غفوات على حجر الشيطانة

882 50 3
                                    

لم يهزني حديثي مع شيخ المراجيم عن الخطر المهدد الحياتي مثلما هزتني عبارته الأخيرة وهي أني قد أبقى في هذا المكان المعزول لسنوات. بدأ جحيم الثلاث السنوات التي قضيتها مع (عمار) يعاودني مرة أخرى ولم أكن مستعداً أو متقبلاً لذلك أبداً. شعرت بالضيق وخرجت من المنزل الطيني الصغير وبدأت بالسير مبتعداً عن المكان، لم تكن لي وجهة محددة أو نية لشيء كنت أريد فقط الابتعاد عن سجني الجديد ولم أكثرث للعواقب ابتعدت كثيراً حتى ظهر صمصام) من خلفي متشكلاً بهيئة ذلك الرجل الأسمر لكنه هذه المرة اكتسى برداء أبيض ناصع ونادى علي

قائلاً: إلى أين؟

التفت عليه بعد ما تعرفت على صوته وقلت: إلى حيث أريد... أنا

لست أسيراً عندكم !

(صمصام): ألم يشرح لك الشيخ وضعك الجديد؟

بلى و شرحه لا يعني موافقتي

(صمصام): هل تعرف أين أنت؟

- يمكنني التخمين... (صمصام): أنت بعيد جداً عن أي بشر يمكنك الوصول إليه سيراً

على الأقدام

هل تعرض علي أن تقلني وتوصلني لأقرب تجمع بشري؟ (صمصام): لا .. أنا أخبرك فقط بأنك ستموت لا محالة لو قررت

استئناف المسير

ربما يجب أن أموت كي أرتاح

(صمصام): أنت مسلم مثلي وتعرف ماذا ينتظرك بعد الموت...

ابتسمت.. لا أعرف لماذا لكني ابتسمت.. الإنسان غريب.. يأنس بأي شيء.. عندما كنت وحدي كانت الدنيا ضيقة جداً لكن عندما أتى هذا الجني وتحدث معي خف الضيق عني بالرغم من أن حديثه كان عن الموت وعذاب الآخرة نوعاً ما، أخذت بضع خطوات تجاهه وهو يراقبني

بصمت ووجه خال من التعابير وقلت:

وماذا تقترح أن أفعل الآن؟

(صمصام): تأكل وتشرب.. الشيخ أمرني بإطعامك كل يوم...

لا أرى معك أي كيس للطعام

(صمصام): كيس ماذا ؟

لا أعرف لماذا لكني في تلك اللحظة انفصلت عن الواقع وبدأت

لا أخذ شيئاً على محمل الجد وبت أتعامل مع الأمر بخليط من العفوية والسخرية ربما لأني سئمت التوتر والقلق وقررت أن لا أكترث لشيء وأن آخذ الحياة كما ترمي بنفسها علي بدأت بالسير عائداً نحو المنزل

الطيني وعند تجاوزي لـ ( صمصام) الواقف بثبات قلت له :

هيا لنعود القفصي كي تطعمني ؟

لم يتحرك الجني الموكل بالبقاء معي لكنه قال دون أن يوجه نظره

نحوي: لا تبدو سعيداً...

توقفت عن المشي وقلت له: سعيد ؟.. هل ترى أين أنا ؟.. ربما يكون هذا المكان بالنسبة لكم جنة لكنه بالنسبة للبشر جحيم (صمصام): ما الذي ينقصك كي تصبح سعيداً في هذا الكان؟ - لا أعرف.. ربما بعض المسليات لكسر الأيام الطويلة التي سأقضيها هنا.. ولا تقل بأنك ستطعمني فالأكل ليس مصدر تسلية دائماً.. ربما للبعض لكن ليس بالنسبة لي.. قلتها بخليط

خوف 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن