته ويتجمع حوله بعض الركاب والبعض الأخر أكتفى بالسمع من بعيد وعندما انتهى هذا الشاب من الإنشاد مدحه الكثير من المستمعين و هللوا انبهاراً بصوته كأنما يستمعون لمغنٍ مشهور وهو يعتلي خشبة المسرح بقول: الله عليك يا عم رضواان.

- لماذا تجلس وحيداً يا رجل؟

قالها أنور وهو يضع يده على كتفه مما جعل هذا الأخر يلتفت إليه.

- أفكر في عائلتي..

- ومن منا لا يفعل؟

- أنت لا تفهم، أنا كنت أملهم الوحيد وبرحيلي رحل معي هذا الأمل.

- أتفهمك تماماً يا رفيق، إن الله تعالى لذو حكمة بالغة فإياك وفقدان الصبر
فأول طريقٍ للإيمان هو صبرك على حالك، قال تعالى في كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم (فلا تبتئس ولا تحزن إنا منجوك) صدق الله العلي العظيم.
فكيف لو صبرت صبراً كصبر أيوب ويعقوب و ذا النون؟
أولآئك الذين صبروا على حالهم بالدعاء والتأمل والصبر ففاجئهم الله بغيث من العطاء، فأصبر يا صديقي إنها فانية.
- ونعم بالله.
مد يده وكأنه بغى مصافحته.
- بالمناسبة لم نتعرف، أنا أنور لاشين.
فمد يده ذلك الآخر:
- عمار... عمار إبراهيمي.
- تشرفنا.
- الشرف لي.
و أمضيا بضع دقائقٍ يتسامران حتى غلبهما النعاس فغفيا ورأس كلٍ منهما على كتف الأخر.

ميتانويا (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن