[ أمـانـة ]

123 21 25
                                    

كنتُ لا أزالُ مستيقظاً أطالع بعض الأوراق المهمة ، طرق الباب بهدوء ، وقبل أن آذن له ، دخل وبيده زجاجة من نبيذ الفيرموت الأحمر ، إرتمى بجانبي ، واخذ يثرثر كعادته ويشرب ، لم إلقي له ولا لأحاديثه بالاً ، إذ كان مولعاً بالهذر الفارغ في تلك الآونة ، وجلُ احاديثه مشرذمة ، بلا مغزى أو معنى كامل ، ولا اعرف حقاً الآم يصبو من خلال طرحها علي .

في الختام جرني الى الخروج معه للتجول بالمدينة ، وهو من قادَ السيارة ، أكلنا بيتزا بجبة الريكوتا قرب ضاحية ( بازيليو ) ، وسرنا في الطرقات الفارغة وغنينا مثل أي أخرقين ، كنت أشعر بالنعاس في درب العودة ، إنتبهت أنه حاد عن الطريق المؤدي الى بيتنا ، فلتعد بنا مابكَ ؟ وكنت سأبدء بتوبيخه فإذا به يقاطعني ، بحماسة متأججة ، سآخذك لمكانٍ أفضل ، فناولته رداً حازماً ، لا أريد ، هذا يكفي تايچر ... انك تتمادى .. عد بنا الى البيت .. تجاهلني وسلك طريقاً وعراً ، السيارة ترتج ، تايچر! صرخت ، استدر وعد بنا .... تايچر في الحال! ، وبين صد ورد وضحكه الهستيري وتركه لعجلة السياقة كي يرفع يده ويصرخ ، انحرف عن الطريق ونزلنا في منحذر رملي ، وتعطلت السيارة في الأسفل .

تلفت اعصابي وندمت لأنني طاوعته من البداية وخرجت رفقته ، إنظر ماذا حلَ بنا بسبب حماقتك! ، التزم الصمت ، وحماسته التي كانت متأججة خمدت، وتجهمت ملامحه مرة أخرى ، إبتعدت عنه ، إذ لم أكن أحتمل النظر الى وجهه، أشتهي لو ألكمه ، وكأن مشاكلي لا تكفيني حتى أبتلى بمصائبه وحماقته .

إقترب مني صاغراً ثم أعتذر ، نكزني على كتفي مراراً ، فلما وجدني أصده صارخاً ولا أستجيب لتوسلاته بالمغفرة ، نزل ليحضر اغراضنا من السيارة ويقفلها . في تلك الأثناء وقفت على طرف الشارع علَ سيارة او شاحنة تَمرَ وتأخذنا معها .

إنتظرنا وإنتظرنا حتى عيلَ صَبري اذ كنت أكره أن يلسعني البرد ما دفعني للصياح بأقذع الشتائم في وجه الأخير ، تباً لكَ أيها الوغد! .

كان الفجر قد بزَغَ ، ناولته لكمة اسقطته فوق الرمل والحصى ، وسرعان ما باغتني الشعور بالندم تجاهه ، لم أكن أحب إيذائه ، لكنه يعرف كيف يخرجني عن طوري ، ويتفنن بإستفزازي . نهض بهدوء ، واخذ ينفض الغبار عن سترته .

ظلَ صامتاً اول دقيقتين ، إقترب مني بعد إنقضائهما ودون أي مقدمات ناولني الحقيبة الصغيرة التي كان يتأبطها ، وطلب مني الإحتفاظ بها وعدم فتحها والإطلاع على محتوياتها تحتَ أي ظرف ، أخذتها منه بلا اي تعليق ، هل هذه إحدى الآعيبه ؟

بقيت على جمودي مستغرباً وبسبب البرد والأمطار التي هطلت والنعاس قلَ تركيزي فلست الآن أتذكَر ما قاله بالتحديد ، غير بضع جُمَل رددها على مسمعي بنبرة تخلو من الصفاء .

TOXIC AJASHI [ سُـم الـرجـال ] ♣️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن