المطوعة

742 54 7
                                    

حلت إجازة الصيف بما تحمله من فترة هدوء أعشقها فعزلتي هي أكثر عادة أقدمها لدرجة أنني خلال الإجازات الصيفية لا أتردد كثيراً على أصحابي في المساء لأن ربط الليل بالنهار في ممارسة العزلة والصيام من الأمور التي من النادر جداً أن أجد لها وقتاً بدون إزعاج. تواصلي البشري في تلك الفترة كان مقصوراً على أهلي فقط خاصة مع من يبذل عناء الصعود لغرفتي ذات الجدران السوداء المصمتة. دخلت أمي علي عصر أحد تلك الأيام التي كنت فيها منعزلاً وصائماً عن الحديث مع الناس والطعام فقط دون الماء وفي يدها مبخر مشتعل وبدأت تبخر المكان وأنا على سريري أراقبها بصمت ممسكاً كتاباً بين يدي. تحدثت مع نفسها وأخذت تتذمر من بشاعة غرفتي كعادتها وترتب المكان خلال عملية التبخير وأنا صامت ولا أرد كي لا أكسر صيامي. عندما وجهت أمي الحديث لي حاولت جاهداً أن أجيبها بالإيماءت لكن إصرارها علي

بالرد دفعني لكسر الصيام والقول مبتسماً: ماذا تفعلين يا أمي ؟ (أمي): أبخر غرفتك التي لا يدخلها الهواء.. لا أفهم لم جعلتها

هكذا؟ طمست النوافذ ومنعت دخول نور الشمس إليها وحولتها إلى

قبر

- هل سنتناقش في الأمر مرة أخرى؟.. كان حديثي معها دائماً بابتسام دون عبوس أو تجهم...

(أمي): البخور سيطرد الشرور من الغرفة...

في الواقع لم يثبت علمياً أو شرعياً أن البخور له تأثير إيجابي بل على العكس تماماً يا أمي.. الشيء الوحيد الذي قد تطردينه من هنا هو أنا لأني بدأت أحس بالاختناق...

(أمي): أريد الحديث معك في موضوع.. قالتها وهي لا تزال ترتب المكان بعد أن وضعت المبخر على المنضدة... أعرف الموضوع فأنت لا تثيرينه إلا مع إشعال البخور خاصة كل جمعة...

(أمي): وما مشكلتك مع هذا الموضوع ... ما الذي يمنعك ؟

لم أجب عليها ونهضت من فراشي وقبلت رأسها وخرجت من الغرفة فصيامي قد كسر وانقطعت عزلتي ...

كان ذلك نهاية عصر يوم الجمعة.. أذكر ذلك جيداً لأني لم أشارك

أهلي الغداء ذلك اليوم.. نزلت للطابق السفلي ووجدت أخي يشاهد

التلفاز فجلست بجانبه ولم أتحدث معه وشاركته المشاهدة. بعد دقائق

من الصمت قال: لقد رأيت (عواد) اليوم؟

- ماذا ؟ .. (عواد)؟

(أخي): نعم... رأيته عند باب منزلنا عندما خرجت لرمي القمامة قبل

ساعة

- وماذا كان يريد ؟

(أخي): لا أعرف.. قمت بالسلام عليه ودعوته للدخول لكنه رفض

وركب سيارته ورحل

ماذا كان يفعل خارج المنزل ؟

(أخي): أعتقد أنه كان ينتظرك ويريد مقابلتك

خوف 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن