مِمَّ تكون مصنوعة هذه اللحظات التي تَزِنُنا وتَضَعُ علينا وزننا؟ تبدو كأنها تضعنا في محكمة لتصل إلى قرار لا إلى عدلٍ يرضينا، تثقلنا بأوزارٍ نعلم أنها لنا، لكن.. أنى لها أن تتخذ لنفسها من هذا التثاقل مَنزلًا؟! أهي تنزلنا نزولًا أشبه بالدَّفنِ لأننا كنا سنحلق بعيدًا خلف أسربة الأوهام التي لن تقول حقيقة كما تفعل هي؟ أم ماذا كان الأمر؟ تجعل هذه اللحظات من الحبِّ صعبًا...
إن لم تكونوا قد رأيتموها رأي العين، فنِعمَ النعيم الذي أنتم به، كما أرى.. أو لربما أنتم كذلك في بؤس مختلف يوصف بلغة أخرى.
أنا الآن مِمَّن يجاهدون لكي يحبوا. قد يبدوا أني أقولها بكل فخر، لكنها نابعة من منابع عفنة عفى عليها الزمان. تلك الجواهر مجتمعة تحتاج مني أن أطمرها، كي تكف اللحظات عن التراكم عنِّي دونما تمهل، ثم تفعل عني، فتقتل ما أجاهد لأجل بقائه.
كيف يجاهد المرئ ليستدر من نفسه أمرًا يكون من المسلمات للجميع؟ أعني للمعظم، لن أقول الجميع لكوني أريد أن أؤمن أن لي أشباهًا. أنا أفعل ذلك كل يوم دون علم، أجاهد لأستيقظ، لأفعل، لأحيى، لكي لا أكون كما تصفني أمي بالميت الذي لم يدفن، لا أود أن يُرى عفن احتضاري، أو يشم ولو من بعيد، موقنة أن ما قالته عزيزتي حقٌّ يسري علي كما يسري الموت، لكني أضحده عني كأنه ليس لي، أريد أن أؤمن بالعكس، ربما إذا تقبلت هذه الصفة قد أنجو، لكني أفضل أن أدفعها بعيدًا.
ما الصعب في هذه الأمور حتى تكون وزرًا؟ لست مصابة بالاكتئاب، لست أنكر وجوده، هو شبيه جدا بأيامي الأخيرة، لكني لن أنسبه إلى نفسي، بل إلى وقتي الذي يمضي وأنا في ركود غريب، كأني أتلذذ بتعذيب نفسي بهذه الأثقال.. مع العلم اللعب فيها ليس ممتعًا أبدًا، هو الوجه الآخر للألم، الاستيقاظ، ومحاولة رؤية أشعة الشمس، الحديث مع من هم عزيزون علي، والقيام، والحركة، فعل شيء يدل ولو دلالة صغيرة على أني حية، بينما أتثاقل على الأرض لأفعل أمورًا أقل ملحوظية، وأثرًا، وأنا التي تردد أنها ستفعل أمورًا بارزة بروز السماء ذات البروج.
أنا أحيى لكي أُحِبَّ، لمن فهم أنني أسعى لأن أحَبَّ فذلك فيه وجه من الصحة، لكنه ليس كل شيء، فأنا هذه الأيام، كالجثة التي تريد أن تقنع الجميع أنها حية، وأنا مملوءة بالحب، قد ينفرون مني، وقد يجالسونني، ففي النهاية، أنا من أفسد كل شيء بيدي.
أريد إصلاحي، وصُّلحًا معي، لا تصالحًا أفتعله مجبرة، لكن.. هذا الإكراه سيأتي لأن كل شيء هو عملية استصلاح طويلة. إجاهد طويل مضني لبلوغ المُرام.