أَشيَـاءٌ تـزحـفُ تـَحـت الـظَـلام

29 3 17
                                    


في إحدى ليالي فصل الصيف الظلماء، الساعة الآن هي الحادية عشر ليلًا، والهدوء يعم المكان، كل النفوس قد غطت في النوم، عدا أولئك المراهقون، كانوا يجتمعون في غرفةٍ ذات إضاءةٍ خفيفةٍ تَصدُر من بعض الشموع، يجلسون بجانب بعضهم البغض مكونين دائرةً داخلها بعض الأشياء الغريبة، كان هناك سكينٌ ومطفأة سجائر فارغةً وبعض الورق وكيسٌ به بخورٌ خاصٌ بالسحر، وكانت هناك نجمةٌ كبيرةٌ مرسومةٌ على أرضية الغرفة باللون الأحمر، وقد وضعت شمعةٌ عند كل طرفٍ من أطرافها الخمسة، وكان يتوسطها كتابٌ مفتوح على صفحتين فيهما نقوشٌ وكتاباتٌ بلغةٍ غير مفهومة، كانت أشبه برموزٍ لشيءٍ ما، كانوا خمسة أشخاص، وكان كل واحدٍ منهم يجلس نهاية أحد أطراف النجمة، وفي زاوية الغرفة، كان هناك شيءٍ ما، يبدو أنها جثة قطٍ تم تقطيعها وتقطير دمائها منها، يبدو أنهم استخدموا دم القط لرسم النجمة، أمسك الذي يجلس على رأس النجمة بورقةٍ وقربها من شمعته؛ لتحترق ثم يضعها داخل مطفأة السجائر، ثم فتح الكيس وأخذ قليلًا من البخور ورشه على الورقة المشتعلة، بدأ الدخان الأبيض بالتصاعد، أخذ المطفأة وحركها أمام رفاقه ثم فوق الكتاب وهو يردد كلماتٍ غريبة، ثم قام بسكب نارها عليه لتختفي بمجرد ملامستها سطحه، ليتفاجأ الشباب بهذا فينطق أحدهم:

– لقد اختفت النار فعلًا!! الأمر حقيقيٌ إذن!

ليجيب هو:

– طبعًا هو كذلك، ولكن تبقى أمرٌ ما.

أنهى كلامه وأمسك السكين التي كانت بجانبه ووضع جانبها الحاد على راحة يده الأخرى بتوتر، نظر له أحد رفاقه وتكلم مستفزًا إياه:

– لا بأس، لا تفعلها إن كنت خائفًا.

لم يأبه له وقرب يده لتكون فوق الكتاب ثم قبض بيده بقوةٍ على الجزء الحاد وسحب السكين ببطءٍ لتقطع راحة يده بينما يعض شفتيه من الألم.

– الآن أثبتَ أنكَ شجاعٌ حقًا.

تكلم مبهورًا بصديقه وجرأته على فعل ذلك، أما هو فقد فتح يده ببطءٍ؛ ليجعل الدم ينزل منها بسلاسةٍ ويسقط على الكتاب -تحديدًا على النقش الغريب- ليتبخر الدم كما لو كان قد سقط على جمرٍ لا ورق.

– هذا فقط؟ أ هذا كل ما في الأمر؟

تكلم أحدهم بخيبةٍ بعد أن كان يتوقع حدوث أمرٍ مثير؛ ففي النهاية هم لم يخرجوا من بيوتهم وأتوا هنا وقاموا بكل شيءٍ فقط ليروا دمًا يتبخر، وبينما هم خائبون هكذا صدر صوتٌ قويٌ أشبه بصوت ثورٍ؛ لكنه كان أكثر دويًّا ورخامةً لدرجة الشعور به يهز جسدكَ كله، ثم اختفى ليتبعه نهيق حمارٍ قويٍ جدًا، لقد كان يَصدر من الطابق السفلي، لكنه كان يصبح أقوى وأقوى، كما لو أنه يتحرك من مكانه إليهم، حتى توقف خارج الغرفة، لقد شعروا كما لو كان وراء الباب مباشرةً، اختفى الصوت مرةً أخرى ليعم هدوءٌ قاتلٌ تسمع من خلاله نبضات الشباب الخائفة المتسارعة، على عكس أبدانهم المتصلبة المقشعرة، شُحِبت وجوههم وبُهِتت ملامحهم كما لو أن الدم قد سُحِب منهم للتو، كانوا عاجزين عن النطق بشفاههم المرتجفة، وكانت عيونهم منفتحةً على مصرعيها، لقد كانوا خائفين جدًا، وأثناء ذلك سمعوا خبطًا على باب المنزل، تعالت أصوات الخبط أكثر؛ لكن لا أحد من الشباب ذهب ليرى من يطرق، بل لم يتملك أحدٌ القدرة على الحركة قط، وأيضًا من هذا الذي يطرق باب منزلٍ مهجورٍ منذ سنين يقبع في منطقةٍ بعيدةٍ عن القرى السكنية وفي منتصف الليل أيضًا؟!!

🎉 لقد انتهيت من قراءة أَشيَـاءٌ تـزحـفُ تـَحـت الـظَـلام 🎉
أَشيَـاءٌ تـزحـفُ تـَحـت الـظَـلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن