『الـسيـــد : The Master 』

8 0 0
                                    

"مُستوحـى مِـن أحداث حقيقية"
------------

أوه! مرحبًا... كيف الحال عزيزاي؟

..

ماذا؟! تشعران بالملل؟!.... أتريدان قِصـة؟؟؟

..

حسنًا، بالطبع.. أعني لما لا، فلنبدأ...

تنحيا جانبًا.. اجلسا على الأريكة القذرة هناك هيا.. استرخيا واستمعا للعد بهدوء، لايوجد فرق بين الشخص السيء والآخر الصالح هنا فالأرقام لا تُبالي..

واحد..

إثنان..

----------------

أعتذر أني سأقطع حبل تركيزكما عزيزاي.. فقط شعرت أنه يجب عليَّ إعلامكما عزيزاي أن هذه القصة أو الحكاية -أيًّا كان المُطلق عليها- التي سأقصها علىٰ مسامعكما الآن حدثت على أرضنا الواقعية بالفعل، فلنطلق عليها «م»..، ميم التي تسألانني لِمَ لم أفصِح عن اسمها هي زميلة أمي في المدرسة التي تعمل بها، والتي -بالمناسبة-
كانت مدرستي التي درست بها لفترةٍ وجيزةٍ من الزمن.

لقد تفرعت للكثير من التُرهـات والتفاصيل -كعادتي القذرة-

سأخوض في القصة مُباشرةً هذه المرة.. أصغيا إليَّ بانتباه... وكما جرت العادة في بداية كُلِّ عامٍ دِراسي يتوافد المفتشون باستمرار على المدارس للتأكد من سير الأمور على أكمل وجه، لم يكُن هناك ما يلفتُ الأنظار سوىٰ مُفتش المدرسة الجديد -والذي بدا عليه التدِّين نوعًا- والذي وبمجرد أن تقابل وجهًا لوجه مع السيدة ميم حتى تبدلت نظراته العملية الجادة لأخرى حانية... أو ربما مُشفقة...
نظراتٍ أثارت انتباه والدتي وبعض الزميلات، وما أثار الجدل أكثر هو سؤال المفتش للسيدة ميم بنبرةٍ حملت الكثير من الريبة والقلق قائلًا :

_"ابنتي.. أنتٌ بخير؟؟؟ هل أنتِ مُتعبة؟؟؟ "

وعلى العكس تمامًا بدت السيدة ميم في أوجِ عافيتها ولم تشكُ سابقًا مِـن أي مرضٍ أو ألمٍ وهذا ما أثار دهشة أمي وزميلاتها عندما أومأت السيدة ميم بالإيجاب دون حرفٍ واحد... فقط أومأت بصمت بعد أن زمَّت شفتيها بتحفظ.

.

.

.

.

.

والآن عزيزاي بعد أن نِلتُ نشوتي من عويناتكما اللتان تقطران فضولًا سأنتقل بكما عبر مشاهد الحكاية وسأتخطى بعد الجزئيات والتفاصيل التي لن تحتاجا لسماعها لنصبح الآن في أحد مكاتب المدرسة الفراغة سوى من السيدة ميم وأمي وذلك المفتش، بالإضافة إلى بعض زميلات العمل.

هناك حيث تقف أمي وزميلتها متقابلتان تقيدان معصميّ السيدة ميم بعنفٍ بالغ بعد أن ردد هذا المفتش كلماتٍ أثارت حنقها وفجرَّت مكامنه لتصُبَّ عليهم غضبًا جحيميًا لم يسبق وأن صدر من هذه المعلمة الرقيقة الودودة... ولأكن أكثر دِقةً وتحديدًا.. لم يكن هذا الغضب نابعًا من أعماق المعلمة المسكينة بل من شخصٍ آخر... شخصٌ أكثر سُخطًا وشرًا، شخصٌ تكفل بتدمير حياة المعلمة ميم وتنغيص منامها كل ليلة.. ومع استمرار المفتش في إلقاء كلماته استحال وجه السيدة ميم للسواد وانقلبت ملامحها لتبدو كأقبح مسخٍ يمكن لعقليكما تخيلاه وتطاولت أطرافها بصورةٍ بشعةٍ ومثيرةٍ للفزع... هذا بالطبع إذا تغاضينا عن صوتها الرقيق الذي استحال صوتًا قبيحًا للغاية، صوتًا أشبه بصوت كلبٍ ضال يكاد يصيب من يسمعه بالصمم إن ارتفع نباحه عن مستواه ولو مقدار ذرة.

انسحبت زميلات العمل تباعًا واحدةً تليها الأخرى فاراتٍ من هذا المسخ بعد أن فشلنَّ في احتمال صوت الصرخات الذي استمر في التعالي لتخلو الغرفة سوى من السيدة ميم والمفتش الذي ظل يستفز الكيان القابع بداخل السيدة ميم ليستمر بالصراخ وتتبعثر كلماته غير المفهومة هنا وهناك قبل أن تبدأ ألسنة اللهب في التصاعد من أصابع قدمي السيدة ميم المسكينة التي ظلت عيناها تذرفان الدمع الحارق الذي شق طريقه على صحراء وجهها القاحلة فزادته سوادًا وظلمةً تفزع الناظرين، واستمر المفتش في المواجهة ببسالة رغم تطاير الأشياء من حوله وتقاذفها في كل الإتجاهات حتى أُصيبَ بشيءٍ ما على مؤخرة رأسه ليخر على الأرض مُتخبطًا في دمائه التي سالت بغزارة فيتوقف مُرغمًا عن تلاوة كلماته ويخر جسد السيدة ميم في ثُباتٍ عميق بعد أن دوت صرختها العالية التي هزت أركان المدرسة لتتدافع زميلات أمي بالدخول مرةً أخرى ليصعقن من هول المشهد...

ماذا؟

تريدان استكمال ما حدث؟.. إذن اسمحا لي أن أرسم ابتسامةً خبيثة وأتذوق لذة فضولكما الذي أجزم أنه سيكون سبب هلاككما يومًا ما...

انتقلت زميلات أمي إلى رحمة الله جميعهن.

لا أتذكر كيف مِتنَّ جميعهن في الواقع... إحداهن التهمها حريقٌ نشب لأسبابٍ مجهولة في البناية التي تقطن بها مع أسرتها، وأخرى التهمتها سيارتها على الطريق السريع بعد تعطل المكابح فجأة، وأخرى عثروا على جثتها مُلقاةً علىٰ قارعة أحد الطُرق..
كل هذا في أسبوعٍ واحد..

..

السيدة ميم؟؟؟ لم يعثر أحدٌ عليها حتى الآن ولا يُعرَف طريقٌ لها... وبعد اختناق عائلتها كاملةً بالغاز لم يعد هناك من يبحث عنها.

..

ماذا؟؟ المفتش؟؟؟
بعد أن ظل راقدًا في ثباته لمدةٍ تجاوزت الثلاثة أشهر دوت صرخاته الهستيرية في المشفى بعد أن انقطعت الكهرباء فجأة!
وتواصلت صرخاته حتى وجده الأطباء قد غاب عن الحياة بعد توقف قلبه.

لا لا عزيزاي، لم يعُد هناك المزيد.. انتهت القصة هنا،..
أو مَ ن يدري؟، لعلها لم تنتهي بعد... لا أحد يعلم.

------------------

-مَليكـة مجْـدي إبراهيـم.
#عـروس_الحكايات

عــروس الحـكاياتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن