الصفحة الخامسة

25 1 0
                                    

دائماً الأشياء تفقد قيمتها عندما تذبل و تموت ، لهذا اعرف لحظة فقدان هذا الشيء بدلائله الأولى ، تحطمت أم لم تتحطم ، حافظ على هدفك المعطوب ، ليس بالمهم أن يكون ذا جودة لكن الأعظم التشبث به ، الأهداف تجعلنا نعيش ، من غيرها أنت جسد خاويٍ بلا روح .

تَلأْلأَت عينينها بحزنٍ تحت ضوء القمر ، انهمرت دمعةٌ من يُسراها بحرارة ، عرفت نهايتها ولم تتقبلها ، يمين ، يسار ، محاطة بالأغراب ، إلا شخصٌ واحد ، كانت تعرفه أشد المعرفة ، فتى بملامحٍ هادئة و عينان واسعة و شفتان رائعة و أنفٌ مستقيم ، إنهُ إدريان ، مستجدٌ بالعمل من أربعة سنين ، والآن نهيتها على من أثار إعجابها من تلك السنين .

ألتقط المشرط الطبي من يديّ ذاك الشرير ، أخذَ ينظر ما بينها و بين الموجودين، التقط أنفاسه و أستقام ، و يردد في نفسه أربعة سنين ، أربعة سنين ، فلتذهب إلى الجحيم ، كان يعلم ما يفعله و إنه من الغارقين ، أغمض عينيه و فتحمها ' يا اللهي بما ابتليتني ، ليس لدي المقدرة على تحمل هذا السعير ' ، استجمع شتات نفسه وضياعُها ، حتى خطى نحوها و كأنهُ نحو الجحيم ، يدركُ تماماً أن كل ما يفعله ليس بالصواب أبداً ، جثى فوقها ، وأخذت تصرخ و لكن كانت بائسةٌ ، لأن لا نداء لها اليوم ، و لا تستطيع التحرك حتى ، كل ما تفعله كان يذهبُ سُداً و ضائعٌ مهما فعلت ، كانت فقط من المعذبين ، و إلى مصيرها المحتوم .

غارقةٌ بدموعها ، لك أن تتخيل أن كل ما تفكر به هو وجه إدريان الذي لا حركة به ، دامٍ متورمٌ مجروح ، حتى عيناه الجميلتان في نظرها كانت الدماء متوزعة على بياضها ، تَظُنُّ إنه سوف ينقذها ، لم تعلم إنه يريد الفرار من هذا الأمرُ العظيم ، أدخل المشرط بين ثدييها بلا تفكير ، تلوت بصمتٍ ، يا للحظك السيئ  العاثر يا أوليفيا لم تكوني من المحظوظين، غرسه أكثر بها ، و إذا بها تتشنج من ما بها ، خرج دمها مثل القيقب لكن أحمرٌ للناظرين ، أخذَ يسحبُ المشرطِ باستقامة إلى سرتها ، و الدمُ من هنا و هُناكَ يتناثر بغزارة مثل العين ، مر شريط حياتها أمامها ، كانت تريد قضاء يومها هذا مع والدتها ، خرجت من منزلها هذا الصباح تصرخ في وجههِ والدتها اذهبي إلى الجحيم ، في هذه اللحظةِ فقط أرادت أن تقول " أمي أعذريني لم أكن أقصد هذا الأمرُ المشين " لكن ليس هُنا اليوم أعتذارٌ و لا عودة بل موتٌ فضيع ، كانت نهاية حياتها على يدِ محبوبها المسكين ، أمرٌ ليسَ بالجزم ولا بالخيالِ ، بل هو حقيقيٌ أكيدُ .

وضع يده على يديّ الطبيب لإقافه ، و نظر في عينيّ  إدريان مستفسراً " سيد جونسون ، هل هُناك ضغائن تكُنها لهذه السيدة ؟ ، كما تعلم ... انتِ طبيب ، حتى إنك لم تطلبنها أن نجعلها تفقد وعيها لتباشر في عملك لعدم وجود منوم نحنُ لسنا في غرفة العمليات لعلمك نحنُ في الغابة!، أليس هذا بئيس لسيدة جميلة، إنهُ أمرٌ حزين ؟" حدق إدريان في وجهٌ جوناثان القلق و خاطب نفسه ' أليس هذا من كان يلكمُني حتى الموت قبل قليل ' و أردف " إنني أنفذ ما تطلبه !! " ، نظر بخوف جوناثان نحو جسد أوليفيا الغارق بدمائه و الذي ينازع روحه ، لقد كانت تقفز من شدة الأذى ، أن بطنها مغدق و الدم  قرمزيّ كالشلال ، تحت هذا المنظر البشع قال جوناثان: " إنك وحش سيد جونسون " ، دفع إدريان بكل قوته ليرتطم بالسيارة الذي تبتعد عنهم بضع أمتار، و صاح " سام ، اجعلها تفقد وعيها اسرع .. هيّا !! " ، خطى سام إليها كالبرق ، رجلٌ ضخم خشن ، طوله المترين ، مليء بالعضلات و الشعر ، و ملامحٌ حادةٍ ، ذا يدين ضخمتين ، أحاط رقبتها بيديه، و بلفتةٍ صغيرة ، فرقعت رقبتها ، و اغُشي عليها من هذا الأسى .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 6 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

مُذكراتِ طبيبُ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن