لطالما كانت تجذبني حماستك بالحديث عن التاريخ ، السياسة او الأدب . كيف يستمر نقاشنا لساعات حول رواية قرأناها تعرف ما يريد الكاتب قوله وما لا يريد ، كنت ذكياً وفصيحاً ، انت كنت شخصاً تفضل ألا يقترب الغريب منك ليتصفح حزنك ، لا تحب من يعبث بجرحك وهو يعرض المداواة ، حتى الاطباء لا تثق بهم ، رجل عنيد مثلك يفضل ان يعض على شفتِه ويخيط جرحه بنفسه ويمضي ، تكره ان يشفق عليك احدهم ، يظن نفسه افضل منك ، انت تكره المواعظ ايضاً ، هؤلاء من يحسبون انفسهم يعرفون اكثر من غيرهم ، لم اكن اعرف متى تكون حزيناً ومتى تكون سعيداً كنت دائم الهدوء وملامحك مُحايدة تلك الابتسامة على وجهك لا تعني شيئاً اذ تبتسم للناس مجاملة كي لا تقابلهم بالعبوس لا استطيع ان اعلم بماذا تفكر او تحس وذلك الغموض منحك جاذبية كي اقع في شباكك .
لقد عرفتني امك بالمصادفة ، عندما اتصلت باختك لانك اغلقت هاتفك لمدة ثلاث ايام ضغطت عليك امك لتعرف من اكون كنت محرجا من الاعتراف وقلت عرفتها من الانترنيت واسمها بسمة سألتك امك من وين ؟ ادرت ظهرك لتغادر البيت وقلت بسرعة من نابلس .
قالت لي اختك كنت لاتخيل اي رجل يحب فتاة من نظرة واحدة وتعرّف عليها عبر الهاتف والانترنت الا اخي !
كل يوم يمر ادرك كم فيه اجهلك ! انت تشبه جبلاً يبدو قريباً لكن كلما ركضت نحوه اكتشفت انه ليس بالقريب الذي يبدو عليه !..
اتصلت بي الساعة الحادية عشرة مساءً تكلمنا طويلاً حتى مطلع الفجر كنا نتبادل الحب واطراف الحديث
في اليوم التالي ارسلت لك عندما استيقظت : اشتقت لك حبيبي ماذا تفعل في يوم الجمعة مرت خمسة ساعات ولم ترد على رسالتي استغربت وقلت ربما انشغل في امر ما مر اليوم الاول والثاني والثالث وانا قلبي يحترق شوقا وخوفا ارى انك متصل لكنك لا ترد على رسائلي ولا مكالماتي مر اليوم الرابع والخامس وها قد مر اسبوع دون ان ترد عليّ !
قلت لي يوماً : ( لاشيء في هذا العالم بوسعه ان يبعدني عنك الا الموت )
فَما الذي حَصل الآن ؟
اجبني بربك
لماذا توقفت فجأة عن مراسلتي ؟ اتخيلك قد اسرت ووضعت في زنزانةٍ انفرادية ، واحيانناً اقول لنفسي ربما عمداً لا تراسلني لأنك تخطط لتركي !
..انتهت صلاحية رسائلي ، اصبحت ثرثرة معلبة لامرأةٍ يقول لها حبيبها في صمتهِ : ما عدت اريدك .
مر شهر كامل ، وها انا أخسرك شيئاً فشيئاً دون ان افهم كيف او لماذا ؟
من انت ؟ انا لا أعرفك .. لست انت من قلت لي أنك تُحبني ، ولا الذي يخبىء صورتي في هويته !
حتى افراد عائلتك يرفضون مخاطبتي ، وهذا لا يعني سوى أنها مؤامرة منك ، كل هذا .. وهل أكرهك ؟
لا اريد ان اعرف اكثر من انك بخير ، كل من احدثه عنك يشفق عليّ ، اقول لهم سبب حزني ، يعرضون عليّ حل النسيان ، يريدونني ان اطردك من ذاكرتي ببساطة !
الذاكرة ليست خزانة نفرغ منها الحاجات الزائدة لنرميها في قمامة النسيان ، ما يعلق في الذاكرة يلتصق بها ، هناك من الاحباء كي تنساهم عليك ان تفقد ذاكرتك كلها .
قل لي كيف انت ؟ هل اخطر ببالك ؟ كاذب ان نفيت . .
..
