شيطان القطار 2

151 12 17
                                    

.... عندما وصلوا إلى محطة القطار، كان الجو كئيبا و يشوبه قلق مشحون. كان العمال يتجولون، وكانت تعابير وجوههم متجهمة و متوجسة. كانت القطارات و السكك الحديدية هي الشاهد على استثمارات الأسرة التي اكسبتها تلك الثروة و المكانة المرموقة.

لم يكن والد هيميكو، هيساو، موجودًا في أي مكان، ومن المحتمل أنه كان متحصنًا في مكتبه، متجاهلاً الوضع كالمعتاد. قادهم هيروكي إلى منطقة منعزلة بالقرب من ضواحي المحطة حيث وجدت الجثة الأخيرة ، و بسرعة كبيرة تحلق حوله العمال القلقون و تمتم احدهم:" هيروكي ساما، هل نظرت في الأمر؟".

أومأ هيروكي برأسه مطمئنا و أشار إلى الهاشيرا الإثنين اللذين رافقاه و قال :" يمكننا أن نطمئن الآن، اختي الكبرى و أخي سوف يهتمان بالموضوع". ألقى العمال نظرة عليهما ثم أومأوا برؤوسهم ، إذ يبدو أن وجود رينغوكو الواثق و الهالة التي يبعث عليها قد منحهم بعض الثقة. و في سيرها كانت هيميكو منبهرة بالإحترام الذي يحظى به أخوها و الإهتمام الذي يوليه للعمال، إذ قدرت أنه سيكون مسؤولا أكثر من والدهما. لقد كبر فتاها الصغير.....

تقدم رينغوكو من السقيفة بروية و تبعته هيميكو هي الأخرى، مع أنها لم تكن تلبس زيها الموحد، إلا أنها كانت تحمل سيفيها . لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى يرفع هاشيرا اللهب رأسه و يعلن بصوت هادئ كي لا يسمعه سوى زوجته :" هناك أثر خافت لشيطان ، أ تشعرين بذلك؟" .

انحنت هيميكو و وضعت كفها المبسوطة على الأرض ثم حاولت أن ترى أي بقايا لروح شيطانية، كان الحضور خافتًا ولكن لا يمكن إنكاره. أومأت هيميكو برأسها، وشدّت يدها حول مقبض سيفها لا لشيء إلا لتشعر بالثقة. قالت بصوت يدل على الإطمئنان :" الحمد لله أنه ليس قمرا علويا ، إنه مجرد وغد ضعيف" ، لكن الضعيف في موازينهما لهو من أشد ما يرعب الناس العاديين.

كان الوقت لايزال مبكرا ، و لم يكن لدى هيميكو أية فكرة قد تخرج بها الشيطان من وكره ، لذلك قررا انتظار هبوط الليل.

_________________________________


كان الليل قد حل ، و قد قرر بعض العمال البقاء رغما عن إصرار قاتلي الشياطين على مغادرتهم، لذلك بقي هيروكي هو الآخر ليتأكد من سلامتهم. في وقت لاحق قام كوباياشي الأصغر بشراء عدة وجبات و قام بتوزيعها على الجميع . لما ألقت هيميكو نظرة على ما أحضر أخوها تنهدت في ضيق و قالت بلهجة طفلة مستاءة:" خسارة.... لقد كنت أريد أن أعد لك الرامن للغداء .... كنت سأعد لك أفضل رامن يمكن أن تتذوق في حياتك ، لقد حصلت على الوصفة من مختص حتى". ضحك رينغوكو لقولها و أجاب :" ربما عندما أزورك الأسبوع القادم ، أما الآن فالواجب ينادي".

كاد هيروكي يضحك من الحوار الظريف الذي يدور بين الإثنين ، و في الوقت ذاته استغرب من استمتاعهما الظاهر بالوقت في تلك الظروف ، إذ يتصرفان بشكل عادي و كأنه يوم اثنين اعتيادي أو ما شابه. و في سره أدرك أنه حقا الوضع بالنسبة لهما ، إنه الوضع الطبيعي لشخصين عاشا سنوات طويلة على قتل الشياطين ، زوجان لا يلتقيان سوى مرة في الأسبوع لأن واجباتهما تمنعهما من أن يحظيا بحياة طبيعية.

مواقف عائلية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن