التقته اول مرة عندما أحضره جدها إلى قصر العائلة، كان جدها مستعجلا لذا تركه في غرفة المعيشة حيث كانت تجلس مع كتب تكبرها سنا، رفعت عينيها السوداء إليه واقفا في مكانه بملابسه الغير مرتبة ينظر لها بزرقاويتيه نظرات خاوية و كأنه خرج من فيلم رعب، لكنها لم تفهم شيئا مما يحدث نظرا لصغر سنها، هي فقط رأت شخصا يكبرها ببضعة أعوام ربما قد يود مشاركتها في هوسها بالكتب لأنها كانت منبوذة من أطفال العائلة، فبينما كانوا يشترون الألعاب و يقضون أوقاتهم في المرح بين أرجاء القصر كانت هي تقضي كل وقتها بين الأوراق.. أعطته واحدة من ابتساماتها البريئة تنهض من مكانها بحماس.. مدت يدها له نية مصافحته
"مرحبا أنا روزاليندا و يعني الزهرة الجميلة.. حسنا ليس اسما مميزا لكن لا بأس أنا أحبه، على الأقل يعني شيئا أحبه.. قرأت كتابا عن الزهور و أساطيرها لقد أحببت ذلك حقا.."
أكملت ثرثرتها تخبره عن تلك الأساطير كأنه صديقها منذ زمن و ليس غريبا وقف أمامها لدقيقة فقط، حتى أنها لم تنتبه أنه لم يصافحها بل فقط أكملت حديثها و هي تشرح بيديها و ابتسامة جميلة على وجهها، بينما هو نظر لها كأنها من خارج هذا العالم، تبعتها زرقاويتيه و هي تعود الى مكان كتبها تحمل بين يديها أحدهم باللون الأزرق.. عادت لتقف أمامه تقدمه له بابتسامتها التي لا تفارقها، أمسك الكتاب يقرأ عنوانه 'كل الضوء الذي لا يمكننا رؤيته' هل عنوان الكتاب كان صدفة أم مواساة منها له دون أن تعلم ذلك أم أنه القدر الذي لا يعلم إن كان لا يزال يؤمن به، هذا ما جال في ذهنه تلك اللحظة، لكن قبل أن تشرح له عما يتحدث الكتاب و قبل أن تنبس بأي كلمة عاد جدها يمسك بيد الطفل يجره خلفه يتركها تنظر لهم بعبوس لقد ظنت أنهما سيصبحان أصدقاء لكن جدها يأخذ منها كل ما تحبه كأنه يفعل ذلك متعمدا، نفضت كتفيها بغضب طفولي تعود إلى كتبها كأن شيئا لم يحدث، لكنه حدث بالفعل، حدث أن صاحبة السبعة أعوام غيرت حياتها في تلك اللحظة..
التقته المرة الثانية بعد ثلاثة أعوام، كانت في الحديقة الخلفية تحاول الوصول إلى قطتها التي علقت فوق الشجرة، لكنها لم تستطع أن تتسلق الغصن الذي يفوقها طولا، و حين فقدت الأمل شعرت بحركة خلفها فاستدارت لتجد شابا أمامها ينظر لها بجمود، تلك العينين الزرقاء تعرفت عليهما على الفور لم تكن لتنساهم أبدا لكن الكثير من الأشياء تغيرت في تلك النظرات لم تستطع إدراكها، تجاهلت ذلك الإحساس المريب و على الفور ارتسمت ابتسامة واسعة على وجهها و بحماسها المعتاد تحدثت
"يا إلهي لقد كبرت حقا.. و لماذا أصبحت طويلا إلى هذه الدرجة.. هذا ليس عدلا فأنا أشرب كأس حليب كل يوم قبل نومي لكني لا أزال قصيرة.."
لم تسمع منه جوابا و لم ترى أي تعبير على وجهه لذا ظنته لم يتعرف عليها
"الم تعرفني.. أنا روزاليندا هل تتذكر عندما أتيت إلى القصر قبل ثلاث سنين"
أنت تقرأ
صامت
Romansaإبن عمها.. القاتل الصامت.. كان ينظر لها كأنها أكثر شيء يكرهه في حياته و أكثر شيء يود الحصول عليه.. كأنه يريد قتلها أو يموت من أجلها.