حسناً قد تكون الرسالة الأخير .. قد يكون خلاصاً لكلينا ! او ربما كان من الافضل ان يكون ما أردته ، اول رسالة هي آخر رسالة بدلاً من العتاب والعذاب ، فليكن ، سأخرس للابد لن تقرأ رسالة واحدةً مني بعد اليوم !
سأختفي من حياتك لأكون مجرد كائنة رأيتها مرة وتعرفت عليها على الانترنت ذاتَ ساعة ملل .
اختك لم تعد تستخدم الانستغرام وامك غيرت رقم هاتفها لا بد انك من اوصيتهم بقص التواصل من الجذور كي اتوقف عن الحديث معك ، كيف استطعت ؟ كيف لم تستوعب أيها الأحمق .
..يبدو أننا لن نلتقي ابداً في (الحقيقة) ، لست بعيداً جداً في (الواقع) انت ابعد بكثير ، ان المسافة التي تفصلنا عن بعضنا بعضاً على الأرض لا تقدّر بغير عشراتِ الكيلومترات ، في وطن حر لن يلزم شاب من القدس سوى ساعة من الزمن الى نابلس ويقابل حبيبته !
تأمل ما آلت اليه علاقتنا ، كل ذلك الحب العظيم أراه يتضائل يوماً بعد يوم ، فقط ردّ عليّ وقلها ، ما عدتُ أحبك ، وارحل ! سأكون بشجاعتك وأتحمل اعترافك ، لن اناقشك في مشاعرك ، فالمشاعر لا تناقش ، أعدك انني لن أبكي ولن اثرثر ، سأغلق ذلك الحساب الى الابد وأغير رقم هاتفي واتوقف عن مراسلتك ، ببساطة سأختفي من حياتك كما يختفي الموتى .
هل ما زلت تحبني ؟ سؤال اطرحه على نفسي كل يوم ، وأجيب ربما .
الحب يتسرب من قلبك كل يوم ، يوماً ما سأكتشف ان قلبك اصبح فارغاً مني .
..
ما الذي فعلته ، اي الرجال انت ؟ لا اصدق انك الرجل الذي احببت ، كلا انت لا تستحق عناء انتظاري ، كان ممكناً ان تنهي قصتنا بشجاعة ! قلت لك كن رجلاً وقلها !
..
احتمال اسرك لم يخطر ببالي مرة اخرى ، وتسائلت ماذا لو أن مكروهاً اصابك ؟ وكل هذه الظنون كانت باطلة ! اتصلت بأخيك ويا ليتني ما اتصلت ، نعم لقد ردت أمك عليّ ، امك لئيمة وبلا قلب يا محمود ، كم كانت مذلة تلك المكالمة حتى امك تغيرت ! ، سألتها عن حالها اولاً اجابتني بـ ( الحمد لله) سكتت لتضيف بتكلّف وانتِ قلت بخير ، وسارعت بالسؤال عنك اضافت ببرود ( محمود بخير تخافيش عليه ! بس بعرفش ايمتى برجع انتبهي لحالك يا حلوة ، طيب ؟ )
انهت الاتصال ! كما لو أنني كنتُ أحدثها منذ ساعة وانا التي لم آخذ من وقتها دقيقتين ، شعرت بنفسي مزعجة ، فتاة غير مرغوب بها ، لا شك انك اوصيتها كي تعاملني هكذا ، وهي نفذت وصيتك .
ما زلت حياً هذا كل ما استنتجته من كلام ولادتك ، ليتك فارقت الحياة ومُت لتحافظ على نظرتك في عيني بدلاً من هذه الخيبة المُرة .
انا غيرهن كنت ولا زلت مختلفة ، وجهي ، ملامحي ،صوتي،رائحتي، وحتى حُبي .
لا أنا هُن ولا هُن أنا
هناك الأفضل أعلم ، هناك الأجمل
ولكنك لو بحثت عمراً فوق عمرك لَن تجد فيهنّ "طيفي"
لا جَرت السفن بما نشتهي ولا الرياح بما نهوى ولا الحب سرى كما يشتهي الفؤاد ولا نعلم ما الآتي ، لكن أقول لك ، كنت مستعدة على المحاربة لاجلك لكن لم يكن المكان مكاني ولا الساحة ساحتي ، ولا انت لي !انتَ جرحٌ حديث في الذاكرة ، اليوم ينزف ، غداً يلتئم ، وبعد غدٍ أقشره ليتلاشى أثره بالنسيان .
أكرهك !هل يختفي الانسان فجأة ؟ دون وداع ، دون شجار ، دون دموع تذرف حزناً على الغياب ؟
-نعم-
