ليشهد التاريخ أننا لم نعش سعداء ولكننا عشنا شجعانًا!
.............................................................................
" كَرِّر على مسامعي اللعنة التي حصلت؟ "
الجملةُ المنطوقةُ ببطئ وبرود قاتل من طرف ذلك الشاب العشريني كانت كالمِنْجَل على رقبة الصمت المُحِيط بِرُكْن الحانة المستثنى من صخب السكارى وشركاء الرقص، بل كانت حبلَ مشنقةٍ يلتف رويدًا رويدًا حول رقبة الرجل المذعور أمامه.
لم تكن ثواني صَمْتِ الاِنتظارِ هي الوحيدةَ التي تقف أمام الرجل وإنما الشيطان نفسه، لا يمكن لأحد أن يصف صاحبَ تلك الزاوية القصيّة -بل صاحبَ الكازينو كله- بأقل من مَلِكٍ على عرش الظلام، فجلسته تلك، نظرته تلك، رجاله أولئك المصطفون بجانبه والمنتشرون في الأرجاء لن يكونوا إلا لشيطان اِبن شيطان، وها هو الرجل الآن مدرك كل الإدراك أنه ماثل أمام الموت.
كان يبدو على الشاب الجالس بهيبة في مقعده الجلدي أنه يوشك على أن يفقد أعصابه من نقراته المتتالية والمتسارعة شيئًا فشيئًا على فخذه، مما جعل الرجلَ الواقفَ يتململ في مكانه ويزداد اِرتباكًا من نظرات الصقور الثاقبة الموجهة نحوه، ورغم الخوف الشديد الذي اِستبد به إلا أنه جاهد للثبات.
" الرجل المكلف بالاِستلام كان في طريقه للموقع، لكنه لسبب ما توقف عند نادٍ ليلي ثم تعرض للهجوم و- "
" ثم تخلَّصَ منه سافل واحد بينما هو يتسكع كالأحمق في الأرجاء؟! هذا ما تقوله لي الآن صحيح؟! "
تصاعد السخط في كلمات الشاب وظهر ذلك على ملامحه بالتزامن مع ضربه على مسند المقعد، فأحجم الرجل عن الحديث بعد أن عقد الذعر لسانه، ما من شيء يقوله أو يفعله كي يخفف الغضب المُهْلِك للشاب الخطير الذي يتمالك نفسه ويحتوي حممه الساخنة بصعوبة، بل لا يمكنه حتى أن يعترض أو يستنكر الوقاحة التي يعامِلُه بها أمام الملأ.
لأن لا أحد يستنكر تصرفات اِبن زعيم الكوزانوسترا بمن فيهم الزعيم نفسه..
والآن كيف بإمكان رجل عصابات متدني الرتبة مثله أن يقنعه بأن رجال فرقته لم يتعمدوا إفساد عملية الشحن؟ كيف يقنعه بأن المشرف على الاِجتماع بين الطرفين قد اِغتيل بشكل مفاجئ وترك الرجال في حيرة واِضطراب؟ لا جواب.
الصخب لا يزال يطغى على جميع الأصوات، بلع الرجل بهدوء محاولاً قمع رغبته في الهرب بعيدًا، وحين فتح فمه ليقول شيئًا تفاجأ باِستقامة الزعيم الصغير من مجلسه وتحديقه الحاد صوبه، كان يقبض كفيه إلى جانبه وعيناه البنيتان لا تغادرانه، الجو بات مشحونًا بشرارات خفية والهواء صار خانقًا، وبعد لحظات نبس الزعيم بصوته الغاضب :
أنت تقرأ
In The Name Of FILOS
Romanceها هي ذي إيطاليا! " إينوتريا " ، " bel paese " أو " البلد الجميل " كما يسميها البعض .. البلاد المشهورة بالبيتزا وبيزا والتي تحتضن المدينة التي تؤدي إليها كل الطرق .. إن تَغنَّيْنا بفنها الأنيق وتاريخها العريق وثقافتها الفريدة، وقبل أن نذهب لرمي عملة...